في الساعة 10:10 من مساء السبت الماضي، نشر "الباشا الراضي"، وهو على ما يظهر اسم مستعار لشخص يطلع باستمرار على معلومات أمنية حساسة، نشر على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، معلومة لو صدرت من جهة أمنية لكانت كافية لإدخال دولة بحجم الولايات المتحدة في حالة انذار قصوى، ولكن المعلومة التي حاول "عصام الفتلاوي" أحد اصدقاء "الباشا" أن يلفت انتباه الأجهزة الأمنية لها عبر تعليقه "معلومة خطيرة آمل أن تلتفت الجهات الأمنية لها"، مرت لتعقبها بعد ساعات، تفجير 6 سيارات مفخخة وابطال مفعول 7 أخرى في بغداد، بحسب ما اخبرت به وزارة الداخلية "العالم".
"الباشا" كتب على صفحته "عاجل ومهم جدا------------ 24 سياره مفخخة معده للتفجير في عاصمة الكاظم ع خلال الساعات القادمة حسب اخر المعلومات المؤكدة الان".
هذه الشخصية "النشطة" التي تستخدم صفحتها لترويج أخبار أمنية وسياسية عن أحداث، عادة ما تتحقق أو تقع بمرور ساعات، بحسب متابعة "العالم"، انفردت بنشر خبر السيارات الـ24 المفخخة، في وقت لم تورد أي وكالة أنباء محلية مثل هذا الخبر؛ بحسب متابعة "العالم" أيضا.
ولو صح ما أورده "الباشا" بشأن عدد السيارات المفخخة، فإن هناك 11 سيارة أخرى ما زالت تجوب شوارع بغداد.
ورأى العميد سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن "تسريب مثل هذه المعلومات، يدخل ضمن اطار عمل الجهات المستفيدة من تنفيذ هكذا أعمال، حيث أنها مهدت لما وقع نهار الاحد في محاولة منها لخلق "الصدمة" في الشارع العراقي".
وأكد معن لـ"العالم" أمس الأحد، أن "عدد السيارات التي انفجرت كان 6، فيما تمت السيطرة والتحكم بـ7 سيارات قامت قطعات الداخلية بتفجيرها عن بعد".
وكانت وسائل إعلام عديدة نقلت انفجار 9 سيارات مفخخة في بغداد.
وتعتلي صفحة "الباشا" في "فيسبوك" صورة ذات تصميم بسيط، بخلفية سوداء كتب عليها "خلايا الجهاد" وعلى جانبيها صورتان للعلم العراقي الحالي تعتليان صورة أخرى لجنود مقنعين، يبدو أنهم ينتمون لتشكيلات مكافحة الارهاب.
وتضم صفحة "الباشا" 5000 صديق افتراضي حتى الساعة 11:49 من مساء أمس الأحد، فيما كان الرقم 4994 عند الساعة 6 من مساء أمس أيضا، وهو الحد الأعلى الذي تسمح باضافته قوانين فيسبوك. ومن بين أصدقاء "الباشا" حملة أسماء مستعارة مثل "مومبي البغدادي" و"تروست تروست"، فضلا عن شخصيات محترمة وبينهم سياسيون وأدباء واعلاميون أكاديميون ومهنيون معروفون. وربما الصدفة وحدها جعلت من بين اصدقاء الباشا الافتراضيين، الشاعر والإعلامي عبد الزهرة زكي، الذي تعرضت سيارة كان يستقلها رفقة الكاتب قاسم محمد عباس إلى وابل من الرصاص بأسلحة كاتمة للصوت صباح أمس، إلا أنهما نجيا بأعجوبة.
وشهدت بغداد ظهر أمس اجراءات أمنية مشددة، عقب التفجيرات، تسببت بارباك مروري شديد بتزامنها مع انتهاء الدوام الرسمي، في حين كانت الشوارع عند العصر مزدحمة في مناطق وخالية، علي غير عادتها، في مناطق أخرى مثل ساحة الأندلس وأحياء أخرى من الكرادة.
ورأى محلل أمني، رفض الكشف عن اسمه، أن "الإرباك الذي تخلفه التفجيرات وحدوث اختناقات مرورية في بعض المناطق يجعلان الفرصة سانحة لتنفيذ عمليات اغتيال منظمة أو عشوائية".
إلاّ أن الباشا، وفي تعليق له بعد وقوع التفجيرات كتب متساءلا "وماذا بعد كل تفجير وقتل كاتم؟، تفتيش هزيل وسيطرات بائسة روتينية، واستخبارات مشغولة بمنافع ورشاوى ومصالح قادة أمنيين". ويتابع "الباشا"، الذي يكتب التاء المربوطة هاء، "يتصل قائد فرقه، وآمر لواء، وآمر فوج، وآمر سريه، بضروره ايجاد (ازدحام) شديد في السيطرات، لزياده النقمه والتذمر، وقيادات الأمن في العراق تتفرج وتضحك على جثث الشهداء، وتضحك على المستشفيات التي غصت بالجرحى". لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية، أفاد بأن "عدد الضحايا جراء التفجيرات التي تعرضت لها بغداد كانوا 5 شهداء فقط"، واعتبر أن "كل الأرقام التي أوردتها وسائل الاعلام المختلفة محاولة للتضخيم تصب في مصالح عرابي الارهاب والتحريض المستفيدين من تأزيم الوضع الأمني".
في وقت، ذكرت وكالة "رويترز" أمس، أن "8 سيارات ملغومة، انفجرت في أحياء شيعية ببغداد صباح الاحد مما أسفر عن مقتل 28 شخصا على الاقل في التفجيرات التي الحقت اضرارا بمتاجر ومطاعم وشوارع تجارية مزدحمة".
وتابعت الوكالة، أنه "لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات، لكن مسلحين سنة صعدوا من هجماتهم منذ بداية العام في محاولة لتقويض الحكومة التي يقودها الشيعة وتصعيد أعمال العنف الطائفية".
وأكدت أن "أحد التفجيرات، سبب دمارا كبيرا في واجهات متاجر في منطقة الكيارة، بينما خلف تفجير آخر بقايا سيارة متناثرة على الطريق في منطقة الكرادة التجارية المزدحمة والمملوءة بالمطاعم والمتاجر".
ونقلت رويترز عن جمعة كريم، التاجر في منطقة الحبيبية، قوله وقد غطت بقع الدماء سترته "كنت أشتري مكيف هواء وفجأة وقع انفجار. رميت نفسي على الارض. وبعد دقائق رأيت عددا كبيرا من الناس حولي وبعضهم قتل وبعضهم أصيب".
وقال نوري المالكي في بيان تلقت "العالم" نسخة منه أمس إن "العمليات الإرهابية الأخيرة واختيار المكان والزمان لقتل المدنيين الأبرياء، يجب أن تلفت أنظار المواطنين جميعا لطبيعة المخطط المرسوم لبلادهم وأمنهم ومستقبل تآخيهم وتعايشهم السلمي".
وأضاف المالكي "أننا لا نعد الإرهابيين القتلة الذين قاموا بجرائمهم البشعة أكثر خطراً على أمن العراق وحياة العراقيين من الأصوات الطائفية الكريهة التي أخذت تصدر هنا وهناك ويجري للأسف دعمها وتنظيمها وتغذيتها من أطراف سياسية داخلية وخارجية"، مشيرا إلى أن "التفجيرات الارهابية التي وقعت اليوم في عدد من مناطق بغداد تطبيق عملي لدعوات التحريض والكراهية ولدفع الآخرين للقيام بردات فعل مشابهة ليكتمل مخططهم الاجرامي الخبيث".
وطالب رئيس الوزراء، بحسب البيان "القوات المسلحة بأن لا تتوانى في ضرب الإرهاب وملاحقته ومتابعة المحرضين عليه"، داعيا "وسائل الاعلام الى التحلي بالمسؤولية والمهنية بعدم السماح للاصوات المحرضة على الطائفية أو العنف أو العنصرية بالظهور وعدم اعطائها فرصة لبث الفتنة من خلال الاعلام لتحقيق اهدافها الخبيثة من أي جهة كانت ولأي تيار انتمت".
https://telegram.me/buratha

