أقر مستشار في الحكومة بصعوبة الشروع في المرحلة الثانية من الترشيق الوزاري، لأسباب تعود الى عملية التوازن السياسي "المحاصصة"، داعية الى تعديل قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، وعدم الغائها في الوقت الحالي، لأن ذلك سيترك فراغا كبيرا.
إلى ذلك، نفى ائتلاف دولة القانون تبنيه المشروع الذي نادت به أطراف حكومية مؤخرا، مثنية في الوقت ذاته على جهودها الرامية لتخليص الجهاز الحكومي من الترهل. وأكد أن أي مقترح من هذا النوع، لن يتم تداوله، ما لم يتم التوافق بشأنه بين الكتل السياسية.
فيما رفض التحالف الكردستاني إجراء أي ترشيق وزاري أو إداري خارج نطاق التوافق السياسي، معتبرا أن هذا الطرح في مثل هذا الوقت يعد تسويفاً ومحاولة للتغطية على المشاكل والأزمات التي تمر بها العملية السياسية.
وقد حاولت "العالم" مرات عدة للحصول على تصريح بهذا الشأن من أحد نواب القائمة العراقية لكنها لم تفلح في ذلك.
وكان علي محسن العلاق الأمين العام للأمانة العامة لمجلس الوزراء، طالب رئيس الوزراء نوري المالكي بتفعيل المرحلة الثانية من الترشيق الحكومي، نتيجة لضغوطات بعض المؤسسات الحكومية على الأمانة، مبينا أن بعض المؤسسات تحتاج إلى دمج أو تقليص، وان يكون دور بعض المؤسسات تخطيطيا أو إشرافيا، بعيدا عن الجانب التنفيذي.
ففي حديث مع "العالم" أمس الاحد، ذكر فاضل محمد مستشار رئيس الوزراء للشؤون القانونية، أن "الهيكلية الإدارية والوظيفية تعاني ترهلا ضخما، وهذا غير موجود في العالم اليوم، الأمر الذي يتطلب ايجاد حلول تسهم في القضاء على الترهل"، مبينا أن "الترشيق الوزاري بدأ به رئيس الوزراء داخل مجلس الوزراء، حيث تم الغاء عدد من وزارات الدولة، وكان يفترض أن تكون هناك مرحلة ثانية من الترشيق، تتضمن دمجا بين المؤسسات والوزارت المتشابهة، وهذا ما يزال مطروحا أمام رئيس الوزراء".
وتابع محمد أن "الترشيق يخضع للتوازنات السياسية أو ما يسمى بالمحاصصة، وأن إلغاء بعض الوزارات أو دمجها يؤثر على آلية التوازن، فبعض المسؤولين والوزراء محسوبون على الكيانات السياسية المشاركة في الحكومة".
وحول قدرة مجلس النواب على تشريع قوانين جديدة قال محمد إن "قوانين البلد لا يمكن أن يصنعها غير العراقيين، فللعراق تاريخيا قوانينه التي قلدته فيها دول الخليج والجوار في السابق، لذا هو يعد من الدول المتطورة في إطار النظم الإدارية بالرغم من الحقبة التاريخية الماضية التي أدت به إلى التراجع"، مؤكدا أن "القوانين نظام متكامل له تشعبات منذ أيام الحكم العثماني، وتتعدل هذه القوانين وتتبدل وفقا للمرحلة الزمنية ومتطلباتها". ولفت إلى أن "الحاجة للتغيير لا زالت قائمة فقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل لا يمكن أن تلغى بل انها تحتاج الى تعدل، لأن الإلغاء يترك فراغا كبيرا".
من جانبه، أكد جبار الكناني النائب عن ائتلاف دولة القانون على أن "ما طرحه السيد علي العلاق امين عام مجلس الوزراء، لا يمثل رأي كتلة ائتلاف دولة القانون أو التحالف الوطني، بل هو رأي مهني يمثل وجهة نظره باعتباره رجلا تنفيذيا يفهم في القضايا الادارية اكثر من غيره، ونحن نحترمه"، مبينا أن "أي مقترح من هذا النوع، لن يتم تداوله او مناقشته في مجلس النواب، ما لم يتم التوافق بشأنه من قبل الكتل السياسية".
ونبه الكناني في حديث مع "العالم" أمس، إلى "أهمية ورقة الاصلاح والحوار والوصول الى تفاهمات بين الكتل السياسية، إذ أن الحلول الجزئية والإدارية لن تتم بدون هذه الأدوات التي تقرب من حل مشاكل العملية السياسية"، عازيا أسباب الخلل الإداري في الحكومة إلى "منظومة القوانين التي يتم التعامل بها، والتي تسير أمور الدولة، كونها قوانين قديمة تعود إلى عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث تم إجراء تعديلات عليها في السبعينيات والثمانينات، وبالتالي فإن فلسفة الدولة للجانب الإداري والاقتصادي اختلفت عما كانت عليه سابقا، الا أنها تسير وفق القوانين القديمة حاليا".
ولفت إلى أن "أكثر قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل تعبر عن الادارة المركزية وفلسفة حكم الرجل الواحد، وأن مجلس النواب لا يمتلك ستراتيجية لوضع قوانين إدارية واقتصادية لتسيير البلد، وانما يتم التصويت على قوانين دون أي رؤية ستراتيجية معينة، ما يؤدي إلى تعديل القوانين بعد سنة أو سنتين من اكتشاف خلل إداري أوقانوني فيها".
بدوره، قال شوان محمد طه النائب عن التحالف الكردستاني، في حديث مع "العالم" أمس، إن "مشكلة العراق الان ليست في الترشيق أو الادارة، بل إن المشكلة سياسية، وتتعلق بالحكومة الاتحادية، وعلاقاتها بالأقاليم الإدارية، وإذا ما تم التوافق بين الكتل السياسية على الأمور الاساسية فإن مسألة الترشيق ستكون سهلة للغاية، إذ أن التوافق السياسي سيكون اكثر سهولة في حال تم حل المشاكل الأساسية".
واعتبر طه أن "الدعوة إلى الترشيق الوزاري مجرد تسويف وغطاء على مشاكل أخرى يعج بها البلد، وأن هذه الدعوة ليست في محلها، لأن العراق يعاني من مشاكل كبيرة وأزمات متنوعة، يرافقها اوضاع ساخنة في المنطقة، تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على واقعنا في العراق"، مشددا على ضرورة "تجاوز الحكومة خلافاتها مع الكتل السياسية الأخرى لكي يتم بعد ذلك الوصول إلى حلول لهذه المسائل الإدارية البسيطة".
وأكد أن "مشكلة العراق تدور حول طبيعة إدارة الحكم، وليس كثرة الوزارات أو الترهل الوظيفي، فنحن نرى أن طبيعة النظام وإدارة الحكم تدار بشكل غير إيجابي، ويجب تصحيح مسارها، وبعد ذلك يتم التفكير بالجزئيات"، منبها الى أن "الكلام عن حق الحكومة القانوني من عدمه في إجراء أي ترشيق وزاري جديد، بعيد عن النقاش حاليا، لأن الوضع العراقي في الزمن الراهن يحتاج إلى توافقات بني على أساسها".
وأوضح طه أن "مسألة الترشيق الحكومي تمت بمرحلتها الأولى، وتم الغاء بعض الوزارات، وبما أن الحكومة توافقية، لذا يلزم وجود اقرار وتوافق من قبل الكتل السياسية حول الترشيق".
https://telegram.me/buratha

