على رغم الأرقام المعلنة المتضاربة لنتائج الانتخابات العامة التي أجريت في 30 نيسان الماضي، ونفي مفوضية الانتخابات المستقلة تلك الأرقام، فان أكثر نتائجها الأولية غير الرسمية تشير الى تقدم نسبي لزعيم ائتلاف "دولة القانون" ورئيس الوزراء نوري المالكي في أكثر محافظات وسط وجنوب العراق ذي الغالبية الشيعية على منافسيه، ممثلين بائتلاف "المواطن" بزعامة السيد عمار الحكيم، وتيار الاحرار الصدري والقوائم المؤيدة له. وأياً يكن عدد المقاعد التي يتفوق بها المالكي على منافسيه، فان ذلك ليس كافياً لضمان فوزه بولاية ثالثة في رئاسة الوزراء.
ويرى مراقبون أن المالكي في حاجة الى ما يشبه "المعجزة" لتحقيق ذلك، وخصوصاً مع تفسير المحكمة الاتحادية عام 2010 مفهوم "الكتلة الأكبر" الذي اعتبر انها الكتلة المؤلفة داخل مجلس النواب وليس الفائزة بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات. لذلك، فان ائتلاف "دولة القانون" بزعامة المالكي عاجز عن إعلان فوزه النهائي حتى مع حصوله المفترض على أكبر عدد من المقاعد النيابية.
الى ذلك، فان طبيعة نظام التوافق السياسي والتمثيل النسبي الذي انتجته حقبة ما بعد الاحتلال الاميركي عام 2003، صمم بطريقة صارمة بحيث لا تتيح لطرف، اياً يكن عدد المقاعد النيابية الذي حصل عليها، التفرد بتأليف الحكومة. فإذا تمكن المالكي مثلا، من الحصول على ما بين 80 و 100 من مجموع المقاعد الـ328 لمجلس النواب، سوف يكون يف حاجة الى غالبية الثلثين (219 مقعداً) لاختيار رئيس الجمهورية في دورة الاقتراع الاولى وغالبية النصف زائد واحد (165) في دورة الاقتراع الثانية في حال عدم الاتفاق في الدورة الاولى، وهو العدد نفسه الذي يحتاج اليه التصويت على منصب رئيس وأعضاء مجلس الوزراء.
وحتى لو حصل على مقاعد "الثلث المعطل" (109 مقاعد)، يستطيع خصومه، ان أرادوا، تجاوز ذلك. فهم عملياً في حاجة الى 165 مقعداً فقط لتمرير منصبي رئاستي الجمهورية والوزراء.
ولعل كل ذلك تفرضه المعطيات على الأرض، وخصوصاً مع وجود "شبه اجماع" بين الكتل المختلفة، سواء داخل البيت الشيعي، او في اوساط الكتل الكردستانية والعربية السنيّة، على حرمان المالكي ولاية ثالثة. بيد ان ذلك لا يقلل اهمية العامل الدولي والاقليمي، فالمالكي تمكن خلال انتخابات 2010 من خطف الولاية الثانية على حساب غريمه اياد علاوي بمساعدة ودعم اميركي- ايراني.
ومن غير الواضح حتى الآن ما هي طبيعة تحركات الدولتين حيال رئاسة الوزراء المقبلة، الا ان كثيراً من التكهنات يربط بصورة قطعية وضع العراق من جهة وأوضاع المنطقة العربية وخصوصاً في سوريا ولبنان، وهناك من يشدد على ان قضية اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل، تمثل محور الربط بين ملفات الدول الثلاث.
https://telegram.me/buratha