كشف مصدر في وزارة الدفاع عن ترتيبات تجريها الوزارة مع مكتب القائد العام للقوات المسلحة، تقضي بإعادة الطيارين السابقين إلى الخدمة، مرجعا اسباب هذا التوجه إلى أن هناك خطط ترمي لإنشاء غطاء جوي قوي خلال اٌقل من 16 شهرا.
في حين أكدت فيه لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وجود اتفاق بين الطيارين السابقين والحكومة العراقية، لإعادتهم واخضاعهم لدورات تأهيلية جديدة، تمكنهم من أخذ دورهم في الجيش العراقي الحالي.
إلى ذلك، رفض التحالف الكردستاني أعادة الطيارين السابقين إلى الخدمة بذريعة تلطخ أيديهم بدماء الشعب، متهما الحكومة بالكيل بمكيالين إزاء قانون المساءلة والعدالة.
وقال مصدر مطلع في وزارة الدفاع رافضا الكشف عن هويته، في حديث مع "العالم" أمس الاحد، إن "هناك تنسيقا بين وزارة الدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة لتبني عدد من الطيارين السابقين".
وأوضح المصدر "لا اعرف بالضبط الهدف من وراء هذه الخطوة، لكني اطلعت على خطط وزارة الدفاع الرامية إلى خلق غطاء جوي منتظم ومهم خلال أقل من 16 شهرا من الان، ولا ننسى أن تدريب الطيارين في الولايات المتحدة لقيادة طائرات أف 16 سيستغرق نحو سنتين، لذلك فان وزارة الدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة بصدد اختصار الوقت من أجل ترتيب الغطاء الجوي ليتزامن مع منظومة الدفاع الجوي المقرر اكتمالها في نفس المدة التي حددتها الوزارة، بعد أن باتت معالم صفقة الدفاعات الجوية مع روسيا والتشيك واضحة".
وشدد على أن "لا تكشف الصفقات التي يبرمها العراق مع الجانب الآخر، لكن النظام الديمقراطي الحالي يحتم على جميع الوزارات بما فيها الأمنية، أن تكون شفافة في عقودها، وان يتم اطلاع ممثلي الشعب في البرلمان، على جزء من تفاصيل الصفقة لا جميعها، ليتسنى لهم التحقيق في أي حالة فساد قد تحصل خلال الصفقة".
والتقت "العالم" بعدد من الطيارين العائدين الى البلاد مؤخرا، حيث ذكر احدهم وهو برتبة مقدم ركن طيار، أن "تردي الاوضاع في دول الجوار وتحسن الوضع بالعراق، فضلا عن حصولنا على تطمينات من الحكومة، و خصوصا من ضباط كبار في الدفاع، دفعا بي للعودة".
واستدرك" لكن لا نخفي قلقنا وخشيتنا من مسلسل الاغتيالات التي راح ضحيتها الكثير من زملائنا الطيارين بعد أيام من سقوط النظام السابق، حيث قضى اكثر من350 ضابط طيار، اغتيلوا بسبب اعمال انتقامية، كونهم اشتركوا في الحرب ضد إيران".
وأضاف الضابط الطيار الذي طلب عدم الكشف عن هويته لدواع أمنية، أن "هذه الخطوة أتت بالتزامن مع حاجة العراق لطيارين ذوي خبرة كالتي نمتلكها، وصارت الحاجة لنا لتدريب طيارين جدد، لان التدريب في اميركا سيستغرق اكثر من سنتين".
وتابع "نحن جاهزون ولا داعي لتدريبنا، لأن طائرة الـ(سي خوي) و الـ(ميك) التي كنا نستخدمها أيام الحرب مع ايران، تشبه إلى حد كبير طائرة الـ(اف 16)"، ونبه إلى أن "المليارات التي تصرف من أجل تدريب طيارين جدد، يمكن ان يتم اقتصارها بخبرتنا العريضة، لأننا نصلح أن نكون مدربين ايضا للطيارين الشباب، كوننا مارسنا وخضنا حروبا سابقة".
واشار إلى أنه خاض "معركة جوية من الكوت إلى اصفهان، اسقطت فيها طائرة إيرانية وتمكنت من اجتياز كل الدفاعات الجوية في حينها، ونحن نضع خبرتنا أمام وزارة الدفاع، ولا داعي لتدريب الشباب في اميركا، لاننا مرشحين لقيادة هذه الطائرات من الان".
بدوره، أكد مظهر الجنابي عضو لجنة الامن والدفاع، عن القائمة العراقية، أن "هناك اتفاقا بين الطيارين السابقين والحكومة العراقية، لإعادتهم واخضاعهم لدورات تأهيل جديدة، تمكنهم من أخذ دورهم في الجيش العراقي الحالي".
واشار إلى أن "هؤلاء أناس مهنيون لهم خبرة طويلة في الطيران الحربي، ويجب الاستفادة منهم، حيث أن هذا الاتفاق مضى عليه اكثر من شهرين، لكننا لا نملك معلومات عن عدد الطيارين الذين تم استدعاؤهم".
ولفت إلى أن "الطيارين ايضا سيخضعون لمبدأ التوازن المتفق عليه بين الكتل السياسية".
وحول مدى الاستفادة من خبرات الطيارين العائدين اوضح الجنابي في حديثه لـ"العالم" أمس، أن "هؤلاء الطيارين يمكن لهم أن يكونوا مدربين، ويمكن ان يكونوا فاعلين في عملية قيادة الطائرات الحربية وخدمة هذا البلد، وموثوق من مهنيتهم، وهم ابناء هذا البلد من أي جهة أو فرقة كانوا، وعليهم الاعتماد لحماية اجواء البلاد".
واضاف "في السابق كانوا يتعرضون لاستهداف، والان تم زجهم في دورات وسيتم معالجة موقفهم الأمني لحمايتهم من قبل وزارة الدفاع من خلال تأمين الحراسات لهم، والان وضع البلد صار افضل من السابق ولا اعتقد بوجود قلق بهذا الشأن".
من جانبه، بين سعيد رسول البرلماني عن التحالف الكردستاني، أن "الاتفاقيات مع اميركا وروسيا والتشيك لتسليح العراق تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، فهذه الاسلحة التي سيتم تزويد العراق بها تختلف عن اسلحة عقدي الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي".
واشار إلى أن "الطيارين الذين خاضوا حروبا في الثمانينات تم تعطيلهم منذ العام 1991 ولم يقودوا أي طائرة منذ ذلك الحين، بسبب الحظر الجوي الدولي، وإعادتهم الآن لن تكون ذات جدوى، مع ملاحظة التطور التكنولوجي وتخلفهم عن الطيران طيلة الـ20 سنة الماضية، ولا شك ان هؤلاء الطيارين يبلغون الآن من العمر ما لا يقل عن 50 عاما، بمعنى ان استيعابهم لهذه التكنولوجيا امر صعب، لأن الانسان كلما تقدم بالعمر كلما قل استيعابه".
وشدد على أن "الطيار في العراق ابان النظام السابق كان مواليا للنظام وايديهم ملطخة بدماء العراقيين"، وتساءل "من كان بإمكانه أن يكون طيارا لولا انتمائه إلى حزب البعث".
واعتبر أن "الحكومة تكيل بمكيالين، حيث تعزل من تشاء بحجة انتمائه للبعث وتطبق قانون المساءلة والعدالة بحقه، لكنها حين تريد شخصا ما لا تطبق هذا القانون بحقه".
واستغرب "اعادة الطيارين بعد أن كانت بعض احزاب الحكومة تعلن انها ضد من قاموا بمساعدة النظام البائد، والان يعملون على اعادتهم للخدمة، وهذا أمر غريب جدا".
وطالب "بعدم اعادتهم إلى الخدمة من جديد، وإذا كانوا يبحثون عن حل لتسوية اوضاعهم، يجب ان تصرف لهم رواتب، لكن دون أن نزج بهم في برنامج الطائرات"، منبها إلى أن "صفقة السلاح يجب ان تتم باتفاق جميع الكتل السياسية، ويجب ان يصادق عليها في البرلمان، حيث أن الحكومة حين تعقد صفقاتها بقيمة اكثر من 4 مليارات، يجب أن تصب في صالح الجيش الوطني، الذي يكون ولاؤه للوطن وحده، لكن الان اصبح ولاء الجيش لحزب واحد".
https://telegram.me/buratha

