حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الاثنين، الحكومة العراقية على مواصلة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع التظاهرات في البلاد، وفيما شجع بـ"قوة" على إجراء "تحقيقات شفافة في إدعاءات" وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، أهاب بضرورة التوصل إلى اتفاق تقاسم "السلطة والثروة" بين بغداد وإقليم كردستان، مطالباً العراق بتطبيع العلاقة مع الكويت والوفاء بكافة التزامات الخروج من الفصل السابع دون مزيد من التأخير.
وقال كي مون في تقريره الفصلي والذي قدمه إلى مجلس الأمن في (12 آذار الجاري) ، إن "هناك قلقاً يساورني من تعاظم التوتر في العراق، ولاسيما منذ بدء الاحتجاجات في المنطقة الغربية من البلاد" .
وشدد على ضرورة أن "تواصل الحكومة العراقية مواصلة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين"، مناشداً المتظاهرين بـ"الحفاظ على السبل السلمية".
ورحب كي مون في تقريره الذي يقدم إلى مجلس الأمن كل ثلاثة أشهر، بتشكيل لجنة مشتركة بين الوزارات للنظر بمطالب المتظاهرين، معرباً عن أمله في "تنهي اللجنة استعراضها بسرعة لمطالب المتظاهرين وفقاً للدستور ومقتضيات سيادة القانون".
وناشد جميع أطراف الأزمة العراقية بـ"تكثيف الجهود لإيجاد حلول للمسائل السياسية والتشريعية والقانونية التي طال أمدها، من خلال الحوار الجاد وبروح قبول الحل الوسط والمرونة في المواقف".
يذكر أن محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى وبعض مناطق بغداد تشهد، منذ (25 كانون الأول 2012)، تظاهرات شارك فيها علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولون محليون، للمطالبة بإلغاء قانون المساءلة والعدالة والإرهاب وإقرار قانون العفو العام وإطلاق سراح سجينات ومعتقلين، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة، فيما خرجت بالمقابل، تظاهرات في المحافظات الجنوبية وفي بعض مناطق بغداد تؤيد حكومة المالكي وتدعو للوحدة الوطنية كما ترفض إلغاء قانون المساءلة والعدالة والمادة الرابعة من قانون مكافحة "الإرهاب".
وأعرب كي مون عن قلقه إزاء ما وصفه بـ"بغياب بعض جوانب إقامة العدل في العراق، وعدم احترام الإجراءات القانونية الواجبة، وبعض القصور في الوفاء بمعايير المحاكمة العادلة"، مضيفاً أن "هناك تقارير ترد عن تعرض السجناء والمحتجزين إلى الاعتداء وسوء المعاملة، وصعوبات تجابه النساء عند تعاملهن مع نظام العدالة الجنائية".
وشدد على ضرورة إن "تقوم الحكومة العراقية بإجراء تحقيقات فورية وبصورة شفافة في الادعاءات بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان"، مطالباً الحكومة بـ"ضمان الاحترام الكامل للإجراءات القانونية الواجبة وفقاً للدستور ولالتزاماتها بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكفالة التحقيق التام في حالات الاعتداء وسوء المعاملة المزعومة، وإخضاع المسؤولين عن تلك الأعمال لطائلة المساءلة الكاملة".
وأبدى كي مون قلقه من "استمرار تقّلب العلاقات بين بغداد وحكومة إقليم كردستان"، داعياً إلى "استئناف الحوار بينهما لإيجاد حلول قوامها الاحترام المتبادل والنظام الاتحادي استنادا إلى الدستور".
ونبه إلى ضرورة وجود اتفاق بين بغداد والإقليم بشأن "تقاسم السلطات والموارد بصورة شفافة وخاضعة للمساءلة لكفالة زيادة الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والرخاء للجميع"، مبيناً انه "ليس هناك ثمة بديل للتعايش السلمي في العراق الاتحادي المتحد".
وكان وفد مثل أحزاب سياسية بإقليم كردستان العراق قد زار مطلع تشرين الأول الماضي، العاصمة بغداد واجري محادثات مع رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة وقادة الكتل السياسية بهدف حل الخلافات والمشاكل العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية.
وعبر كي مون عن ارتياحه لـ"التقدم المتواصل نحو التطبيع الكامل للعلاقات بين العراق والكويت"، معرباً عن أمله في إن "يفي العراق بجميع التزاماته المستحقة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون مزيد من التأخير" .
وطالب بغداد على الفور بـ"إكمال عملية إزالة جميع الحواجز بين الأعمدة الحدودية ليتسنى الانتهاء في الوقت المناسب من تنفيذ مشروع صيانة الحدود بين العراق والكويت"، مشجعاً حكومتي العراق والكويت "التعجيل بإقامة آلية ثنائية لصيانة الحدود لاستلام مسؤولية الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن 1993".
وحث على ضرورة أن يوافق العراق على اقتراح مجلس الأمن إطلاق تعويضات للمواطنين العراقيين المتضررين من ترسيم الحدود بين البلدين في اقرب وقت ممكن، فضلاً عن تسوية مسألة عودة المواطنين الكويتيين والمنتمين إلى بلدان ثالثة، وممتلكاتهم في الوقت المناسب.
وكانت قوات حرس الحدود العراقية قد طلبت قبل أسبوعين من بعض المواطنين في ناحية أم قصر الساحلية إخلاء بيوتهم لغرض هدمها كونها تقع ضمن مسار أنبوب معدني لترسيم الحدود تعتزم وضعه الحكومة الكويتية، وقد اعترض سكان الناحية على الإجراء، وطالبوا الحكومة بعدم التفريط بمزيد من الأراضي العراقية، كما طالبوها بتوفير سكن بديل لهم في حال إصرارها على إخلاء وهدم بيوتهم، وعندما باشرت شركة متعاقدة مع الحكومة الكويتية بمد الأنبوب بين الدعامة رقم 104 والدعامة رقم 105 انتفض سكان الناحية وحاولوا منعها من العمل، فيما قامت قوات حرس الحدود العراقية وقوات حرس الحدود الكويتية بإطلاق النار بكثافة لتفريق المحتجين.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي أصدر عام 1993 القرار رقم 833 الذي يقضي بترسيم الحدود بين الكويت والعراق، والممتدة بطول نحو 216 كم، وأدى تطبيق القرار بشكل جزئي بالاعتماد على مقررات اتفاقية (خيمة سفوان) المبرمة عام 1991 إلى استقطاع مساحات واسعة من الأراضي العراقية وضمها إلى الأراضي الكويتية، بحيث زحفت الحدود الكويتية على عشرات البيوت والمزارع العراقية في ناحية سفوان، كما أن منطقة سكنية كانت تقع في ناحية أم قصر أصبحت منذ منتصف التسعينات تقع بأكملها ضمن حدود دولة الكويت، والتي قامت حكومتها بتدمير المنطقة بشكل كامل لإفساح المجال لقوات الحدود للممارسة عملها بلا معوقات، وطالت عمليات الهدم عشرات البيوت ومدرسة ابتدائية ومسجداً وسوقاً شعبية.
وقد أعترض الكثير من المسؤولين العراقيين عقب سقوط النظام السابق في عام 2003 على استكمال إجراءات ترسيم الحدود البرية بين البلدين وفق القرار رقم 833، باعتبار أن القرار فرض على العراق تحت الضغط الدولي وفي ظروف غير اعتيادية. وفي عام 2005 تعرضت الحكومة العراقية إلى إحراج شديد عندما هاجم العشرات من أهالي ناحيتي سفوان وأم قصر شركة أجنبية كانت تتولى مد أنبوب لترسيم الحدود البرية، وقد أدت تلك الاحتجاجات وما صاحبها من قصف ليلي بقذائف الهاون إلى إيقاف العمل في المشروع قبل إنجازه، فيما تسعى الحكومة الكويتية حالياً إلى إنجاز المشروع بعد حصولها على ضوء أخضر من نظيرتها العراقية.
https://telegram.me/buratha

