نفى ممثل الامم المتحدة في العراق، اتخاذه موقفا مؤيدا أو رافضا لبعض مطالب المتظاهرين، داعيا جميع القادة السياسيين الى التوصل الى حلول "طويلة الامد"، وعبر حوار جاد، للخروج من الأزمات المتكررة بشكل نهائي، لأنهم مسؤولون أخلاقيا تجاه مواطنيهم، لذا عليهم الامتناع عن الخطابات التحريضية التي تهدد التعايش السلمي.
وفي الوقت الذي بدد فيه وجود مخاوف للأمم المتحدة بخصوص جر البلاد الى العنف من جديد، أكد ثقته باهتمام الحكومة في الخروج من الأزمة الحالية، وأنه يثق أيضا بحكمة السياسيين، لأنهم يعون "خطورة الوضع"، مبينا أن الجميع طالب منظمته بلعب دور لرأب الصدع بين الأطراف.
وقال مارتن كوبلر، ممثل الامم المتحدة في العراق، "لم أتخذ أية مواقف تجاه شرعية المطالب، ولكنني قلت أن بعضها يمكن معالجته على الفور في حين أن بعضها الآخر يمكن التصدي له على المدى الطويل".
وكان كوبلر قال خلال مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه المرجع علي السيستاني في النجف، الأحد الماضي، إن التظاهرات حق مشروع يكفله الدستور العراقي، وأن بعض مطالب المتظاهرين مشروعة والبعض الآخر منها غير مشروعة، داعيا المتظاهرين إلى ألا تكون شعاراتهم قاسية، وأن يعبروا عن مطالبهم بالطرق السلمية.
وحمل ممثل الامم المتحدة، القادة السياسيين مسؤولية "التوصل إلى حلول طويلة الأمد، للخروج بنحو نهائي من الأزمات المتكررة، فتحقيق الاستقرار السياسي أمر بالغ الأهمية لتأمين مستقبل كريم لجميع العراقيين"، مضيفا "وتقع على عاتق جميع القادة السياسيين مسؤولية دعوة مواطنيهم ايضا إلى الهدوء والامتناع عن الخطابات التحريضية لضمان استمرار وحدة البلاد، والتعايش السلمي بين السكان".
وكان كوبلر أصدر بيانا في 10 من شهر كانون الثاني الحالي، أكد فيه أن "الأمم المتحدة قلقة من استمرار الأزمة في البلاد وتدعو الحكومة الى عدم التعامل بقوة مع التظاهرات، وتؤكد حق المواطنين في التعبير عن مطالبهم وحقوقهم بطريقة سلمية".
وعن تقييمه لتفاعل الحكومة مع مطالب المتظاهرين، ذكر رئيس بعثة اليونامي في العراق "أنا لا أشعر بأن الحكومة غير مهتمة".
ونفى أنه لمس توجها عند بعض السياسيين لجر البلد الى حرب أهلية، أو أن لدى الأمم المتحدة مخاوف بشأن انجرار العراق اليها، قائلا "لا أعتقد أن أي أحد من القادة السياسيين يريد أن يرى البلاد تتجه نحو العنف من جديد، حيث تلقيت ردود فعل إيجابية"، متابعا "يجب حل هذه المشكلات سلميا وعبر الحوار، لذلك أدعو الجميع إلى التفكير في كيفية إنجاح التعايش الوطني بروح التسامح والاعتدال وأنا واثق في حكمتهم".
وشدد كوبلر على أن "الأمم المتحدة هي هيئة محايدة، والعراق هو أحد الأعضاء المؤسسين لها، خلال الاجتماعات التي أجريتها في الأيام الماضية، لاحظت أن الجميع تقريبا متفقون ويشجعون بنحو علني الأمم المتحدة على لعب دور في تيسير الحوار من أجل رأب الصدع بين الأطراف".
يذكر ان بعض السياسيين طالبوا مارتن كوبلر، ممثل الامم المتحدة في العراق، بعدم التدخل في الأزمة السياسية القائمة، وترك أمرها للعراقيين، طالبين منه الاكتفاء بإبداء الرأي الفني للأمم المتحدة في بعض القضايا التي تحددها الحكومة.
وكان سامي العسكري، النائب عن ائتلاف دولة القانون، قد قال، إن "كوبلر لا يمكنه ان يفرض شيئا على العراق والامم المتحدة مهمتهما محدودة وفق قرار مجلس الامن الدولي"، مضيفا ان "التدخل الدولي لا يمكنه حل الأزمة ما لم تتفق الاطراف السياسية فيما بينها، لانها هي من تقرر".
واضاف الممثل الأممي في العراق، ان "على القادة العراقيين إبداء التزام بالحوار الجاد والفعال في هذه المرحلة، حيث أن لديهم مسؤولية أخلاقية للانخراط في مثل هذا الحوار، ولديهم مسؤولية أخلاقية تجاه العراقيين"، مبينا انه يسعى جديا "من أجل تيسير الحوار، وأنا على اتصال مع جميع القادة الرئيسيين، حيث أحثهم على العمل والتواصل مع بعضهم البعض والاستماع إلى بعضهم البعض، والجلوس معا من أجل حل مشكلاتهم".
وفيما إذا لمس مؤشرات ايجابية من قبل السياسيين والمرجعيات الدينية في التعاطي مع مسعاه في جمعهم على طاولة الحوار الجاد، أكد كوبلر أن "جميع القادة السياسيين الذين التقيت بهم يعون خطورة الوضع، ولكن عليهم أن يتواصلوا معا بنحو جدي من أجل معالجة القضايا". وكان مارتن كوبلر، قد زار الأحد الماضي، المرجع الديني السيد علي السيستاني، كاشفا عن مبادرة أطلقها الأخير لحل جميع الأزمات الحالية، وخصوصا التظاهرات.
وقال في مؤتمر صحفي عقب لقائه المرجع السيستاني، إن "هذه المبادرة تنسجم مع الزيارات التي قام بها لعدد من الاطراف الكردستانية والقائمة العراقية، وكذلك دولة القانون، بغية انهاء الازمات التي تشهدها البلاد"، مضيفا "تم التوصل مع المرجع السيستاني الى إطلاق مبادرة تحمل كثيرا من البنود التي يجب ان تنفذ وفق الحوار السلمي والديمقراطي، وتشكل لجانا لدراسة المطالب المشروعة التي حملها المتظاهرون أثناء التظاهرات في المناطق الغربية".
وختم كوبلر في نهاية كلامه ، أمس، بقوله إن "الحوار والتحلي بالصبر والمرونة هو السبيل الوحيد للتوصل إلى أي حل".
https://telegram.me/buratha

