انتقلت عدوى الحراك السياسي المتشنج في ميادين التظاهرات وصفحات الجرائد الى بنية التنظيم النقابي للصحفيين، اذ تؤشر تحركات ابناء المهنة الى احتمالية تشظي نقابة الصحفيين وسط دعوات لحضور المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للصحفيين كتنظيم مهني جديد يمثل شريحة مؤثرة في الوسط الاردني.
الدعوة للمؤتمر التأسيسي تزامنت مع دعوة لمجلس نقابة الصحفيين لفعالية اطلق عليها (ترديد القسم)، تاتي بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على انعقاد المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للصحفيين العراقيين، وسط اشارات تؤكد ان كلا التنظيمين النقابيين ما هما الا انعكاس لتقاطعات الحراك السياسي في العراق، لاسيما وان نقيب الصحفيين مؤيد اللامي يحظى بدعم الدعوة ودولة القانون، فيما يحظى فخري كريم بدعم التحالف الكردستاني.
وبينما أعلنت اللجنة التحضيرية لـ"النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين" تلقيها العشرات من طلبات الانتماء لعضويتها، متوقعة حضور عدد كبير من النخبة والوسط الاعلامي البارز للمؤتمر التأسيسي المزمع عقده الجمعة المقبل في بغداد، أوضحت أن أسباب هذا التشكيل تنطلق من شعور قسم من الاعلاميين المهنيين بأن نقابة الصحفيين لم تعد تمثلهم بسبب تراجع الاهتمام، بقواعد وشروط العضوية للنقابة، أكدت أن من أهم أهداف تأسيسها "المقدسة"، هو الدفاع عن حق الوصول إلى المعلومة.
وفي الوقت الذي أقرت فيه باستلام منح مالية من جهات لم تسمها، لفتت الى أن ذلك مشروط بعدم فرض أية إملاءات أو التزامات أخرى، مضيفة أنها ستزاول عملها بانتظار تشريع قانون للنقابات والاتحادات.
إلا أن نقيب الصحفيين اعتبر تشكيل أي نقابة للصحفيين أو غيرهم لا يحمل سندا قانونيا، ملمحا إلى عدم امكانية تجاوز نقابة الصحفيين القائمة، وبين أن نقابته تخضع للرقابة المالية وهيئة النزاهة، وتجري انتخاباتها بإشراف مجلس القضاء الأعلى، خلافا للنقابة الجديدة.
بينما رأت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، أن النقابات القائمة حاليا بما فيها نقابة الصحفيين، هي نقابات موروثة ومخالفة للدستور، مؤكدة أن التشكيل الجديد سيكتسب الشرعية الدستورية أكثر من النقابة القائمة "التي تعمل بإرادة سلطة تنفيذية وبقوة السلاح والرشاوي".
وقال عدنان حسين، عضو اللجنة التحضيرية للنقابة الوطنية للصحافيين العراقيين، إن "فكرة النقابة كانت مطروحة منذ فترة طويلة، وكانت هناك محاولات لإعلان تأسيسها، لأن قسما من الاعلاميين المهنيين شعروا أن نقابة الصحفيين لم تعد تمثلهم بسبب تراجع الاهتمام، أو قواعد وشروط العضوية للنقابة".
وتعتزم النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين عقد مؤتمرها التأسيسي، صباح يوم الجمعة المقبل، بحضور جمع من كبار الصحفيين العراقيين والقانونيين والمحامين، حيث سيشهد انتخاب الهيئة الادارية، بحسب اللجنة التحضيرية للمؤتمر التي أعلنت الدعوة مفتوحة لجميع الصحفيين والإعلاميين.
واضاف حسين، أن "الفكرة أعطيت زخما أكبر بعد طرح قانون حقوق الصحفيين". وبين أن "نخبة من الاعلاميين جمعوا الفكرة، وكتبنا مسودة نظام داخلي، وبعد مناقشات استمرت أشهرا، عرضناها على قانونيين وانتهينا منها وعملنا على عقد المؤتمر التاسيسي الجمعة المقبل".
واوضح، أن "محور المؤتمر الأول والأساسي هو مناقشة مسودة النظام الداخلي، يعقبه انتخاب هيئة إدارية تشرع بالعمل وفقا للاهداف المنصوص عليها في مسودة النظام الداخلي".
وعن اهداف النقابة أكد عضو اللجنة التحضيرية للنقابة الوطنية للصحافيين، أن "أهداف النقابة الأساسية هي الدفاع عن حقوق الصحافيين والإعلاميين، وفي المقام الأول أهمها وأقدسها هو حق الوصول للمعلومة، لأن العمل الاعلامي قائم عليه".
وتابع أن "أي حق آخر لا يعني شيئا اذا كانت حرية الوصول إلى المعلومة مقيدة، ولن تنفع لا السيارات ولا الامتيازات ولا الرواتب العالية دون هذا الحق".
وزاد بالقول، إن "النقابة الجديدة تعمل لإنشاء هياكل تنظيمية، ترتب عمل الصحفيين في مؤسساتهم بتحسين آليات عملهم فيها وتنظيم عقودهم".
وكشف حسين عن "تلقي اللجنة التنظيمية لأكثر من 150 طلبا من زميلات وزملاء المهنة، للانضمام إلى عضوية النقابة الجديدة في بغداد فقط".
ونوه إلى أن "الامكانات لا تتيح لنا العمل في المحافظات، فهناك من يرغب بالانضمام للنقابة الجديدة". ولفت إلى أن "النقابة الأخرى تفرض على أعضائها عدم الانتماء إلى نقابات أخرى، لكننا لا نضع هذا الشرط، وليكن العضو منتميا إلى العديد من النقابات".
وعن المنح أو المساعدات التي يمكن ان تتلقاها النقابة الجديدة، بين حسين "لا توجد نقابة أو منظمة مجتمع مدني تنظم نفسها ذاتيا، وانما تستعين بمنح ومساعدات ونحن لا نستحي من هذا، وسنعلن ما حصلنا عليه من الجهات التي ساعدتنا خلال المؤتمر التأسيسي".
ومضى بالقول "نحن لدينا مشروع وطني، ومن واجب المؤسسات الوطنية أن تدعم مشاريعنا، فهناك من استجاب لنا بالدعم المعنوي، وهناك من ساهم بالدعم المادي، المشروط بعدم فرض أية التزامات علينا، فنحن لن نقبل بأي شكل من الاشكال أن تملي الجهات الداعمة ما يخالف توجهات النقابة".
وعن الاطار القانوني الذي ستعمل به النقابة، أكد حسين ان نقابته "ستعمل باعتبارها واقعا لحين صدور تشريع قانون النقابات والاتحادات".
إلا أن مؤيد اللامي، نقيب الصحفيين العراقيين، وصف النقابة الجديدة بأنها "لا تحمل سندا قانونيا"، وذهب اللامي إلى القول في اتصال مع "العالم" أمس، أن "أية نقابة تشكل في العراق للصحفيين أو المحامين أو غيرها، لا بد من وجود سند قانوني يعتمد على قانون مشرع، وتكون خاضعة للرقابة المالية وهيئة النزاهة، وتجري انتخاباتها بإشراف مجلس القضاء الأعلى".
واضاف أن "كل جهة أو حزب يريد إنشاء نقابة، فهذا أمر يخصه، لكننا نتعامل دائما مع السند القانوني، والنقابة الحالية تشكلت وفق سند قانوني واضح، وقد أسسها وأدارها الشاعر محمد مهدي الجواهري، وهي عضو مؤسس في اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي، وهي النائب الأول لرئيس اتحاد الصحفيين العرب"، منوها إلى أن "أهدافنا واضحة، ولا نعرف أهداف هذا التجمع الجديد، وان عملية تجاوز النقابة الآن أصبح شيئا من الماضي".
إلى ذلك، أوضح عدي حاتم، رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، أن "النقابة الجديدة تستند إلى الدستور، وهو السند الأعلى في البلاد".
واعتبر حاتم في حديث مع "العالم" أمس، أن "النقابات السابقة الموروثة، مخالفة للدستور". وقال إن "وجود النقابات الحالية مخالفة للدستور العراقي، إذ يفترض بها أن تعدل قانونها وفقا للدستور الجديد"، لافتا الى أن "من حق الصحفيين والمحامين وغيرهم الآن، رفع دعوى قضائية على نقاباتهم الحالية بضرورة تعديل قوانينها الداخلية"، في إشارة الى أن الأنظمة الداخلية للنقابات والاتحادات الحالية صادرة عن "المكتب المهني" التابع لحزب البعث المحظور. وأضاف أن "النقابة الجديدة ستكتسب الشرعية الدستورية أكثر من النقابة القائمة حاليا، والتي تعمل بإرادة سلطة تنفيذية وبقوة السلاح، والرشاوي التي تمنحها لهذا وذاك". ولفت رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، إلى أن "النقابة تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد انعقاد المؤتمر التأسيسي العام، وتكون الانتخابات بإشراف القضاة أو المحامين، لأن هناك نصا دستوريا أكد على تعدد النقابات".
ودعا حاتم إلى "مباركة تشكيل النقابة الجديدة، لأنه يعزز العمل الصحفي ويعطي منافسة بالساحة، ويتيح نوعا من الشفافية تسهم برقابة ذاتية أوسع على العمل الصحفي، لأن الاستقطاب الفردي لا يبعث على المنافسة"، مستدركا "انا قريب من الزملاء الذين شكلوا النقابة الجديدة، وأعرف بأن دوافعهم ليست ردة فعل ضد أحد، بقدر الحاجة لتشكيل هذه النقابة وهي حق دستوري، نعم هناك ملاحظات على النقابة القائمة، ولكنها ملاحظات مهنية، وليست شخصية ضد شخص معين".
https://telegram.me/buratha
