وصف حسن العلوي، النائب المستقل، تصريح المالكي بشأن التقارب السعودي العراقي بغير الاستراتيجي وانه جاء للبحث عن مخرج للأزمة الداخلية، عادا اياه رسالة خجولة لا تكفي للتقريب بين البلدين، فيما تمنى ألا يكون التصريح لـ"التصريف الإعلامي".
وفي الوقت الذي اشار الى ان الحكومة لم تستثمر الكثير من الاحداث التي مرت بها المملكة كمرض الملك ووفاة ولي العهد كمفاتيح لحل المشاكل العالقة بين الطرفين، عزا ذلك الى افتقار المالكي لمستشارين محترفين، مستغربا من تركيز الأخير في بناء علاقات جيدة مع دول بعيدة واهمال المجاورة.
وذكرت وزارة الخارجية أن لقاء وزيرها مع مسؤولين سعوديين في الرياض الأسبوع الماضي كان بروتوكوليا ولم تتبعه خطوات عملية او اتفاقات لتحسين العلاقة المشتركة.
ورأى محلل سياسي أن تصريح المالكي قراءة دقيقة لمجريات الاحداث، مؤكدا أن السعودية تخلت عن مطلب تغيير الحكم في العراق او التمسك بالخيار الطائفي في تعاملها معه، للمصالح المشتركة، فيما دعا الحكومة الى استثمار التقاطع بين السعودية والمحور التركي القطري في دعم التمدد الاخواني.
وقال حسن العلوي، النائب والكاتب البارز، ان "توجه الحكومة العراقية نحو التقارب مع السعودية ليس خيارا استراتيجيا، وانما لتلافي التوتر الداخلي في البلاد، لأن العراق لم يضع استراتيجية عربية حتى الآن"، مؤكدا أن "عمل الخارجية وأداء الدولة مع البلدان العربية ضعيف، وأتمنى ألا يكون كلام المالكي مجرد تصريف اعلامي".
وقال المالكي على هامش القمة الإسلامية في القاهرة، السبت الماضي، "الآن ما زلنا في نية البحث عن آفاق لعلاقات قوية مع السعودية، ونسعى لأن يكون هناك تعاون مع الدول التي نعتقد أنها في ظل التطورات الحديثة مثلت حالة الاعتدال، والسعودية تمثل هذا".
واعتبر العلوي تصريح المالكي "مجرد رسالة خجولة، تحتاج للكثير من اجراءات كسب الثقة، وهذا التصريح لن يتكرر ثانية لأن الحكومة العراقية تعتقد ان هذا التصريح يكفي للتقريب"، وشدد "هذا لا يكفي ليستجيب الجانب السعودي بحكم الالتباسات والتعقيدات الموجودة بين البلدين".
واشار النائب المستقل الى ان "الحكومة لم تبادر حتى الى امور بسيطة، فهي لم تفعل شيئا عندما دخل الملك الى المستشفى او عند خروجه منها، او في وفاة أمير أو تنصيب الأمراء، مع ان الكثير من الدول تستغل مثل هذه الامور وتجعل منها مفاتيح لحل عقد".
وتابع "كان يمكن استثمار جانبها الانساني والبروتوكولي، لكن تمت اضاعتها لأن المالكي لا يمتلك مستشارين للقضايا العربية". واستدرك بأن "السعي للتقارب مع السعودية، اتجاه صحيح وتفكير سياسي عقلاني لأن النظام السياسي في العراق يواجه مجموعة خصوم، بعد أن كتب على العراق أن تكون سياسته متوترة مع الجوار منذ العهد الملكي، وهذه السياسية لا تخدم مصالح العراق، اذا ما قارناه بسياسات مرنة في العلاقات الدولية وكذلك سياسة الأردن التي لا تعطي للخلاف السياسي أهمية فوق المصالح".
واستغرب الكاتب البارز أن "تكون علاقاتنا مع بلدان الجوار سيئة فيما نبني علاقات جيدة مع ما بعد الجوار، فمثلا رأينا العلاقات العراقية في النظام السابق سيئة مع السعودية ومع الأردن وحسنة مع الصومال، سيئة مع تركيا وحسنة مع اليونان، وسيئة مع سورية وحسنة مع لبنان". وتساءل "لماذا نقيم علاقات سيئة مع الجوار بينما نبني علاقات طيبة مع ما بعد الجوار".
وأفاد العلوي "كان يفترض بالعراق بعد 2003 ان يكون اشبه بسويسرا بمعنى أن تكون أهم اللقاءات والمؤتمرات والاتفاقيات العربية تعقد فيه ويكون بلد الاعتدال"، لافتا الى انه دعا الى "تقريب العلاقة بين البلدين حتى وقت قريب، دون أن يطلب مني أحد، لكن الموضوع توقف لعدم وجود اجراءات ثقة من الحكومة العراقية في هذا الاتجاه".
وبيّن لبيد عباوي، الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية، أن "اللقاءات التي تمت بين هوشيار زيباري وزير الخارجية ومسؤولين سعوديين، جاءت في سياق حديث عن اهمية تطوير مسارات العلاقات بين البلدين، لكن اللقاء لم يتطرق الى اي خطوات عملية او خطوات ملموسة لتحقيق ذلك، لا بشأن تبادل المعتقلين ولا غير ذلك"، مستدركا ان "اللقاء بين الطرفين كان ايجابيا ومشجعا، وعبر عن رغبة الطرفين بتطوير العلاقة بينهما لكن الموضوع يحتاج الى وقت".
وكان زيباري الخميس الماضي، ان "العراق والسعوديةَ اتفقا على فتح صفحة جديدة وآفاق للمستقبل تؤدي إلى التعاون الشامل"، مضيفا ان "الوفد العراقي الذي شارك في القمة التنموية الاخيرة في الرياض اجرى لقاءات ايجابية مع الجانب السعودي اسفرت عن الاتفاق على استمرار التواصل والتنسيق واكتمال التمثيل الدبلوماسي من خلال سفير مقيم للمملكة لدى بغداد".
ورأى أحمد الشريفي، المحلل السياسي، أن "توجه المالكي نحو التقارب مع السعودية خيار صائب جدا، ويتطابق مع القراءة الدقيقة لمجريات الاحداث"، مضيفا "الذين يقبض على السلطة في كل من العراق والسعودية ليسوا متطرفين، وقادرون على استحضار المصالح العليا والتخلي عن الورقة الطائفية حين تصطدم مع تلك المصالح".
وتوقع الشريفي انحسار "البعد الطائفي للعلاقة بين العراق والسعودية، وغلبة المصالح باعتبار ان السعودية تدافع عن مصالحها السياسية، لانها تشعر ان التهديد الاخواني اخطر من تهديد محور الممانعة الذي لم يعد مهددا لها، لذلك هم جاهزون للاقتراب من محور الممانعة لبناء محور اعتدال يمثل منظومة ردع للمحور الاخواني المتنامي"، مؤكدا ان "السعودية لم تعد راغبة بالتغيير في العراق لأنها تخشى البديل الاخواني في المنطقة الغربية منه على اقل تقدير".
ودعا المحلل السياسي "العراق الى استثمار تقاطع محور مصر وتركيا وقطر، مع المحور الخليجي الذي يضم السعودية والامارات، لتطوير العلاقات مع السعودية والكويت والاردن والامارات"، مشيرا الى ان "السعودية في بداية الأمر كانت فاعلة في المحور القطري التركي لكن بعد صعود الاخوان في مصر رأينا بوصلة التوجهات للاختصاص الخليجي تختلف وتظهر تقاطعات في المصالح، لان الاخوان المسلمين لديهم رغبة في التمدد على حساب الكويت والسعودية والامارات والاردن لذلك فان هذه الدول تشعر بهذه الخطورة".
وخلص الشريفي الى القول ان "عبد الله الثاني، ملك الاردن كان اول من تحدث عن تبدل خارطة التحالفات في المنطقة، وايران ستكون من اول الرابحين بالتقارب بين بغداد والرياض".
https://telegram.me/buratha

