حذرت وزارة الكهرباء من توقف محطة المسيب التي تنتج اكثر من الفي ميغاواط بسبب عدم تزويدها من جانب وزارة النفط بما تحتاجه من وقود، مؤكدة ان أي توقف مفاجئ للمحطة سيقلل من كفاءتها؛ في وقت أعرب مواطنون عن خشيتهم من انقطاع الكهرباء في ايام العيد.
غير أن وزارة النفط رفضت "مزاعم" وزارة الكهرباء، ودعتها الى عدم تحميل اخفاقاتها للآخرين، مبينة أنها بتزويدها دوائر الدولة والمولدات الاهلية بالوقود تنتج ما يفوق انتاج الكهرباء من الطاقة.
في هذه الأُثناء استبعدت لجنة النفط والطاقة النيابية ان تحل أزمة الطاقة في البلاد بدخول محطات كهربائية جديدة الى العمل، رافضة في الوقت ذاته مقترح دمج وزارتي النفط والكهرباء.
وفي حديث مع "العالم" أمس الثلاثاء، حذر مصعب المدرس المتحدث باسم وزارة الكهرباء من توقف محطة المسيب التي تنتج الفي ميغاواط في حال استمر عدم ايصال الوقود لها حتى نهار يوم غد الخميس.
وقال ان "الوقود في صهاريج المحطة وخزاناتها يكفي لمدة اسبوعين، لكن ضخ النفط توقف عن المحطة منذ 13 يوما، ومن المحتمل ان تتوقف عن العمل في غضون يومين اذا لم يصل الوقود".
وذكر ان "وزارة النفط تلكأت في اكثر من مناسبة في ايصال الوقود اللازم الى المحطات بالرغم من وجود تنسيق واتفاق مسبق، فهي متذبذبة في التزاماتها مع وزارة الكهرباء". وتساءل عن "امكانية توفير الوقود للمحطات التي يتم نصبها حاليا والتي ستولد 20 الف ميغاواط العام المقبل".
وبين المدرس ان "النفط كانت تجهز الكهرباء بنصف الكمية المطلوبة من مادة زيت الغاز وتقوم الكهرباء باستيراد المتبقي من ايران والكويت، لكن بعد تسنم كريم عفتان الوزارة قرر الغاء استيراد هذه المادة، وطلب من النفط تزويد المحطات منها نظرا لما تكلفه من مبالغ اضافية على البلد".
ونبه بأن "آخر العقود مع ايران والكويت انتهى في شهر آذار الماضي".
وأوضح المدرس "من خلال لجنة التنسيق العليا بين الوزارتين التزمت النفط بتهيئة المادة الكافية للكهرباء حتى وان اضطرت الى الاستيراد من الخارج، لكن في اكثر من مناسبة تلكأت النفط بتجهيز الوقود، ما اثر على محطاتنا في الجنوب والفرات الاوسط والشمال".
وأكد أن "الكهرباء بحاجة الى وقود ثقيل، والغاز، وزيت الغاز، وحتى البترول الخام، نظرا لوجود محطات مشتركة تستفيد من الوقود بعد تصفيته للمحطات الغازية ويحول المتبقي لتشغيل المحطات البخارية".
وطالب المدرس وزارة النفط بتفسير قطع النفط عن المحطات، لافتا الى ان "أي توقف مفاجئ للمحطة سيؤثر على كفاءتها، لا سيما وان المحطات البخارية اذا توقفت فانها ستحتاج الى يومين لتعود الى العمل، وهذا يؤثر على ساعات التجهيز".
وكانت وزارة الكهرباء وعدت بوصول انتاج الطاقة الكهربائية هذا الشهر الى اكثر من 9 آلاف ميغاواط.
وفي بغداد، قال وسام محمد (33 عاما) "أخشى ان تزيد ساعات قطع الكهرباء هذه الايام وخصوصا في ايام العيد التي كنا نتوقع أن الكهرباء ستتحسن فيها".
ودعا وزارة الكهرباء الى "تلافي زيادة ساعات القطع حرصا على راحة الناس الذين يقضون معظم اوقاتهم في منازلهم ومنازل الاهل والاحبة الامر ويكونون بأمس الحاجة الى وجود الكهرباء".
بدورها علقت ماجدة لطيف (47 عاما) على الجدل بين وزارتي الكهرباء والنفط بقولها "تعودنا على مثل هذا الجدل، والنتيجة أننا من يتحمل الحرمان من الكهرباء لنعيش في حر وظلام".
في غضون ذلك دعا عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط الى عدم تحميل الآخرين اخفاقات وزارة الكهرباء. وتساءل في تصريحات لـ"العالم" أمس "لماذا ترمي بمشاكلك على الآخرين؟". وأردف "يجب ان تكون هناك واقعية، لاسيما وان هناك محطات تتوقف بشكل مفاجئ دون ان يكون السبب الوقود".
واكد جهاد أن "وزارة النفط بالامكانيات المتوفرة لديها تلبي جميع احتياجات الكهرباء بما تمتلك من وقود غاز ونفط وزيت الغاز وبنسب كبيرة".
واوضح ان "مشكلة الوقود ليست السبب الرئيس في ازمة الكهرباء". وتساءل أيضا "لو وفرت النفط كل ما تحتاجه الكهرباء فهل تستطيع انتاج 10 او 12 الف ميغاواط؟".
وبين جهاد ان "النفط تقوم بتوليد طاقة كهربائية اكثر مما توفره المحطات الكهربائية، اذ تقوم بتجهيز كميات من الوقود الذي تحتاجه المولدات الاهلية لتجهز المواطن بـ 12 ساعة يوميا، اضافة الى كل دوائر الدولة". وأعقب "العراق لو كان يمتلك استقرارا كهربائيا لتمكن من تصدير مادة زيت الغاز (الكاز) بكميات كبيرة، لا سيما وانه يعد وقودا غالي الثمن، ويتفوق سعره في بعض الاحيان على البنزين".
ونوه جهاد الى ان "تصدير الكهرباء عبر زيت الغاز امر غير صحيح، لانه اغلى انواع الوقود، وهذا يهدر الملايين يوميا، وكان يفترض استيراد محطات تعمل بالنفط الاسود". وأشار الى أن "تصدير النفط يتوقف في بعض الاحيان بسبب الاحوال الجوية ما يؤدي الى التأثير على عملية ضغط الغاز في الجنوب الذي يواكب عمليات التصدير، وهو امر خارج ارادة الوزارة". وتابع ان "خفض ضغط الغاز في بعض المحطات يؤثر على انتاج جزء من الطاقة، فعلى الكهرباء استخدام وقود لا يتأثر بالاحوال الجوية".
وقال جهاد "كان هناك استباق للامور اوقع وزارة الكهرباء في عوائق كيفية تلبية استيراد محطات دون ان يتوفر الوقود اللازم لتشغيلها، اذ ان الكهرباء شيدت سابقا محطات بعيدة عن مصادر الوقود وهذا سبب مشكلة، اضافة الى ان عملية مد الانابيب وغيرها يتطلب وضع المحطات في المناطق الاستراتيجية"، منوها بان العقود الجديدة تلافت كل تلك الاشكالات.
واكد المتحدث باسم وزارة النفط ان مشاكل تجهيز الوقود ستتقلص مع تنامي قدرات الوزارة، ودخول المحطات التي تم تعاقد وزارة الكهرباء عليها الكهرباء ونصبها في اماكن استراتيجية تتيح ايصال الوقود الكافي لها من مصادر الوقود.
وفي مقابلة مع "العالم" أمس قال بهاء جمال الدين عضو لجنة النفط والطاقة النيابية ان "ازمة الطاقة لا تحل بادخال المحطات الكهربائية الجديدة الى المنظومة الوطنية، فالمشكلة تكمن في تزايد احمال الطاقة من قبل المواطن، وعدم تقنين الصرف". وذكر ان "المعوقات لا تزال كبيرة امام وزارة الكهرباء، اضافة الى حرارة الجو في العراق التي تخلق مشاكل فنية وتقنية اخرى".
وعن مقترح دمج وزارتي النفط والكهرباء، أفاد جمال الدين بأن "الدمج أمر صعب الحصول، لأن مهام الوزارتين والمسؤوليات الملقاة عليهما كبيرة جدا، اذ ان الاختصاصات تختلف بالرغم من وجود مشتركات". وبين ان "الدمج ليس من الصالح العام خصوصا مع هذا الوضع الحرج للكهرباء، ومع كون ملف الطاقة تحت اشراف وتوجيه نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني".
ولفت جمال الدين الى أن "التوصيات النيابية في الدورة البرلمانية الحالية والسابقة لم تلق آذانا مصغية، اذ ان المشكلة تكمن في عدم معاقبة المقصرين في هذا الجانب، ولم نر أي اجراءات رادعة بهذا الشأن"، مشيرا الى ان "التوصيات البرلمانية كانت تنص على ضرورة اتخاذ اجراءات رادعة بحق المقصرين".
https://telegram.me/buratha

