كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، أن الأخير سيقوم بزيارة رسمية إلى جمهوريتي روسيا الاتحادية والتشيك في شهر تشرين الأول المقبل، مؤكدا أن اسبابا امنية تحول دون الاعلان عن الزيارة قبل يوم او يومين من بدئها والتي سيرافق المالكي خلالها عدد من الوزراء والمسؤولين من بينهم وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي.
وفيما رفض مستشار للمالكي الحديث عن تفاصيل الزيارة، اعرب مختصون في الشؤون السياسية عن اعتقادهم بأن المالكي اتجه إلى روسيا بسبب تباطؤ الأميركان في قضية صفقات الاسلحة المرتقبة، بفعل محاولات مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان في اقناع واشنطن بضرورة عدم خلق جيش يشبه إلى حد كبير جيش النظام السابق.
وفي الوقت الذي رأوا فيه أن العراق سيسعى من خلال هذه الصفقات الى تنويع مصادر تسليحه، بغية التخلص من ضغوط واشنطن، أكدوا على أن المالكي سيناقش عددا من الملفات الخارجية، وفي طليعتها الملف السوري، وشرح المبادرة العراقية.
وفي حين طالب أعضاء في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ابلاغ جميع الاطراف بالصفقات التي تتم بشأن الاسلحة، لتكون أكثر شفافية ووضوحا، رأى آخرون في ذات اللجنة أحقية القائد العام للقوات المسلحة في أن يعقد أي صفقة اسلحة يراها مناسبة، بسبب تعثر الولايات المتحدة في مشروعها لتسليح الجيش.
وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، رفض الكشف عن اسمه في حديث مع "العالم" أمس الثلاثاء، إن "المالكي يعتزم زيارة كل من روسيا والتشيك في شهر تشرين الأول المقبل"، لافتا الى أنه "لن يتم الاعلان عن الزيارة قبل يوم او يومين من بدئها لأسباب أمنية، وهو أمر متبع في كل الزيارات التي يقوم بها".
وأوضح أن "عددا من الوزراء والمسؤولين بضمنهم وزير الدفاع، سيرافقونه خلال الزيارة"، مضيفا أن "جدول زيارة البلدين سيتضمن بحث مجموعة ملفات تتعلق بالعراق، ابرزها الجانب العسكري، وما يخص تسليح الجيش وبناء القوات الأمنية".
من جهته، رفض علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء الحديث عن تفاصيل الزيارة والملفات التي سيبحثها مع الجانبين الروسي والتشيكي.
وبخصوص احتمال تأثير اي صفقة محتملة مع روسيا لتسليح الجيش العراقي على العلاقات مع الولايات المتحدة، نفى الموسوي أي "تعارض بين الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وبين عقد صفقات اسلحة مع بلدان أخرى".
وأكد الموسوي في اتصال مع "العالم" أمس، أن "الحكومة تبرم الاتفاقيات وتعقد الصفقات التي تصب في مصلحة البلد والشعب، واينما تكون مصلحة العراق تذهب الحكومة إليها وتحققها بغض النظر عن كل شيء، فلا توجد دولة محظورة لدينا، ونحب أن تكون العلاقات طيبة مع جميع الدول".
من جانبه، اعرب محسن شكيب المحلل السياسي في اتصال مع "العالم" من اربيل امس، عن اعتقاده بأن "رئيس الوزراء نوري المالكي، غضب كثيرا من الجانب الاميركي نتيجة تعثر عملية التسليح، لأنها ارتبطت بالتوازنات السياسية القائمة في العراق" مبينا أن "هناك اعتراضا من قبل المالكي على تباطؤ الأميركان في قضية صفقات الاسلحة المرتقبة، وان هذا التباطؤ جاء بفعل اقناع رئيس الاقليم مسعود بارزاني واشنطن بضرورة عدم خلق جيش عراقي يشبه إلى حد كبير جيش النظام السابق، لأن النظام الحالي ربما يصار الى إدارته بطريقة الرجل الواحد مستقبلا".
واضاف شكيب في حديث مع "العالم" أمس، أن "العراق من الناحية السياسية، يرى انه سيجد مكاسب كبرى لدى روسيا، التي لديها نفوذ في المنطقة، وهذا مهم من الناحية العملية" منوها أن "الزيارة ستشهد بحث الملف السوري، وتداعياته على المنطقة، وامكانية تطبيق مقترح العراق القاضي بإجراء انتخابات تحت غطاء دولي، وانشاء نظام ديمقراطي حديث في سورية".
إلى ذلك، رأى هيثم الهاشمي رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أن "الزيارة تحمل اكثر من رسالة، فهي تدل على أن العراق يسعى لتنويع مصادره من الاسلحة، بغية عدم وضع نفسه في زاوية الضغط من قبل دولة واحدة، لا سيما وأن الولايات المتحدة فرضت شروطا في الآونة الاخيرة على الدول التي تسعى إلى عقد صفقات اسلحة معها، واتصور أن ما سيحدث هو التنوع في صفقات الاسلحة".
وتابع الهاشمي أن "الزيارة ستفتح الكثير من الافاق سواء مع روسيا او التشيك التي تدور في نفس المحور، وأن الاسلحة الروسية والتشيكية وبلدان حلف الناتو تعد اكثر تطورا من الاسلحة الاميركية".
وانتقد "مبدأ التسقيط، الذي تسير عليه الكتل السياسية، فعندما يقدم اي ائتلاف على مشروع وطني يتم اسقاطه من قبل القوائم الأخرى، وان اعتراضات الكتل الاخرى على صفقات الاسلحة ان كانت من باب التسقيط هذا، فلن يتمكن العراق من امتلاك أي تقنية عسكرية مطلقا".
بدوره، بين مظهر الجنابي عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عن القائمة العراقية، أنه "ليس لدينا علم بعقد صفقات اسلحة مع روسيا والتشيك ولا مع غيرها، ولم يكن لدينا علم اصلا بالصفقات التي عقدت في وقت سابق، ولا نعلم بهذه الزيارة اصلا".
واضاف الجنابي في لقاء مع "العالم" أمس، أن "من المفترض أن يتم ابلاغ جميع الاطراف بالصفقات التي تتم بشأن الاسلحة، لتكون أكثر شفافية ووضوحا، فالعقود تتعلق بجيش عراقي يبقى بعد عقود، ولا يخص الموضوع رئيس الوزراء وحده، الذي سيتغير بلا شك في المستقبل لأننا بلد ديمقراطي، وهذا النظام الديمقراطي يعتمد على التحولات الشعبية والجماهيرية".
وتابع "نحن لسنا ضد تسليح الجيش العراقي، ولكننا ندعو إلى أن تتم الصفقات بشفافية عالية وبعلم جميع الاطراف، لا سيما وان الحكومة قائمة على مجموعة كتل، ولا يجب ان تدار من قبل طرف واحد".
وشدد على أن "ضرورة توضيح الاتجاه إلى السلاح الروسي في هذا الوقت بالذات"، مستدركا "نحن لا حول لنا ولا قوة في البرلمان، والحكومة التنفيذية هي من تدير كل الأمور التسليحية، ولا يخفى أن الكثير من العقود شابها الفساد والشبهة، حيث ذهبت في جيوب المفسدين دون حساب ولا عقاب".
من جانبه، أكد اسكندر وتوت عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، أن "من حق القائد العام للقوات المسلحة عقد أي صفقة اسلحة يراها مناسبة للجيش".
واوضح وتوت في حديث مع "العالم" أمس، أن "اميركا تعثرت في تسليح الجيش العراقي، ولا يمكن للقائد العام للقوات المسلحة أن يقف مكتوف الأيدي ينتظر تسليح الجانب الاميركي، فنحن لا نمتلك اسلحة تمكننا من الدفاع، في ظل هذه التحولات الإقليمية، وفي اطار مواجهة البلد مع تنظيمات ارهابية خطيرة مثل تنظيم القاعدة".
https://telegram.me/buratha

