كشف الجهاز المركزي للاحصاء ان عدد سكان العراق بلغ 34 مليون نسمة، مؤكدا ان هذا الرقم يعتمد على بيانات دقيقة وصحيحة، مشيرا الى ان معرفة عدد سكان العراق لا يمكن ان تغني عن القيام باجراء تعداد سكاني، لانه لا يستهدف معرفة عدد السكان فقط، بل يوفر قاعدة بيانات شاملة وواسعة عن التعليم والصحة والعمل والهجرة وحتى ظروف البيئة المحيطة بالمسكن.
من جهتها، اكدت لجنة الاقاليم والمحافظات النيابية ان قانون التعداد السكاني جاهز منذ العام 2008، مبينة ان قادة الكتل السياسية وخلافاتها حول العديد من النقاط الواردة في القانون هي وراء تعطيله، ودعت اللجنة الى الاسراع بايجاد توافق سياسي بشأنه.
وفي الوقت الذي رأى مختصون ان اجراء التعداد في الوقت الحاضر دون توافق بشأنه، سيؤدي الى نتائج غير صحيحة، شددوا على ان عدم التسريع بإجرائه سيؤثر بشكل مباشر على الخطط المستقبيلة والتنموية والخدمية التي يحتاجها العراق اليوم، ما يجعل تلك الخطط فاقدة للجدوى، خصوصا في ظل تغيير كبير طال التركيبة السكانية والاجتماعية العراقية.
ففي مقابلة مع "العالم" امس الاثنين، كشف مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي للاحصاء، ان "عدد السكان في العراق يبلغ حاليا 34 مليون نسمة، بناء على دراسة أعددناها تعتمد بالدرجة الاولى على عملية الحصر والترقيم التي انجزت في نهاية العام 2009"، مؤكدا ان "تلك البيانات الحديثة مكنتنا من التوصل الى عدد سكان العراق في البيئتين الحضرية والريفية، وهكذا على مستوى الناحية والاقضية والمحافظات".
وفيما اذا كانت تلك البيانات تغني عن القيام بتعداد سكاني، رد العلاق "كما هو معروف فان التعداد السكاني العام يوفر خصائص السكان بشكل تفصيلي، عن التعليم والصحة والهجرة وخصائص المسكن وظروف البيئة المحيطة بالمسكن"، مضيفا ان "الدراسة التي لدينا تشير الى ضرورة تسهيل اجراء التعداد السكاني للسكان من اجل تحقيق الاهداف المنشودة منه".
وشدد رئيس الجهاز المركزي للاحصاء، ان "المساجلات والمجاذبات السياسية هي التي اخرت عملية البدء باجراء التعداد السكاني العام، لان هناك تصورات عند الكثير من المكونات السياسية، وهناك جدل بشان بعض الاسئلة التي وردت في استمارة الاستبيان، فضلا عن وجود إشكالات حول كيفية ادارة المناطق المختلف عليها، وكل هذه بحاجة الى قرارات سياسية تحسم هذا الجدل"، آملا بان "يكون للمصالحة السياسية المزمع إجراؤها آثار مباشرة في التسريع باجراء التعداد العام للسكان".
يذكر ان العراق اجرى حتى الان 7 تعدادات سكانية، حيث ان اول تعداد كان في العام 1934 وبعده على التوالي في الاعوام 1947، 1957، 1965 ،1977، 1987، ،1997 وكان من المفترض ان يجرى التعداد الثامن في العراق العام 2007 لكن الوضع السياسي المتشنج والاعتراض على التعداد في المناطق المتنازع عليها حال دون ذلك.
من ناحيته، ذكر منصور التميمي نائب رئيس لجنة الاقاليم والمحافظات النيابية، ان "الكثير من القوانين المعطلة في البلاد هي بسبب الخلافات السياسية، ومن ضمنها قانون التعداد السكاني رقم 40 لسنة 2008"، مشيرا الى ان "القانون جاهز منذ الدورة البرلمانية السابقة، لكن التعطيل يجري من قبل قادة الكتل السياسية لعدم حصول توافق بشأنه".
واكد التميمي، في حديثه مع "العالم" أمس، ان "قانون التعداد السكاني قانون مهم جدا بالنسبة لعملية التخطيط والبناء، ويتوقف عليه عدد كبير من المشاريع الإستراتيجية والاقتصادية، بل حتى تعديلات مهمة لعدد من القوانين مثل، قانون الانتخابات وقانون مجالس المحافظات وقانون النفط والغاز وقوانين اخرى".
وعن اهم النقاط التي تشكل محل الخلاف في القانون بين الكتل السياسية، بين نائب رئيس لجنة الاقاليم والمحافظات في مجلس النواب، ان "قضية كركوك وحقل القومية، من اهم النقاط المفصلية في قضية التعداد السكاني، وهذه نقاط مهمة ومفصلية وحساسة".
وأضاف ان "تبعية المناطق المتنازع عليها بين محافظات الموصل وصلاح الدين وديالى مع اقليم كردستان، جميعها اخرت من تشريع قانون التعداد السكاني حتى الان"، معتقدا ان "تفعيل القانون في هذه المرحلة دون حل النقاط الخلافية سيعيدنا الى نفس المشكلة، وبالتالي فان القانون بحاجة الى توافق سياسي".
وفي الوقت الذي رأى حسين فاضل استاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد، ان "اجراء التعداد السكاني في الوقت الحاضر اذا تم فمن الممكن ان تكون له نتائج غير صحيحة بسبب الخلافات السياسية حوله"، قال ان "عدم وجود الاحصاء يؤثر بشكل مباشر على التخطيط المستقبلي ووضع الخطط التنموية، فهذه لا يمكن السيطرة عليها بدون تعداد سكاني".
وزاد "الكثير من الخطط التي يحاول المختصون رسمها اليوم، لن تحقق جدواها من دون التعداد السكاني، لذلك فان الاحصاء ضرورة ملحة جدا، لاسيما في الوقت الحاضر".
وافاد فاضل، أن "اول من يحتاج الى التعداد والجرد الاحصائي هم اساتذة الجامعات والمراكز البحوث الإستراتيجية، لان اغلب الدراسات التي تجري تعتمد على التعداد السكاني، والكثافة السكانية لانه يدخل في التوزيع والتنظيم"، مردفا بالقول "هناك هجرة عائدة، وهناك تنقلات من مناطق الى مناطق اخرى غيرت التركيبة الديموغرافية للمجتمع، وهناك زيادة في المواليد وزيادة في الزواج فكل هذا مطلوب حاليا".
وخلص بالقول الى ان "التعداد السكاني يؤثر بشكل مباشر وشامل على الاقتصاد، لان الخطط التنموية للدولة تعتمد كليا على الجانب الاحصائي من اجل الخروج بخطط مستقبلية ناجحة".
https://telegram.me/buratha

