رأى باحثان اميركيان مختصان بشؤون الخليج والمنطقة في تحليل مشترك، ان هناك قلقا في بغداد والمنطقة، من الاوضاع في العراق حال وفاة طالباني أو عدم تمكنه من استئناف مهامه، وان على واشنطن أن تدفع باتجاه اختيار رئيس كردي على الرغم من عدم اشارة الدستور العراقي إلى هذا.
وقال سايمن هندرسن وديفيد بولوك، وهما من المحافظين الجدد، إنه "على الرغم من أن هناك تقارير تتحدث عن تحسن الحالة الصحية للرئيس العراقي، جلال طالباني، منذ تعرضه لجلطة دماغية في 18 كانون الأول، الا أن المخاوف بشأن صحة الرئيس ـ وهو منصب تشريفي ـ لا تزال خطيرة".
واشار الكاتبان إلى أنه "تم استقدام أطباء اختصايين أجانب إلى العراق، ثم بعد ذلك قررت فرق طبية عراقية وعالمية نقله جوا إلى ألمانيا، حيث وصل إليها في 20 كانون الأول الجاري".
وأياً كان نوع العلاج الذي يحتاجه طالباني، فإن هناك قلقا كبيرا في العراق والمنطقة حول التداعيات التي يمكن أن تؤدي إليها الأوضاع إذا ما فارق الرئيس العراقي الحياة أو فقد قدرته على الاستمرار في أداء مهام منصبه.
ولفتا إلى أن "طالباني كثيرا ما ساعد واشنطن، في تسهيل علاقاتها الصعبة القائمة مع رئيس الوزراء نوري المالكي، منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق قبل عام".
ورأى الكاتبان أنه "ليس هناك بديل واضح عن طالباني البالغ من العمر 79 عاما، فقد ساعد على توحيد البلاد بعد الإطاحة بصدام حسين، وسعى في الآونة الأخيرة إلى تخفيف حدة التوتر بين الأكراد العراقيين والحكومة المركزية في بغداد، حول المناطق المتنازع عليها، ودور شركات النفط الأجنبية في استغلال الاحتياطيات الضخمة المحتملة، وخلال الأسابيع القليلة الماضية وصل الموقف بين الجانبين في عدة مناسبات، إلى وضع خطير بحيث كان الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية على وشك الانزلاق إلى قتال فعلي في المناطق المتنازع عليها في جميع أنحاء كركوك المدينة المختلطة عرقياً والغنية بالنفط، وقد أدت المواقف المتباينة بين بغداد وأربيل، التي ظهرت مؤخراً والمتعلقة بالقضايا الحدودية مع تركيا وسورية إلى تعقيد الأوضاع بصورة أكثر".
وفيما يخص سورية، بين الباحثان الاميركيان المختصان بشؤون الخليج، أن "بغداد ما تزال تؤيد نظام الأسد، في حين تدعم أربيل أقرانها الأكراد في المعارضة".
وأضافا أن "طالباني كان قائدا سياسيا ومحاربا طوال فترة حياته، حيث ناضل ضد الحكومة التي سبقت عهد صدام في ستينيات القرن الماضي، إلا أنه كان يعلم أيضا متى سيختار المنفى المؤقت أو التفاوض لوقف إطلاق النار، حتى مع صدام". واشارا إلى أن "مركز قوته (طالباني) في مدينة السليمانية داخل المنطقة الكردية من شمال العراق، وهي على مقربة من الحدود مع إيران، وهو يتوخى الحذر في روابطه واتصالاته، ويمارس من الناحية السياسية، نشاطاته عن طريق الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يمثل حزبه السياسي في الأساس، الذي غالبا ما كان على خلاف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في أربيل، الذي يتزعمه مسعود بارزاني".
ووفقا للدستور العراقي، يتولى أحد نائبي رئيس الجمهورية رئاسة البلد بنحو مؤقت إذا ما توفي طالباني أو أصبح غير قادر على الاستمرار في اداء مهام منصبه، وبعد ذلك وفي غضون 30 يوما، يقوم البرلمان بانتخاب رئيس جديد، إلا أن أحد نواب الرئيس وهو طارق الهاشمي يعيش حاليا في منفى اختياري في تركيا بعد فراره من بغداد عبر الأراضي التي يحكمها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وسط مزاعم بأنه كان قد أصدر أوامر بتنفيذ اغتيالات سياسية، والآخر هو خضير الخزاعي وحليف سياسي للمالكي.
ونبه الكاتبان المحافظان، إلى أن "تردي صحة طالباني توسع التحدي المتمثل بالحفاظ على التوازن السياسي والعرقي، والحفاظ على مفهوم عراق واحد للشيعة والسنة، والعرب والأكراد، والأقليات الأخرى".
وتابعا "نظرا للمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها هذه التطورات، لا سيما في نزاعات بغداد مع الأكراد حول قضايا النفط والأراضي، يجب على واشنطن التعامل مع الوضع بعناية، فالدستور لا يفرض أن يكون الرئيس المقبل كرديا، إلا أن الحكمة السياسية تشير إلى أنه يجب أن يكون من الأكراد، وأن يكون ذا كاريزما مثل طالباني، الذي يتمكن من التوسط بين الأكراد والعرب". وأردفا "سيكون من الصعب تنفيذ ذلك في البيئة السياسية الحالية".
وخلص الباحثان في الشؤون الخليجية، إلى القول إن "انخراط واشنطن بصورة سريعة وحاسمة قد تدفع المالكي وبارزاني إلى نزع فتيل التوترات بينهما والتعاون على إيجاد شخصية تشغل منصب الرئيس بصورة مؤقتة أو دائمة، وبخلاف ذلك، فإن السعي لخيار يوحي بهيمنة الشيعة على مناصب البلاد العليا قد يكون كارثيا".
https://telegram.me/buratha

