في الوقت الذي يُعتبر فيه فصل الصيف فصل الراحة و الاستجمام والسفر في كل بقاع الارض، إلا ان العراقيين يختبؤون في منازلهم إذ انهم يمرون بظروف قاهرة وعصيبة على مدار العام، لكن لفصل الصيف النقمة هذا والذي تزامن مع شهر رمضان قسوة خاصة.
لعل ارتفاع درجات الحرارة الى مستويات قياسية منذ 33 عاما من اهم اسباب صعوبة فترة الاستجمام هذه. لكن ما يزيد الطين بله هو الانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي بالإضافة الى فقدان باقي الخدمات الاساسية كالمياه الصالحة للشرب و شبكة مواصلات تتناسب مع واقع العراق الاقتصادي.
مؤسسات و محللون و مراكز دراسات كثيرة اعدت دراسات وتحليلات حول الاسباب الكامنة وراء كارثة الكهرباء في العراق الجديد لكن الحكومات التي تعاقبت على استنزاف الدم العراقي لم تتمتع بالإرادة الفعلية لتغيير هذا الواقع البائس متحججة بمختلف الحجج والذرائع.
قبل ايام قليلة صرحت النائب عن القائمة العراقية وحدة الجميلي بأن عدم متابعة الحكومة و وزارة الكهرباء لأصحاب المولدات ادى الى فتح منافذ واسعة للفساد والثراء على حساب المواطن.وقالت الجميلي في بيان صحفي ان" من المؤسف ان لجنة الطاقة في مجلس الوزراء كررت للسنة الثانية خطأ العام الماضي بتوزيع الكاز مجانا على اصحاب المولدات الاهلية والحكومية دون ضوابط.واضافت ان" هذا التجهيز لم تتم متابعته من الجهات الحكومية في وزارة الكهرباء او محافظة بغداد، حيث فتح هذا القرار لأصحاب المولدات منافذ واسعة للفساد والثراء على حساب المواطن لعدم التزامهم بساعات التشغيل، وبقاء نفس الاسعار حتى دون تعويض لساعات الكهرباء الوطنية".
وقد دعانا تصريح السيدة النائب المذكور اعلاه لفتح تحقيق في موضوع توزيع الكاز بشكل مجاني على اصحاب المولدات في المحافظات. والبداية طبعا من اصحاب المولدات لكنهم رفضوا الحديث عن الموضوع وتصرفوا بشكل أظهر لنا بانهم مدعومون بشكل قوي من جهة ما. و هذا الامر قادنا الى مزيد من التحريات وقد تفاجئ فريق العمل في عدة محافظات جنوبية شملها التحقيق بالنتائج التي توصل اليها، اذ تبين ان غالبية المولدات "الاهلية" تعود بشكل مباشر او غير مباشر الى مسؤولين (او اقربائهم) في الحكومات المحلية و خاصة اعضاء مجالس المحافظات. وان اصحاب المولدات غير التابعة للمحافظة بشكل مباشر يدفعون مبالغ مادية معينة شهرياً الى جهات رسمية لاستمرار الدعم وغض النظر عن التقصير بحق المواطن المسحوق.
و تحدث بعض المقربين من اعضاء في مجالس المحافظات وقد رفضوا جميعا الكشف عن اسمائهم لخشيتهم من الفصل او الملاحقة واخبرونا بان اعضاء المجالس يمارسون الضغوط عبر قنواتهم الخاصة لإصدار قرارات كقرار تزويد اصحاب المولدات بالوقود دون مقابل اذ ان المستفيد الاخير والاكبر من هكذا قرارات هم اعضاء مجلس المحافظة انفسهم.
السيد ابو حيدر من الموظفين السابقين في مجلس محافظة النجف الاشرف قال: "بعض المتنفذين في ادارة محافظة النجف كان يسرق حصة معينة من وقود المحافظة منذ زمن الامريكان" واضاف "ان الحكومة المركزية تعلم بهذه الامور لكنها لا تحرك ساكنا والسبب معلوم طبعا وهو انه لا يمكن لأي لص كبير في المحافظات العمل بحرية دون تنسيق مع لصوص و زعماء مافيات اكبر في بغداد".
وقد طالب المواطنون الحكومة المركزية والقضاء "المستقل" و من تبقى من اصحاب البرلمان اصحاب الضمير بفتح تحقيق بهذا الموضوع والكشف عن الجهات المتورطة في المعاناة اليومية للمواطن العراقي الذي انهكته يوميات المولدات و المبردات.
يذكر ان المواطن العراقي الذي اتعبته الحكومات التي ساهم في صعودها، يتحمل اعباء اقتصادية كبيرة للحصول على بعض الامبيرات من المولدات "الاهلية" لتمتع بكأس ماء بارد على مائدة الافطار او نوم هانئ في ساعات الفجر الأولى، وهو الامر الذي لا تعره حكومة المكيفات المركزية أي اهتمام، وسط صمت المرجعية المميت.
https://telegram.me/buratha

