فسر محلل سياسي تصريح رئيس الوزراء الاخير حول رفضه لحكومة الشراكة الوطنية، واعتبارها امرا معرقلا لاداء حكومته، بانه مؤشر على تحضير المالكي للبقاء في رئاسة الوزراء، وانه يعمل على تقريب الكتل الصغيرة مع بعضها كبديل عن الكتل الكبيرة، متوقعا ان يشهد العامان المقبلان تغييرات في معادلة السلطة.
واذ اتفقت القائمة العراقية مع ما ذهب اليه المالكي من فشل حكومة الشراكة، اكدت ان المالكي غير قادر على تشكيل حكومة اغلبية.
وفي الوقت الذي استغرب فيه التيار الصدري من تصريح رئيس الوزراء، اكد ان حكومة الشراكة هي الحل الوحيد للجميع. ورأى بتصريح المالكي بانه دكتاتورية جديدة، منوها انه لن يصوت له مرة اخرى.
من جهته، عد التحالف الكردستاني بان المالكي يريد ان يقول من خلال تصريحه انه باق في السلطة باي وسيلة كانت. واكد ان اقدام المالكي على تشكيل حكومة اغلبية سياسية هو انتحار له ولحزبه.
بدوره، دافع ائتلاف دولة القانون عن تصريح زعيمه بانه في سياق تقييم تجربة حكومة الشراكة التي كانت تجربتها فاشلة، وان تصريحه بمثابة نصيحة للشعب والكتل السياسية.
وفي مقابلة مع "العالم" امس الثلاثاء، عزا محمد نعناع، المحلل السياسي، التصريح الاخير الى ان "المالكي يحضر للبقاء في رئاسة الحكومة، وكذلك يحضر لان تكون الحكومة المقبلة حكومة اغلبية سياسية".
ولفت نعناع الى ان "المالكي يعمل من الآن على دمج الكتل الصغيرة مع بعضها لتكوين بدائل عن الكتل الكبيرة، كتقريبه لكتلة التغيير، بديلا عن الاكراد، والعراقية الحرة والبيضاء، كبديل عن العراقية الام، وهذه البدائل يدعمها ويعطيها فرصا في الجوانب المرتبطة به".
وكان المالكي قد صرح في مقابلة مع قناة روسيا اليوم الفضائية، امس الاول (الاثنين) أنه يبذل جهدا في سبيل عدم تكرار تجربة حكومة الشراكة الوطنية، معتبرا أنها أصبحت محاولة لعرقلة العمل.
وقال المالكي، إن "تجربة حكومة المشاركة تحولت من المشاركة في العمل والإنجاز إلى محاولة للإعاقة وعدم الإنجاز"، معتبرا أن هذا الأمر يعد "صورة مقلوبة للديمقراطية"، مؤكدا في هذا السياق "أعمل على ألا تتكرر هذه التجربة مرة أخرى".
وعن مدى امكانية تحقيق ما يطمح اليه المالكي من تشكيل حكومة اغلبية، اوضح المحلل السياسي، ان "نجاحها يبقى رهنا بالتغيرات الموجودة في العملية السياسية، لان الكتل الاخرى لديها مفاجئات"، منوها "نشهد الآن تقدما في خطاب المجلس الاعلى، وتحديدا في خطاب زعيمه عمار الحكيم، كما نلاحظ تطورا في خطاب التيار الصدري، مع تحركات احمد الجلبي والفضيلة التي تتجه لاعادة الائتلاف الوطني الى صورته الشعبية السابقة من انه مدعوم من المرجعية". وختم بالقول ان "السنتين القادمتين ستشهد تغيرات في معادلة السلطة".
واعتبر سالم دلي، النائب عن القائمة العراقية، من طرفه، ان "تصريح رئيس الحكومة ينطوي على اعتراف ضمني بفشل حكومة الشراكة الوطنية، ونحن نعتقد بذلك ايضا".
واكد دلي في حديثه مع "العالم" امس، "في الديمقراطية لا يوجد شيء اسمه شراكة، وانما يفترض ان تكون هناك اغلبية ومعارضة"، لافتا الى انه "قد يكون هذا الكلام اشارة الى بدء المالكي بالتوجه الى حكومة الاغلبية التي اشار لها في اكثر من مرة". لكن دلي عاد واستدرك بان "ائتلاف دولة القانون في هذه المرحلة غير قادر على تشكيل حكومة اغلبية".
بدوره، اعتبر جواد الشهيلي، النائب عن التيار الصدري، ان "حكومة الشراكة الوطنية كانت الحل الوحيد للجميع، وان الاجواء تشير الى ضرورة الاستمرار بها"، متابعا بالقول "كان بإمكان المالكي ان يشكل حكومة اغلبية منذ البدء، لكنه لم يستطع".
وفي الوقت الذي قال "اذا كان المالكي يقصد بهذا الكلام الدورة الانتخابية المقبلة، فهو يضرب اراء الكتل السياسية عرض الحائط، ويتفرد بدكتاتورية جديدة"، استغرب، من تصريح المالكي الاخير، قائلا بانه "يندرج ضمن دعاية انتخابية مبكرة".
وبين النائب عن التيار الصدري، ان "التيار سيعمل على عدم التصويت للمالكي كرئيس وزراء مرة اخرى". واردف " كان الأجدر بالمالكي ان يصرح حول سجن تكريت، وما حدث فيه من هروب لسجناء محكومين بالاعدام، فهو لم يتكلم بكلمة واحدة عن هذا الموضوع المهم".
الى ذلك، قال فرهاد الاتروشي، النائب عن التحالف الكردستاني، لـ"العالم" امس، ان "نية هذا الرجل (المالكي) البقاء في الحكم بأي وسيلة كانت، واكبر دليل على ذلك هو تصريحه الاخير بشان رفضه لحكومة الشراكة الوطنية"، مفسرا ذلك بانه "يريد ان يقول انا باق، فاذا اردتم ان تأتوا معي اهلا وسهلا، وإلا فانا ذاهب وحدي وسأشكل حكومة اغلبية سياسية".
ورأى الاتروشي ان "حديثه حول الشراكة الوطنية يحمل دلالات خطيرة، لاسيما وان المؤسسات الحكومية حتى الان لم تكتمل، وحتى الحكومة غير مستقرة، فلهذا نقول ان اهم دلالات هذا التصريح هو البقاء في السلطة سواء شاءت الكتل السياسية ام ابت"، مضيفا "المالكي يريد ان يؤكد للاطراف السياسية على امرين، الاول، انه باق الى نهاية عمر الحكومة، والثاني، سابقى في الدورة المقبلة ايضا". وزاد "يريد ان يدير البلد بطريقته وهذا فيه خطورة على الدولة".
وحول قناعة ائتلاف المالكي بتشكيل الاغلبية، علق بالقول "اذا كان الامر كذلك، فلماذا يفشل في تمرير القوانين في مجلس النواب، لاسيما تلك التي يدفع باتجاهها".
وبشأن امكانية تشكيل المالكي حكومة اغلبية سياسية، رد الاتروشي بان "هذا مستحيل وغرور وتكبر على الاخرين، كما انه انتحار سياسي بالنسبة للمالكي ولحزب الدعوة، لأن فيه مواجهة لكل الكتل السياسية".
من جهته، دافع عباس البياتي، النائب عن ائتلاف دولة القانون، عن تصريح المالكي حول حكومة الشراكة الوطنية، وراى فيه "تقييما عمليا لتجربة هذه الحكومة، وكيف ان اشتراك جميع الكتل في حكومة غير متجانسة أدى الى تعطيل وشلل هذه الحكومة".
وقال البياتي، اثناء حديثه مع "العالم" امس، ان "تجربة اشتراك الجميع، ومعارضتهم في نفس الوقت، امر غير موجود في أي حكومة في العالم"، مضيفا "لأول مرة تحصل ان يكون للكتل موقف يؤيد في مجلس الوزراء، وموقف معارض في مجلس النواب".
وفيما اذا كان المالكي يقصد بتصريحه الرافض لحكومة الشراكة الوطنية خلال هذه الدورة، نفى البياتي ذلك، قائلا ان "المالكي يقصد الدورة القادمة، وليس الحالية، وهي نصيحة وتوجيه للشعب والكتل في ان تختار الاغلبية وليس الشراكة".
https://telegram.me/buratha

