حذر خبير اقتصادي من تداعيات مذكرة الاعتقال الصادرة بحق محافظ البنك المركزي، التي قد تؤدي إلى اضطراب في سوق العملة، وزعزعة الثقة الدولية بالاقتصاد العراقي ومؤسساته، وشدد على ضرورة التحقق من نشاط الشركات والمصارف الأخرى أولا.
وفي الوقت الذي شددت فيه اللجنة المالية النيابية على ضرورة التعامل بشكل يحفظ المكانة اللائقة للبنك المركزي العراقي الذي يعكس سيادة العراق، وينظم السياسة النقدية للدولة والواجهة الاقتصادية للبلد.
فيما كشف عضو في تحالف دولة القانون بأن اللجنة التحقيقية المشكلة من قبل مجلس النواب عن اتخذت قرارا بمحاسبة محافظ البنك المركزي، بعد أن قدمت ادلتها للقضاء، مشددا على أن الادعاءات بوجود تدخلات سياسية، لا تجعلنا صامتين أمام تجاوزات وسوء أدارة وفساد البنك المركزي لكونه هيئة مستقلة.
وقال ماجد الصوري الخبير المالي في حديث مع "العالم" أمس الاثنين، إن "تداعيات هذا الاتهام، الذي سيؤدي إلى تاثيرات سلبية على إدارة البنك المركزي، وعلى التعاملات الخاصة به وثقته في الاوساط الدولية، وعلى السمعة الحسنة التي حصل عليها في الاوساط الدولية، وعلاقاته بالمؤسسات والدول ذاتها"، محذرا من أنها "ستؤدي إلى اضطراب في سوق العملة وفي العلاقات بين العراق والمؤسسات المالية الدولية، وإلى عدم الثقة بالاقتصاد العراقي ومؤسساته".
وبين الصوري أن "هذا الاتهام اعتمد على تقرير ديوان الرقابة المالية الذي يعمل بشكل أساس على بعض الحوادث والمعاملات والحوالات الموجودة في بعض المصارف، التي حمّلت المسؤولية للبنك المركزي، وادعت أن على المركزي أن يقوم بالتحقق من الفواتير المقدمة من قبل المصارف، لا أن تكون المصارف ذاتها هي المسؤولة، وهذا منطق غير مفهوم".
ونبه الى أن "من المفروض أن يتم التحقيق مع الشركات والمصارف، وليس مع البنك المركزي"، مستدركا "نعم يتم التحقيق مع افراد موجودين في البنك، ولكن هذا لا يعني أن تتهم المؤسسة بأكملها".
بدورها، بينت نجيبة نجيب عضو اللجنة المالية النيابية، أن "مؤسسة البنك المركزي تعكس سيادة العراق، وتنظم السياسة النقدية للدولة والواجهة الاقتصادية للبلد، وكان يفترض ان لا يتم التعامل مع البنك المركزي بهذه الطريقة، ولا سيما في هذه الاوقات".
واشارت نجيب في حديثها مع "العالم" أمس، إلى أن "الفساد الإداري موجود في كل مفاصل الدولة، لكن التعامل مع البنك المركزي ممثلا بمحافظه، يفترض أن يكون بشكل يحفظ المكانة اللائقة لهذه المؤسسة النقدية والاقتصادية في الدولة".
من جانبه، ذكر عبد العباس الشياع عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار، في حديث مع "العالم" أمس، أن "مجلس النواب قد شكل لجنة تحقيقية بشأن الاتهامات الموجهة إلى البنك المركزي، مكونة من رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار، ورئيس اللجنة المالية والنائب الاول لرئيس مجلس النواب، وديوان الرقابة المالية".
وبين أن اللجنة التحقيقة عقدت عدة لقاءات بمجلس إدارة البنك المركزي، بالمحافظ ونائبه واعضاء البنك وموظفين آخرين، إثر ورود معلومات كثيرة للجنتنا حول المزاد العلني، الذي شهد تفضيلا لبعض المصارف على حساب أخرى، وظهر وجود تلاعب واضح في خلق فارق بسعر صرف الدينار بين السعر الرسمي والتجاري"، كاشفا عن أن "اللجنة اتخذت قرار محاسبة محافظ البنك المركزي بعد أن قابلت المعنيين بالموضوع، وبعد أن قدمت ادلتها للقضاء".
واوضح الشياع أن "اللجنة التحقيقية كانت متوازنة، وتعاملت بمهنية وأرقام من خلال المعلومات التي تردها من النواب وجهات اخرى، وسجلت وجود خلل لدى البنك انتج هذه الحالة"، منوها أن "اللجنة ستترك الأمر للقضاء".
ولفت إلى أن "هناك وثائق قدمت إلى اللجنة المكلفة بالتحقيق، وانا شخصيا وصلتني الكثير من الوثائق، وابرزها هو أن المبالغ التي تصرف على ضوء الحوالات التي تأتي لشراء سلع معينة، ولكنها فواتير وهمية بملايين الدولارات دون استيراد بضائع، وكان على البنك المركزي ان لا يصرف اموالا مقابل فواتير وهمية، أو يضع آلية للصرف، وكان الاجدر بالبنك أن يطلب المصادقة على الفاتورة من الجهة المعنية، وعدم صرف أي مبالغ حتى تتم المصادقة على الفواتير".
واضاف الشياع أن "شركات عدة وكبار الصيارفة ومصارف اهلية تركت عملها المصرفي واتجهت للاستفادة من بيع الدولار والحوالات، وحصلت على مبالغ بملايين الدولارات بدون جهد أو مقابل، نتيجة لسوء الإدارة وسوء التنظيم لدى البنك المركزي، ونتيجة غسيل الاموال ايضا".
وحول صدور أمر قضائي بحق محافظ البنك المركزي، أوضح أنه "غير متأكد من صدور أمر قضائي بحق المحافظ سنان الشبيبي ام لا، وفي كل الاحوال نحن لا نشكك في القضاء العراقي ودوره"، معربا عن اعتقاده بأن "الشبيبي اعلن استعداده المثول امام القضاء الذي لن يظلم احدا، إذا كانت لديه ادلة داحضة يدافع بها عن نفسه".
وكان بهاء الاعرجي رئيس لجنة النزاهة البرلمانية، أكد صدور مذكرة قبض بحق محافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين الكبار في البنك ومؤسسات مالية اخرى.
وشدد الشياع على أن "ما حدث من فرق بين سعر الصرف الرسمي والتجاري، الذي استفادت منه شريحة من المصارف بطريقة غير سليمة وغير قانونية، يجب أن لا يترك، وهذا جزء من دورنا الرقابي تجاه البنك المركزي، ولا بد من وضع حد لهذا الامر، سواء كان سوء ادارة أو سوء تنظيم أو قلة خبرة".
وعن امكانية التدخلات السياسية للسيطرة على البنك المركزي، بين الشياع أن "من يريد أن يتهم ويفسر الامور بهذه الطريقة، ويتحدث بهذا النفس مدعيا ان هناك تدخلات سياسية بالموضوع، فهذه الاقوال لا تجعلنا صامتين أمام تجاوزات وسوء إدارة وفساد البنك المركزي، لكونه هيئة مستقلة".
واعتبر احمد العلواني رئيس لجنة الاستثمار والاقتصاد البرلمانية، أن "فروق مزاد بيع الدولار تتحملها جهات أخرى وليس البنك المركزي وحده"، داعيا إلى "التحقق من التهم الموجهة إلى محافظ البنك سنان الشبيبي".
وأكد أن "التقرير الذي تم اعداده بشان البنك المركزي فيه خروق واضحة، وبلون فاقع، تتعلق بتقديم مستندات مزورة".
إلى ذلك، أكد مظهر محمد صالح نائب محافظ البنك في تصريح لـ"العالم" أمس، أن "الشبيبي وصل اليوم (أمس) إلى العراق، وليس لديه علم بالمذكرة القضائية"، مبينا أنه "سيتم الرد على الاتهامات فور دراسة الموضوع خلال اليومين المقبلين، حيث لم يطلع المسؤولون بالبنك على أي من تفاصيل المذكرة أو الاتهامات الموجهة".
https://telegram.me/buratha

