كشف مصدر مطلع في وزارة الثقافة، امس الاثنين، عن اتفاق الوزارة مع شركة روتانا للانتاج الفني "السعودية"، على تنظيم فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية، مؤكدا ان العقد سيبرم في دبي اواخر الشهر الجاري بقيمة قد تصل الى 30 مليون دولار.
وفي الوقت الذي اقرّ فيه وكيل وزارة الثقافة بمفاتحة الشركة، شدد على انه لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي معها، مبينا انها ستنظم "حفلي الافتتاح والختام فقط"، الامر الذي نقضته مصادر أخرى تفيد بأن فعاليات الحفلين أعدت بشكل كامل من قبل فنانين ومخرجين عراقيين كلفتهم بها الوزارة مسبقا.
وفي حين نفت لجنة الثقافة والاعلام النيابية علمها بالاتفاق، انتقدت فكرة المشروع بسبب وجود خبرة عراقية كافية في هذا المجال، مبدية عزمها الاستفسار من الوزارة رسميا اليوم حول ملابسات الموضوع.
وفيما عدّ الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، الاتفاق، هدرا للمال العام، ان لم يكن فسادا، واعترافا من الوزارة بفشلها تنظيميا، وصفه مخرج مسرحي بأنه "استخفاف" بالعقول العراقية.
وقال مصدر مطلع في وزارة الثقافة، ان "وزير الثقافة سعدون الدليمي، اتفق مع شركة روتانا للانتاج الفني السعودية على تنظيم فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية وتسويقها دعائيا واعلاميا"، لافتاً الى ان "قيمة العقد ستتراوح ما بين 20 الى 30 مليون دولار". اي ما يعادل 24 الى 36 مليار دينار.
ويملك شركة روتانا للانتاج الفني والتي انطلقت العام 1985، الوليد بن طلال الامير والملياردير السعودي.
وبيّن المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، ان "اللجنة المشرفة على تنظيم فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013، ستوقع العقد مع الشركة، بمدينة دبي في 23 من شهر تشرين الثاني الحالي بعد ترتيب اجراءات العقد والاتفاق على القيمة النهائية"، موضحا ان "الوفد سيضم الوزير الدليمي ووكيل الوزارة فوزي الاتروشي، والمستشار حامد الراوي".
من جانبه، اقرّ فوزي الاتروشي، وكيل وزارة الثقافة المكلف بإدارة ملف بغداد عاصمة للثقافة العربية العام 2013، في اتصال مع "العالم"، امس، ان "الوزارة فاتحت شركة روتانا بهذا الخصوص"، منوها الى انه "ليس هناك اتفاق نهائي معها، فالمباحثات مازالت جارية بشأن بنود العقد وقيمته".
وفي الوقت الذي نفى فيه الأتروشي "عزم وفد رفيع المستوى من الوزارة توقيع العقد في مدينة دبي اواخر الشهر الجاري"، أوضح ان "روتانا ستقوم بتنظيم حفلي الافتتاح والختام فقط، ولن تنظم بقية الفعاليات طيلة العام".
الى ذلك، علمت "العالم" من مصادر مطلعة أمس، ان "الوزارة كانت قد كلفت عددا من المخرجين والفنانين العراقيين بالاعداد لتنظيم حفلي افتتاح وختام فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية العام المقبل".
واكدت المصادر ان "النصوص والفعاليات الفنية اعدت بشكل كامل، فضلا عن ان التدريبات والاستعدادات تجري بشكل حثيث".
بدوره، ابلغ علي الشلاه، رئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية، "العالم" أمس، ان "اللجنة ليس لها علم باتفاق الوزارة مع شركة روتانا رغم متابعتها الحثيثة لمجريات الاعداد لتلك الفعاليات"، مؤكدا ان "اللجنة ستقوم بالاستفسار من الوزارة رسميا بشأن ذلك غدا (اليوم) الثلاثاء".
ولفت الشلاه، الى ان "وكيل الوزارة المكلف بالملف فوزي الاتروشي، فضلا عن الوزير الدليمي، لم يطلعا اللجنة شفهيا او رسميا على عزمهما التعاقد مع شركة روتانا، رغم المناقشات المستمرة معهما بشأن الاعداد للفعالية"، منبها الى ان "الوثائق المقدمة من الوزارة الى اللجنة النيابية، لم تتضمن التعاقد مع الشركة".
واستغرب ان "تقوم وزارة الثقافة بابرام هكذا اتفاق"، معلقاً "لا يمكنني التصور ان العراق يستعين بشركات من الخارج لاقامة الاحتفالات وتنظيمها، إذ أن العراق صاحب ريادة في كيفية الاحتفاء الثقافي، وتنظيم الفعاليات".
وبين ان "اللجنة ايدت فكرة قيام دائرة الشؤون الثقافية بتنظيم معرض الكتاب، دون الاستعانة بشركات من الخارج حفاظا على سمعة الخبرات العراقية".
من جهته، عدّ أحمد عبد السادة، عضو المجلسين المركزي والتنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب في العراق، في مقابلة مع "العالم" امس، سعي وزارة الثقافة الى الاتفاق مع شركة روتانا، "هدرا للمال العام، ان لم يندرج ضمن عمليات فساد معينة اخرى".
وقال عبد السادة ان "روتانا شركة معروفة، لذا فإنها ستطالب بمبالغ ضخمة لتوقيع العقد، لكنها ليست على معرفة بالمشهد الثقافي العراقي، وبالتالي ستعتمد في النهاية على خبرات عراقية".
وبينما اعتبر الاتفاق "اعترافاً من الوزارة بفشلها، وقصور ملاكاتها الفنية والثقافية في ادارة الفعاليات"، وصف الامر بـ"المعيب للغاية بالنسبة للمؤسسة الثقافية سواء كانت رسمية او منظمات مجتمع مدني غير حكومية، كما انه اعتراف ضمني بعدم المقدرة"، متسائلا عن "جدوى وجود وزارة للثقافة ان لم تكن قادرة على ادارة هكذا فعاليات".
وشدد على ان "ذلك يعد انتقاصاً من شريحة الادباء والمثقفين والنخب والكفاءات العراقية بصورة عامة"، مردفاً انه "لا مبرر لاعتماد جهة خارجية في احياء او انجاح فعالية داخلية طالما أن هناك كفاءات وتمويلا جيدا".
من جانبه، رأى كاظم النصار، المخرج المسرحي، في تصريح لـ"العالم"، امس، أن فكرة الاتفاق مع روتانا "استخفاف بالعقول العراقية التي تنتظر مثل هذه الفرصة لابراز قدراتها التخطيطية، والادارية في المجال الثقافي".
وأبدى النصار تحفظه على "ازاحة الكفاءات والعقول والشركات العراقية النزيهة والمهنية، واستبدالها بخبرات اجنبية"، مشيرا الى ان "لدينا تجارب جيدة في التنظيم، بدليل نجاح المهرجانات المقامة في بغداد، والتي لو سنح لمنظميها تمويل جيد ومساحة اعداد زمنية مناسبة لحققت نتائج باهرة".
https://telegram.me/buratha

