فتح ابراهيم الجعفري زعيم التحالف الوطني، الباب مجددا أمام عودة السياسيين الكرد الى المفاوضات المنقطعة بعد تمرير الموازنة من دون توافق، داعيا الى إيجاد صيغة توفق بين مبدأي التوافق والعمل الديمقراطي القائم على رأي الأغلبية.
وفيما شدد على عدم تعثر ستراتيجية العلاقة مع التحالف الكردستاني، بسبب تشريع أو قانون واحد، أكد ان الأخير رفض حلا توافقيا توصل له الطرفان لحل أزمة الشركات النفطية، إلا أن قياديا كرديا أكد "اهتزاز" العلاقة مع الوطني منذ أكثر من عام، وأن إقرار الموازنة للمرة الاولى منذ 7 سنوات من دون توافق عمق الأزمة، مقرا برفض اقتراح الوطني لتسوية الأزمة، غير أنه عاد واتهم دولة القانون برفض مقترح جديد بادر اليه التحالف الكردستاني بهذا الخصوص.
وفي الوقت الذي كشف فيه مصدر مطلع عن قيام نوري المالكي رئيس الوزراء قبيل التصويت على الموازنة بارسال رسالة سرية الى مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان، عبر نائب الأول روز نوري شاويس، يحثه فيها على الموافقة على الموازنة، ذكر ان بارزاني رفض المقترح لعدم ثقته بوعود المالكي.
في حين، أبدى قيادي بائتلاف دولة القانون مرونة فيما يتعلق بدفع مبالغ الشركات النفطية، نافيا أية نية لاستهداف الكرد من خلال اقرار الموازنة.
وقال إبراهيم الجعفري زعيم التحالف الوطني، "نستطيع الآن أن نوفق بين أسلوبين في إدارة العملية السياسية، وهو أن لا نكون مع النظرية التوافقية المطلقة، ولا نقفز عليها بطريقة حالمة ونلغي الشراكة، فهذا بحاجة الى وقت لكي نتجاوزه".
وأضاف الجعفري "كنا حريصين جدا على ان نحافظ على العلاقة الاستراتيجية بين الكتل، وهذه العلاقة الاستراتيجية لا يمكن ان تتعثر بتشريع واحد او قانون ودورة برلمانية واحدة، وإلا فإن هذه لا تسمى استراتيجية، ولا وجود لقادة استراتيجيين".
وشدد "انا من خلال وسيلتكم الاعلامية هذه أوجه خطابا لكل السياسيين، بأن يرتقوا الى الحجم الاستراتيجي في الانجاز، وألا يتعثروا بالامور الجزئية، فالود موجود بين الجميع، فكما هو موجود لدى الاخوة الكرد، هو موجود لدى الاخوة في العراقية، والتحالف الوطني، ونحن جادون في الحفاظ على هذه القضية".
وتابع "نحن حرصنا أشد الحرص قبل الذهاب للتصويت، على أن نقرب بين الاخوة، حيث جلس في بيتي الأخوة في التحالف الكردستاني والتحالف الوطني، ولأن القضية كانت لها علاقة بالملف النفطي، فاني استدعيت وزير النفط، وقضينا وقتا طويلا، وافق خلاله الطرف الكردي في حينها على مقترح تعديل، لكنه استأذن، وقال سأراجع القيادة في إقليم كردستان قبل إبداء الرأي أو إعلان الموافقة، ثم جاء الجواب سلبيا ورفضوا المقترح".
وأشار الجعفري الى أن "القضية الآن جاءت الى البرلمان، وهو بيت الشعب، فماذا نقول عندما يصوت مجمل أعضاء البرلمان على هذا القرار، فنحن لا نستطيع ان نسحق هذا الخيار"، موضحا "ولو فرضنا ان البرلمان لم يصوت على هذا القانون الهام، فاننا لن نزعل على السادة النواب، لان من مهام البرلمان التصويت على القوانين".
من جهته، ذكر محسن السعدون القيادي في التحالف الوطني وأحد اعضاء الوفد المفاوض، أن "الأزمة بين إقليم كردستان، والحكومة الاتحادية لم تحل حتى الان، وما تزال المشاكل عالقة بين الطرفين، إضافة الى المشاكل الاخرى التي تتعلق ببقية الكتل".
ونوه السعدون الى أن "الموازنة ولأول مرة منذ سبع سنوات تمرر من دون توافق، والتوافق أمر ضروري في مسألة الموازنة، لأنها مسألة استحقاقات شعبية لكل الشعب العراقي، لا لكردستان فقط"، مبينا "فعندما تمرر الموازنة بهذه الطريقة رغم الاجتماعات والمقترحات العديدة التي شهدت اصرارا من قبل دولة القانون وبالذات رئيس اللجنة المالية على رفضه قبول أي مقترح وأي تعديل على بعض بنود الموازنة والذهاب الى التصويت دون حضور أي نائب من الكتل والاحزاب الكردية، فهذا مؤشر على الذهاب الى خيار مركزية الدولة، والغاء الشراكة، والغاء الاخرين، وعدم الاعتراف بالتوافق الوطني في العملية السياسية". وبخصوص العلاقة الستراتيجية مع التحالف الوطني، أكد أنها "كانت مهتزة في الفترة الماضية، ولم نشهد أي تطور نحو بناء علاقات متينة، منذ أكثر من سنة، وأضيفت الى هذه الازمات الآن أزمة الموازنة، فصار الوضع بحاجة الى وقفة وتشاور"، لافتا "أنا كنت احد اعضاء الوفد الذي حضر مباحثات منزل الدكتور الجعفري، فعندما توصلنا الى صيغ ومقترحات من قبل التحالف الوطني وعرضناها على القيادات في اقليم كردستان قدمنا مقترحا يشبه مقترح التحالف الوطني، لكنا عدلنا عنه، وقدمنا مقترحات اخرى، وتم رفضها، من قبل دولة القانون، وليس من قبل مكونات التحالف الوطني الاخرى". وفي هذا الشأن كشف مصدر مطلع لـ"العالم" أمس، بأنه "وبعد تعثر المفاوضات (في منزل الجعفري) اجتمع رئيس الوزراء نوري المالكي بنائبه الكردي روز نوري شاويس للتوصل الى اتفاق بشأن تمرير الموازنة، وتعهد المالكي خلال الاجتماع، لشاويس بحل الامور العالقة وتسويتها فيما بعد لانها تحتاج الى وقت طويل، مناشدا كتلة التحالف الكردستاني بتمرير الموازنة ومن ثم استئناف المفاوضات بشأن مستحقات الشركات النفطية التي بقت عالقة"، مضيفا أن "المالكي اكد لشاويس بان اطرافا في القائمة العراقية تنوي تعطيل الموازنة للضغط على الحكومة وتأجيج الشارع شعبيا بهدف اضعاف الحكومة وتقوية الاعتصامات والتظاهرات التي تشهدها عدة مدن في البلاد".
وتابع المصدر أن "شاويس حمل الرسالة الى رئيس الاقليم مسعود بارزاني الذي رفض بدوره المقترح، وقال انه لا يؤمن بالضمانات التي يقدمها المالكي، لانه نكث الكثير من الوعود، وتنصل عن الكثير من الضمانات". بدوره نفى سامي العسكري القيادي بائتلاف دولة القانون "وجود اتفاق ضد التحالف الكردستاني، ولا أي استهداف، لكن الامور بلغت حدا ان الاستمرار بالنقاشات لن يوصلنا الى حل ولا يغير القناعات"، موضحا أن "لدى التحالف الكردستاني قناعة بان مستحقات الشركات النفطية يجب ان تضمن في الموازنة، والتحالف الوطني يرى ان هذا التضمين غير صحيح، فلم يكن هناك خيار سوى اللجوء الى التصويت، وعقدت الجلسة وتم التصويت وهم لم يكونوا حاضرين، ولم يكونوا مستهدفين، لا هم ولا غيرهم".
وذكر العسكري في اتصال مع "العالم" أمس، بأننا "تعودنا على مثل هذه الخلافات، وستكون هناك تسويات وترضيات كما حدثت في السنوات الماضية، وسيكون هناك توضيح بانهم غير مستهدفين".
وختم كلامه بالقول ان "القضية الاساسية تخص مبالغ الشركات النفطية، وان الفقرة التي اقرت في الموازنة بهذا الخصوص لم تدفع عنهم هذا الحق، لكنها اعطت صلاحية زيادة هذا المبلغ للحكومة وبالتشاور مع حكومة الاقليم، لذا فانه يمكن زيادة هذا المبلغ 750 مليون دولار الى ما يسد حاجة الاقليم مستقبلا، اما ان نقر مبلغا قطعيا بقيمة 4.2 مليار دولار من الان، فان التحالف الوطني يرى ذلك غير صحيح".
https://telegram.me/buratha

