كشف رئيس وزراء اقليم كردستان في لقاء مع مجلة "تايم" الاميركية عن أن الأكراد الآن اقرب من أي وقت مضى لإعلان استقلالهم، وأنهم بحاجة الى إقناع دولة اقليمية واحدة على الأقل ومساندة قوة عالمية كي يعلنوا دولتهم.
وفي الوقت الذي استدرك فيه قائلا إن ستراتيجيته الحالية تهدف الى تحقيق الاستقلال الاقتصادي ضمن العراق الواحد، اعتبر أداء رئيس الوزراء نوري المالكي خطرا يهدد سلامة العراق، وأنه يهدف للحصول على أسلحة متطورة ليتفاوض معنا من موقع "الأقوى".
وفي حين عد تركيا باب أمل بالنسبة لإقليم كردستان، أكد انتهاج خيارات أخرى، فيما لو فقد الأكراد الأمل بالدستور.
وابتدأت المجلة اللقاء بالتعليق التالي "إذا كان هناك رجل واحد يستحق الثناء على تنميته التقارب التركي ـ الكردي، فهو رئيس وزراء كردستان نجيرفان بارزاني، إذ أنه قبل 5 سنوات كان الجميع، يضحك عندما يقول بارزاني إنه يريد تصدير النفط الى تركيا، التي تعاني أصلا من مشكلة عسيرة مع أقليتها الكردية الكبيرة".
وأوضحت "كانت استراتيجية نجيرفان استراتيجية الصبر، عبر البدء ببناء ثقة مع الاتراك، ومن ثم ترغيب شركات نفطية صغيرة وكبيرة، ما أثار غضب بغداد بسبب التنقيب عن النفط ليس في منطقة كردستان وحسب، بل في اراض متنازع عليها بين حكومة بارزاني والحكومة المركزية.
وذكر نجيرفان بارزاني للمجلة الأميركية "بدأنا التنقيب مع شركات صغيرة، حيث اتهمت بأني أستفيد من تلك الشركات، وأنني مقامر، لكننا الآن نمتلك عقودا مع شركات كبيرة مثل اكسون موبيل، وشيفرون، وتوتال، وغازبروم"، مبينا "تغير الوضع كثيرا، واجمالي الاستثمارات حتى الان، وصل نحو 15 مليار دولار، وهو تغير كبير، لكن أمامنا طريق طويل بالطبع، حيث كانت أول شركة بدأنا معها نرويجية، تدعى دنو DNO".
وسألت "تايم"، عن الموقف من معارضة واشنطن إنشاء أنبوب نقل النفط التركي، لقلقها من تهديد الأراضي العراقية، أجاب رئيس وزراء الاقليم، إن "هذه مزحة حقا، فقبل كل شيء، يدرك الجميع أن سياسة تركيا ضد أي استقلال كردي، ولديها القوة العسكرية لتنفيذها، لكنني أقول بكل ثقة، ما يهدد سلامة العراق هو أداء رئيس الوزراء المالكي، فهو يقود حملة ضدنا، الا أن لدينا باب أمل وهو تركيا، فإذا أغلق باب الأمل هذا، سيكون من المحال بالنسبة لنا الاستسلام لبغداد".
وبشأن سخرية الآخرين من تعليق الآمال على تركيا، التي تتعامل بشكل سيء مع الاكراد، قال بارزاني إن "الأمور تغيرت في تركيا، فهي بحاجتنا في أشياء لا تملكها، مثلما نحن بحاجتها الى أمور أخرى، وهذا هو الفهم السليم للتعامل بين الجانبين".
وعلق بالقول إن "هذا لا علاقة له أبدا بالسياسة، فالمسألة اقتصادية، وكلا الجانبين راغبان بتحقيق تقدم في هذا الشأن لأن تركيا بلد مهم جدا بالنسبة لنا، ولن نتوانى في تطوير العلاقة التجارية بنحو اكبر".
وعن إمكانية اندلاع حرب أهلية نتيجة الحشود العسكرية العراقية على حدود الاقليم، أشار نجيرفان بارزاني الى أن "رئيس الوزراء المالكي للأسف، يريد خلق توتر في هذه المناطق، إذ أننا أرسلنا وفدا الى بغداد، وبيده مذكرة من 14 نقطة، وكانت مورد اتفاق بين الجانبين العسكريين، الأمر الذي أفرحنا، الا أن الوفد حين طرحها على المالكي رفضها كلها"، لافتا الى أن "المالكي مهتم بحل الخلافات عن طريق العنف، فالمناطق التي تدعى أراضي متنازعا عليها، مسألة حساسة جدا بالنسبة لحكومة اقليم كردستان، ولا نعرف ما هي الصيغة التي نستعملها لإيجاد تفاهم معه".
وأوضح "كنا نتوقع حدوث مثل هذه الامور بعد انسحاب القوات الاميركية، وأن الأمور سوف تتغير، فمن الطبيعي أن يحدث مثل هذا في العراق، إذ أن أميركا جاءت الى هذا البلد، وأنفقت أموالا ضخمة وأعطت تضحيات كبيرة بالارواح، الا أنها سلمت المفاتيح الى آخرين".
وفيما لو كان يقصد بـ"الآخرين" الايرانيين، أجاب بارزاني مبتسما "قلت اخرين". وتابع "مهما كانت المشكلات، فالاميركيون تركوها وراءهم"، متسائلا "لماذا جاؤوا الى العراق؟ وما السبب؟ فهل كان قصدهم تسليم مفاتيح العراق لآخرين"
ولفت في حديثه لمجلة "تايم"، الى أن "هناك مسؤولية أخلاقية على عاتق الولايات المتحدة، لأنها حتى اللحظة الأخيرة لم تساعدنا على حل هذه المشكلات، بالرغم من علمها أن المشكلات ستتفاقم"، مشيرا الى أن "المالكي، ينتظر طائرات الـ"F 16" ودبابات الـ"M1"، ليكون في موقع أقوى قبل أن يحاورنا، فارضا الحل علينا، الا أن أي فرض سوف يخلق مشكلة على الأرض، إذ يجب أن يكون هناك اتفاق تسوية بين الطرفين، ونحن كحكومة إقليم مستعدون لمثل ذلك، شريطة ألا يكون على أساس من هو الأقوى".
وقال بارزاني "لدينا دستور في هذا البلد، وسوف لن نتخذ اي خطوة أخرى حتى نفقد الامل به، وحينها ستكون لنا خيارات أخرى".
وحول تخيله قبل 5 سنوات انه سيستقبل رؤوساء دول في الاقليم، وأن كردستان ستصل الى هذا المستوى من الاستقلال، أجاب المجلة الأميركية، قائلا "كان من الصعب جدا، توقع ما عليه الحال الان، لأنني أتذكر أن لدى تركيا 200 الف عسكري على الحدود، وكنا مهددين من قبلها بالاقتحام، الا أننا وبدلا من هذا أصبح لدينا تعامل تجاري معها بنحو 8 مليارات دولار، وأن كبريات الشركات التركية في مجال البناء، ومختلف المجالات الأخرى، تعمل بنشاط هنا، كما أن حفل افتتاح مطار أربيل الجديد كان بحضور رئيس الوزراء أردوغان، اذن هذا تغير كبير في العلاقات مع تركيا".
واختتمت "تايم" الأميركية لقاءها رئيس حكومة الاقليم، بسؤال حول قرب الاكراد من أي وقت مضى الى إعلان دولتهم المستقلة، فأجاب نجيرفان بارزاني "نعم، أعتقد ذلك، فلدينا فرصة جيدة جدا، لكننا نواجه تحديات كثيرة أيضا، فكيف نستطيع ـأقصد دولة كردستان المستقلةـ قبل كل شيء أن نتمكن من إقناع بلد واحد في محيطنا على الأقل بهذا الامر، إذ من دون ذلك لا نستطيع فعل شيء، لأننا في أرض مغلقة، وعلينا إيجاد قوة اقليمية نقنعها، إضافة الى إقناع قوة عالمية لدعم المشروع". الا أنه استدرك، قائلا "ما نريده حتى الآن هو الحصول على الاستقلال الاقتصادي في اطار العراق الموحد".
ونوه الى أن "التهديد الأكبر على وحدة العراق، يأتي من طرف رئيس الوزراء المالكي، لأنه يتصرف بطريقة أحادية الجانب، بوصفه الرجل الوحيد في الدولة، وهذا لن يساعد في حل مشكلات العراق"، منبها الى ان "الأكراد ليسوا وحدهم قلقين من المالكي، بل إنك اذا تحدثت مع أي شيعي أو تركماني أو سني، فإنهم سيعبرون عن ذات القلق بالضبط من تصرفات رئيس الوزراء، وهذه حقيقة لا ترضي الجميع".
https://telegram.me/buratha

