بعد شهرين من صدمة تفجير جسر الصرافية، احد أشهر معالم بغداد، تقترب هيئة الطرق والجسور العراقية من اعادة تشييده، معلنة ان الجسر سيعود كما كان بعد 6 أشهر. وبحث مهندسون عراقيين في بغداد ولندن أمس اعادة اعمار الجسر وافضل الطرق التي يمكن اتباعها للمحافظة على تصميم الجسر الذي ترسخ في ذاكرة العراقيين منذ عقود مع الاستفادة من التقنيات الهندسية الجديدة. وربطت الاقمار الصناعية بين المشاركين في «مؤتمر دعم إعادة اعمار جسر الصرافية» في بغداد ولندن أمس. واتفق المشاركون على ضرورة الاحتفاظ بالتصميم القديم بسبب أهميته التاريخية منذ تشييده عام 1951. ومن الملفت ان عملية إعادة اعمار الجسر اعطيت لجهات عراقية والتصنيع والتصميم لوزارة الصناعة العراقية التي تستخدم ثلاث شركات عراقية لإنجاز عملها، من دون تدخل خارجي.
وأعلن المهندس المقيم لإعادة إعمار جسر الصرافية من وزارة الاعمار والاسكان بهاء ناجي ياسين، ان العمل على إعادة اعمار الجسر بدأ منذ شهرين ومن المتوقع ان يكتمل بعد ستة اشهر. وأضاف ان الحكومة العراقية اهتمت بالجسر و«خصصت له ميزانية مفتوحة»، مؤكداً ان تشييده سيتم بغض النظر عن التكلفة التي مقدرة حالياً 17 مليون دولار اميركي. ولكن حذر ياسين وعدد من الحضور من ان مسألة الوقت في العراق غير مضمونة بسبب الاوضاع الامنية المتقلبة في البلاد، على الرغم من الجهود المبذولة للانتهاء من العمل على الجسر خلال ستة أشهر. ولفت ناجي الى ان سياسة تفجير الجسور من قبل المسلحين ليست جديدة، موضحاً ان اول هجوم كان في مارس (آذار) 2003 على الطريق العام للحدود العراقية ـ الأردنية. وأضاف انه خلال ذلك الشهر، استمرت عمليات التفجير ضد 7 جسور في الطرق السريعة، قبل ان تنتقل الى الجسور داخل المدن. وأضاف ان عملية تفجير جسر الصرافية «كانت محكمة من حيث مكان التفجير، فكان دقيقا جداً وادى الى اكبر ضرر ممكن». وتابع ان الجسر مكون من ثلاث مسلمات بأبعاد 103 أمتار و4 فضاءات طولها 107 أمتار، وان الجهة الاقرب الى الرصافة تعرضت للضرر الاكبر. وقال ياسين ان عملية إعادة الاعمار ترافقت مع وضع جسر مؤقت للطوارئ تبنته شركة «آشور» الذي سيكون جاهزاً الاسبوع المقبل. وشارك مع ياسين في إلقاء كلمات في لندن فايز يحيى فليح من وزارة الصناعة العراقية والبروفسور حسن النجم من جامعة ليفربول ومؤسس «جمعية الكندي» داوود حسن، وحضر المؤتمر العشرات من المهندسين العراقيين المقيمين في بريطانيا. من جهة أخرى، شارك مهندسون وطلاب هندسة في المؤتمر في مقر قناة «العراقية» في بغداد، بينهم مختار اسماعيل رئيس شركة «الفاو» الملكفة بناء الجسر. وتعمل شركة «الفاو» الآن على رفع الأنقاض من الجسر. وشرح اسماعيل أن «الوزن الذي في النهر يصل الى 1200 طن من الحديد الذي يحتاج الى طوافات جلبت من كافة مناطق العراق. وبدأ العمل على رفع الهياكل وتقطيعها خارج الماء».
وشرح فليح ان وزارة الصناعة بدأت بعملية تصنيع الأجزاء الحديدية منذ 2 مايو (ايار)، وان ثلاث شركات عراقية في بغداد والبصرة والاسكندرية تعمل على تصنيع الاجزاء الحديدية للجسر الجديد. وأضاف فليح الذي كلفت وزارته بالتصنيع والنصب لـ«الشرق الاوسط» ان الشركات الثلاث تكرس جهودها كلها للانتهاء من التصنيع بحلول 1 اغسطس (آب)، مما أدى الى ترك بعض مهماتها التقليدية. وقال فليح ان وزارتي الدفاع والداخلية تؤمن موقع الجسر لحماية العاملين عليه، وان موقع الشركات الثلاث الصناعية محمية ايضاً. وأضاف: «نترك الجانب الامني لوزارتي الدفاع والداخلية، مسؤوليتنا انجاز عملنا، والبعض يلجأ الى النوم في الوزارة او الموقع بسبب المخاطر في التجول». من جهته، قال مدير جمعية الكندي محمد الدراجي، إن فكرة المؤتمر «ولدت يوم التفجير»، التأخر بتنظيمه بضعة اسابيع كان بسبب الحرص على تحضير اوراق المؤتمر من قبل المختصين. وأضاف ان الهدف من عمل جمعيته «تحسين العلاقات العامة» للمهندسين العراقيين وإعادة علاقاتهم مع العالم بعد سنوات من الانقطاع، بالإضافة الى «استخدام الكفاءات العراقية في الخارج لتدريب الكفاءات في العراق».
وفي نهاية المؤتمر، اطلقت «جمعية الكندي» مسابقة لأفضل تصميم لنصب تذكاري يصنع من ركام الجسر. وقالت نهلة كثير، وهي من اللجنة المنظمة للمؤتمر ان «المسابقة فنية وهندسية، وعلى الفائز ان يقدم أفضل عمل ونرسله بدورنا الى الحكومة العراقية للنظر به».
https://telegram.me/buratha