كما أكد سماحته على ضرورة الاسراع بأعمار مرقد العسكريين ( سلام الله عليهما ) في سامراء المقدسة معتبراً بناؤه رمزاً للوحدة بين العراقيين ، ودعا المسؤولين الحكومين جميعاً الى بذل المزيد من الاهتمام في قضايا المواطنين وحل المشكلات وضرورة إطلاعهم شخصياً على المشاكل ووسائل معالجتها .
كما أشار سماحة السيد الحكيم الى المؤتمر الدولي لدعم الحكومة العراقية في بغداد منبهاً الى ضرورة الالتفات للتضحيات التي قدمها شعبنا العراقي خلال السنوات الاربع الماضية ، وتأسف سماحته من التصريحات التي اطلقها الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى من تدويل القضية العراقية .
ودعا سماحته الدول الاقليمة والمجتمع الدولي الى ممارسة الدور الايجابي في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية من اجل مساعدة العراق على النهوض من جديد . مركزاً على الايمان في مبدأ الحوار السياسي من اجل حل المشكلات الناجمة بين القوى الاقليمية نفسها ، او بينها وبين القوى الدولية نتيجة الى تلبّد اجواء المنطقة بالازمات الخطيرة المهددة للسلام والامن فيها .
وأكد سماحة السيد الحكيم على ضرورة عقد اتفاقية امنية بين الحكومة العراقية وقوات متعددة الجنسيات وفق قرارات مجلس الامن ، بحيث تتضمن تحديداً واضحاً لصلاحيات هذه القوات في المجال الامني وتنظيم الاعتقالات والمنافذ الحدودية والمطارات .
واختتم سماحة السيد الحكيم كلمته بالدور الكبير الذي قامت به المرجعية الدينية الرشيدة المتمثلة بالامام السيستاني ( دام ظله الشريف ) للمحافظة على وحدة العراقيين، فكانت صمام الامان لهم جميعاً من خلال مواقفها الشجاعة والحكيمة . ورفع سماحته بالدعاء الى الله بحفظ زوار اربعين الامام الحسين ( عليه السلام ) والرجوع الى اهليهم سالمين غانمين مقبولي الاعمال والطاعات ومستجابي الدعوات وان يرحم الشهداء الابرار برحمته الواسعة سيما الصدرين العظيمين وشهيد المحراب الحكيم وان يدفع عن العراق و اهله كل سوء ومكروه.
واليكم نص الكلمة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليك يا مولاي يا ابا عبد الله، السلام عليك يا سيدي وعلى اهل بيتك واصحابك الذين بذلوا مهجهم دونك . السلام عليك ما انقضت الايام والدهور، وصوتك في كربلاء ما زال يدوي في ضمير الاجيال: هيهات منا الذلة، السلام عليك اذ صوتك ما زال يستنهض الخيّرين في هذا العالم: الا هل من ناصر ينصرنا، الا هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله، السلام عليك وحيداً في معركة لم يعرف التاريخ مثيلاً لها، ولم يعرف التاريخ مثيلاً لوحدتك.
السلام عليك اماماً، مظلوما،وهادياً مرشداً، وفارساً مقداماًً، وشهيداً ما زالت تبكيه الارض والسماء ، لانه يمثل قضية السماء، قضية الخير والحق ضد الشر والباطل، السلام عليك يا سيدي ومولاي وعلى الارواح التي حلّت بفنائك عليك مني سلام الله ابدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم ، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان ايها الامام المنتظر عجّل الله تعالى فرجك وسهّل مخرجك وجعلنا من انصارك والمستشهدين بين يديك،السلام عليك يامولاي وعظم الله اجرك بمصاب جدّك الامام الحسين سبط رسول الله وسيد شباب اهل الجنة.
السلام عليكم ايها المؤمنون الحسينيون، يامن زحفتم من كل مكان لتلتقوا هنا في هذا المكان العظيم المقدّس مؤكدين ان قضية الامام الحسين ومبادءه ما زالت حيّة في نفوسكم ـ ولتؤكدوا ولاءكم لآل البيت (ع) وبراءتكم من اعدائهم ومن الظلم والظالمين، السلام عليكم رجالا ونساءً واطفالاً،مواسين اهل البيت عليهم السلام بهذه المآسي والمصائب التي حلّت بهم.
ايها المؤمنون.. ايها الحسينيون ، اننا اليوم اذ نجتمع مرة اخرى هنا ، في هذا الموقف الفريد من نوعه في العالم فاننا نؤكد اهمية هذا الاجتماع العظيم وطبيعة الرسالة التي يود العراقيون توجيهها الى العالم،وهي رسالة التأكيد على ولائهم لآل البيت عليهم السلام ووحدتهم، واستعدادهم للتعايش السلمي بينهم واحترام بعضهم للبعض الاخر ومواجهتهم للارهاب برفضهم للتكفيريين والصداميين القتلة واستعدادهم للتضحية من اجل دينهم وشعبهم وعراقهم الحبيب ودعمهم للعملية السياسية التي تحترم ارادتهم، وتمسكهم بالقيم والمبادئ الخيرة العادلة التي من اجلها استشهد الامام الحسين (ع)،وهو الامر الذي اكدته سيرة العراقيين خلال العقود الثلاثة الاخيرة من حكم النظام الصدامي البائد،حين وقف العراقيون بشجاعة وبسالة في مواجهة وحشية هذا النظام وقدموا التضحيات الجسام من اجل كرامتهم وحريتهم.
ايها المؤمنون:
اننا هنا نستلهم هذه المناسبة العظيمة لنتحدث عن مجموعة من القضايا الملحّة التي نعيشها ونعايشها يومياً لنعالج بها قضايا اليوم ونرسم صورة المستقبل المنشود .
1ـ ان القضية الاولى اليوم هي قضية خطة فرض القانون التي اعلنها السيد رئيس الوزراء،وهي خطة تهدف الى تحكيم القانون والتخلص من الفوضى ووضع حدّ لعمليات القتل وتحقيق الامن للجميع، ونحن هنا ندعو الجميع الى التعاون مع الحكومة من اجل تنفيذ هذه الخطة لصالح تحقيق الامن لكل العراقيين بكل مكوناتهم اينما كانوا داخل العراق،ان فرض القانون هو المدخل الصحيح والطبيعي لبناء الدولة التي تسعى لحماية الجميع، وهي المدخل الطبيعي لبناء العراق واعماره، وتوفير الخدمات الضرورية لكل ابناء العراق وتطويرها، وبهذا الصدد ندعو الجميع الى المحافظة على الامن في كل المحافظات ولابد من اعتبار الاخلال بالامن خطا احمر لا يجوز تجاوزه لاي سبب من الاسباب ولابد من ان يعمل جميع المسؤولين في جميع المحافظات لتحقيق ذلك، وهذا الامر يمثل افضل دعم يمكن تقديمه الى خطة فرض القانون والى عموم ابناء شعبنا.
2ـ ان بناء مرقد الامامين العسكريين يجب ان يعتبر من اولويات الحكومة العراقية وتوفير خطة لتأمين الطريق الى سامراء وتهيئة الاجواء الامنية المناسبة للبدء بتنفيذ هذا المشروع الذي ينتظره الملايين من العراقيين ويعتبر بناؤه رمزاً للوحدة بين العراقيين باعتباره النقطة التي يلتقي عندها الجميع.
3ـ اننا ندعو المسؤولين الحكوميين الى بذل المزيد من الاهتمام بقضايا المواطنين وضرورة التفاعل مع هذه القضايا وايجاد الوسائل والاليات التي تضمن للمسؤول الاستماع الى معاناة المواطنين ومعرفة مشاكلهم، ليتسنى له اختيار الوسائل الناجحة في معالجة تلك المشكلات، ولابد لهم وبالخصوص الوزراء الاجلاء من تكثيف الزيارات الميدانية للمحافظات للاطلاع عن كثب على المشاكل ووسائل علاجها.
ان خدمة المواطن وتوفير الخدمات له واحترام كرامته يجب ان تكون من اول اولويات المسؤولين الحكوميين، ويجب علينا جميعاً ان ننظر الى الموقع الحكومي المسؤول على انه تكليف وليس تشريف، وهذه الرؤية الصالحة للمسؤولية هي التي تساعدنا على اعتبار الخدمة العامة قيمة عليا تخضع لمعايير التسابق في الخيرات وليس التسابق على اكتساب المغانم الشخصية المادية منها او المعنوية.
4ـ لابد من مزيد من الاهتمام والعناية والرعاية لعوائل الشهداء الذين قدموا أعز ما يملكون من اجل الاسلام والوطن، وكذلك للسجناء السياسيين وللمضطهدين والمحتاجين والعوائل المهجرة ومساعدتهم في استمرارهم في حياتهم وارجاعهم الى بيوتهم والاهتمام بالمناطق المنكوبة والمحرومة وجعلها ضمن اولويات مشاريعنا، و سوف يشهد العراق في هذه السنة ان شاء الله تطوراً ملحوظاً في هذا المجال حيث بدأ بتأسيس مجموعة مؤسسات تهتم بهذه الشرائح ووفقاً للدستور العراقي وقد تضمنتها الميزانية العامة للبلاد في هذه السنة.
5ـ يجب ان نؤكد هنا دعوتنا المتكررة الى المحافظة على وحدة العراق ورفض أي محاولة من محاولات تقسيم او تجزئة البلاد ،كما نجدد دعوتنا الى تفعيل الصلاحيات الدستورية التي منحت للمحافظات وعدم الاكتفاء بالايمان النظري بهذا الحق الدستوري وانما يجب ان ينعكس هذا الايمان من خلال الاجراءات العملية التي تصدر من الحكومة المركزية او من الحكومات المحلية في المحافظات، ونحن نعتقد ان ممارسة المحافظات لصلاحياتها الدستورية من الناحية العملية سيساهم بدرجة كبيرة في تحقيق النهضة الشاملة في كل محافظة على مختلف المستويات، وان استكمال بناء النظام الفيدرالي في العراق وفق الاسس الدستورية ومع احترام ارادة الشعب وفي اطار تعزيز وحدة البلاد هو الطريق الاصح لاستقرار النظام السياسي في العراق ، واننا سوف نستمر بتحركنا الدستوري والقانوني باتجاه اقليم الوسط والجنوب لانه ضمانة كبرى للتقدم والاستقرار في العراق .
6ـ اننا مع عقد المؤتمر الدولي لدعم الحكومة العراقية في بغداد، وننبه في الوقت ذاته الى ضرورة الالتفات الى التضحيات الكبرى التي قدمها العراقيون خلال السنوات الاربع الماضية من اجل كل الانجازات التي تحققت،وهي الدستور والحكومة المنتخبة والحياة البرلمانية والعملية السياسية القائمة على اساس الوحدة الوطنية ومنح الحريات العامة .
اننا ندعو جميع الاطراف الدولية والاقليمية المشاركة في المؤتمر الى التحلي بالروح الايجابية الرامية الى تعزيز الايجابيات والانجازات الكبيرة التي تحققت بتضحيات العراقيين ودمائهم النازفة، وننبه الى خطورة أي مسعى لتجاوز تلك المنجزات الوطنية كما ظهر من كلام الامين لجامعة الدول العربية ، كما ننبه الى خطورة فرض اهداف اقليمية او دولية خاصة تتعارض مع مصلحة العراقيين وتتجاوز ارادتهم.
7ـ كما ندعو جميع الدول الاقليمية والمجتمع الدولي الى ممارسة الدور الايجابي في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية من اجل مساعدة العراق على النهوض من جديد ،لاننا نعتقد ان نهوض العراق وتحقيق الامن فيه سينعكس ايجابيا على الامن والسلام الاقليمي والعالمي، وقد اثبتت السنوات الاربع الماضية ان عدم الاستقرار في المنطقة كان سببه اضطراب الوضع في العراق،وهذا الامر يدعو الجميع الى التفكير الجدي بتحمل المسؤولية التضامنية لتحقيق الامن في العراق، ونؤكد في هذا المجال على ضرورة قيام تعاون اقليمي في المنطقة من اجل مكافحة الارهاب الذي يستهدف كل دول المنطقة وشعوبها وان كان العراق وشعبه اليوم هو الهدف الرئيس لهذا الارهاب، وان الشعب العراقي يدفع الضريبة الكبرى لهذه المعركة، وما هذه التفجيرات التي تحدث كل يوم وتؤدي الى قتل واصابة المئات الا دليل على ذلك، وان هذا الارهاب قد استهدف الشيعة والسنة والعرب والكورد والتركمان والمسلمين والمسيحيين وكل المكونات العراقية ، ولذلك لابد من تظافر جميع الجهود من اجل مكافحته وعدم الانجرار الى مخططاته الرامية الى احداث الاقتتال الطائفي في العراق ، ومن المؤسف حقاً ما تقوم به بعض الفضائيات العربية والقوى السياسية وبعض الدول من دعم غير مبرر لهذا الارهاب واهدافه.
8ـ اننا ننظر بالكثير من القلق الى تلبّد اجواء المنطقة بالازمات الخطيرة المهددة للسلام والامن فيها، ونؤكد ايماننا الراسخ بمبدأ الحوار السياسي من اجل حل المشكلات الناجمة بين القوى الاقليمية نفسها، او بينها وبين القوى الدولية.
ونعتقد ان اللجوء الى القوة في حل المشكلات القائمة لن يؤدي الاّ الى المزيد من المشكلات الاضافية التي لن يدفع ثمنها سوى شعوب المنطقة.
9ـ نؤكد هنا على ضرورة عقد اتفاقية امنية بين الحكومة العراقية وقوات متعددة الجنسيات وفق قرارات مجلس الامن، وهو الامر الذي تضمنته رسالة الحكومة العراقية عند التجديد لبقاء القوات المتعددة في العراق، لأننا نعتقد ان هذه الاتفاقية يجب ان تتضمن تحديدا واضحا لصلاحيات القوات المتعددة الجنسية في المجال الامني وتنظم الاعتقالات والجهة التي من حقها القيام بها وفق القانون كما توضح صلاحيات ومسؤوليات كل طرف بما يساعد المسؤولين العراقيين في اداء مسؤولياتهم ، و يؤكد السيادة العراقية على المطارات والمنافذ الحدودية وحركة الطائرات المدنية وهي التداخلات التي طالما خلقت المشكلات والازمات التي تزيد الوضع العراقي تعقيداّ.
10ـ اننا في هذا اليوم العظيم يجب ان نعبرّ عن شكرنا لله سبحانه وتعالى على النعم التي افاض بها علينا في هذا الزمان ومنها ان هيأ لنا مرجعية دينية عليا متمثلة بالامام السيستاني ادام الله وجوده الشريف ، ووفقها الله سبحانه وتعالى للمحافظة على وحدة العراقيين، فكانت صمام الامان لهم جميعاً من خلال مواقفها الشجاعة والحكيمة و رحم الله مراجعنا العظام الماضين وحفظ مراجعنا العظام العاملين بعين رعايته.
وختاما ايها المؤمنون، يامن صنعتم وتصنعون كل عام هذه الملحمة الجماهيرية وبهذا الحضور المليوني في كربلاء المقدسة احياء لذكرى اربعينية الامام الحسين (ع) لا يسعني الا ان اتقدم بالتحية والاكبار والاجلال لكم جميعاً، صغيركم وكبيركم، رجالكم ونساءكم، سائلاً الله عزوجلّ ان يتقبل اعمالكم وان يكون الامام الحسين شفيعكم يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم، وان يعيدكم الى اهليكم ومنازلكم سالمين غانمين مقبولي الاعمال والطاعات ومستجابي الدعوات ، وان يرحم شهداءنا الابرار برحمته الواسعة سيما مراجعنا الصدرين العظيمين وشهيد المحراب الحكيم الخالد وان يدفع عن العراق و اهله كل سوء ومكروه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
https://telegram.me/buratha