رأت صحيفة وول ستريت جورنال في تحليل لها ان ادارة المالكي لم تكترث لأهمية ايضاح أسباب تعليق عمل مسؤول أكبر المؤسسات المالية أهمية في البلد، وطمأنة المواطنين بأن هذا الاجراء لن يؤثر في الاقتصاد العراقي، لافتة الى ان على حكومة المالكي تأكيد أن التحقيقات مع محافظ البنك المركزي وعدد آخر من مسؤوليه تقف على أرض صلبة وليست محاولة منه للاستبداد بمقدرات البلد.
وقالت الصحيفة ان سنان الشبيبي، محافظ البنك المركزي العراقي، شهد تحولا دراماتيكيا في مصيره الأسبوع الماضي.
واضافت ان الشبيبي كان في لقاءات مع نظرائه من بلدان العالم في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في طوكيو. إلا أن الأمر انتهى به، طبقا لما ذكر نائبه مظهر محمد صالح، بالتحصن في جنيف، بمواجهة أمر توقيف أصدرته ضده السلطات العراقية اثر تحقيق أجرته لجنة نيابية بشأن اشراف البنك المركزي على مزادات تبادل العملة الاجنبية.
ومع ذلك، فمع كل الاسئلة المطروحة بوجه الشبيبي، الذي لم تستطع الصحيفة الاتصال به للتعليق عليها، هناك أسئلة أكثر تواجه حكومة نوري المالكي. فالتعامل مع التحقيق بشأن المحافظ و15 مسؤولآ آخرين في البنك قد كشف، وهذه ليست المرة الأولى، عما يزعم بعض النقاد انه استخفاف الادارة العراقية بعملية قانونية يفترض أن تكون عادية، وتعاملها الخشن بسيادة القانون.
ففي تصريحاتها الجرداء الخالية من الايضاح، كما تقول الصحيفة، أظهرت السلطات العراقية أيضا القليل من الاكتراث بخصوص ضرورة طمأنة المواطنين العراقيين ومجتمع رجال الأعمال بأن الاقتصاد لن يتزعزع بسبب هذه الاضطرابات التي أثارتها ما يزعم أنها فضيحة كبيرة في واحدة من أكثر مؤسسات البلد أهمية.
ونقلت الصحيفة عن احد رجال الاعمال في العراق قوله بحزن ان "ثقافة افعل ما تريد ولا تهتم بالآخرين في هذا البلد يمكن أن تكون عامة وشاملة أحيانا"، في اشارة الى النتيجة المتوقعة لهذه القضية.
وتابعت الصحيفة أن شائعات الاجراء ضد الشبيبي كانت تروج مطلع الأسبوع الماضي، إلا أن الأمر استغرق أياما قبل أن يعترف أي سياسي بتعليق عمل الشبيبي، ومن ثم رفع قضية جنائية ضده. فقد قال مجلس القضاء الاعلى ان المحافظ ومسؤولين آخرين مطلوبين للتوقيف بعد أن أصدر نواب تقريرا ينتقد تلاعب البنك بمزادات تبادل العملة الأجنبية التي تعقد مرات عدة في الأسبوع، تباع فيها أحيانا ملايين الدولارات. وقد شددت السلطات من لوائح التحقق من زبائن المزاد في نيسان الماضي، وسط شكوك راجت منذ زمن طويل، واتفق معها نائب المحافظ، بأن بعض المتعاملين كانوا يستعملون هويات مزيفة للحصول على المال، ومن ثم يفرقونه في تعاملات تجارية من أجل التملص من العقوبات المفروضة على الجارتين ايران وسورية.
ويشير التحقيق الرسمي الى أن المتهمين يواجهون مزاعم بوجود وضع غامض. فأحد محامي الشبيبي قال انه أبلغ بأن التحقيق سري. ونائب المحافظ، الذي نفى ارتكاب مخالفات، قال الأسبوع الماضي انه سمع بأنه مشمول بالتحقيق، الا أنه لم يتلق أي معلومات أخرى.
بعض المحليين يرون في القضية برهانا ساطعا على تزايد استبداد المالكي، بخاصة منذ انسحاب القوات الاميركية في كانون الاول الماضي. ومفارقة السلطة في ادارته هي انه يزيد باستمرار من سلطته على المؤسسات الامنية والمالية المهمة في حين ان تحالفه لا يسيطر الا على اقل من نصف مقاعد البرلمان بكثير. ففي كانون الاول، فر طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، من البلد بعد صدور أمر بالقاء القبض عليه على خلفية تهم بالارهاب، وهي مزاعم يقول الهاشمي عنها انها مدبرة من جانب رئيس الوزراء. بالمقابل، ينفي أنصار المالكي كلام الهاشمي هذا والادعاءات بأن الحكومة تسعى الآن الى الانقلاب على محافظ البنك المركزي كي تتمكن من انتزاع السيطرة على احتياطيات البلد من العملة الاجنبية.
وهناك شيء آخر مثير للقلق في قضية البنك المركزي يتمثل باحتمال تأثيرها في الاقتصاد العراقي، الذي ما زال هشا بعد ديكتاتورية صدام التي دامت 24 سنة، وحوالي 9 سنوات من الاحتلال الاميركي، وحرب أهلية دامية. المعجبون بمحافظ البنك في البلد وخارجه يقولون انه قام بعمل جيد في الحفاظ على استقرار الدينار والسيطرة على التضخم. ويُنظر الى عملية ابداله بعبد الباسط تركي، رئيس ديوان الرقابة المالية، بوصفها اعادة طمأنة لاسيما انه لا يعدّ ملطخا بالسياسة، الا أن الحكومة لم تبذل جهدا يذكر لايضاح دواعي تعيينه، أو اعطاء تعهدات باستمرار استقلالية البنك المركزي.
وقالت الصحيفة انه مع غياب أي دليل حتى الآن من الجانبين عن حقائق الادعاءات بشأن قضية تبادل العملة، فمن المحال الاستنتاج ما اذا كانت هناك أي حقيقة لاتهامات الحكومة للشبيبي. لكن من الانصاف القول ان الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع القضية تعطي أسبابا جدية للقلق بشأن عدالتها.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول ان المسؤولية الآن على ادارة المالكي في أن تبين بسرعة ان هذا تحقيق قائم على أسس متينة وليس محاولة للاستيلاء على سلطة بهدف ازالة عقبة مزعجة في طريق سيطرتها على البلد.
https://telegram.me/buratha

