انتقد برلمانيون، هيئة المساءلة والعدالة لتعاملها بازدواجية في تطبيق قراراتها بين المحافظات، الأمر الذي أدى إلى حرمان عوائل المشمولين بالاجتثاث في محافظة ديالى، مسببا عوزا ماديا لديها، مؤكدين وجود درجات ورتب أمنية عالية من قادة الجيش السابق، يتبوؤون مناصب هامة في الدولة، بالرغم من انتمائهم السابق للبعث.
وفي الوقت الذي بينوا فيه أن قرارات الاجتثاث التي طبقت بطريقة غير عادلة، طالت الضباط من ذوي الرتب الصغيرة، الذين اثبتوا كفاءتهم واخلاصهم للشعب العراقي، أفادوا بوجود مساومات وضغوط سياسية تمت ممارستها، أدت إلى استثناء الضباط والعناصر الأمنية المسيئة والموالين للنظام السابق واعداء العملية السياسية من قرارات الاجتثاث، عازين تراجع الأمن وكثرة الخروق وتعطيل الجهاز الاستخباري إلى وجود العناصر الموالية للبعث.
إلى ذلك، أكد محللون وخبراء أمنيون أن اغلب القيادات الأمنية في المحافظة مشمولة باجراءات المساءلة والعدالة، وكانوا يتبوؤون مناصب عالية في حزب البعث المنحل قبل العام 2003.
وقالت البرلمانية عن القائمة العراقية بديالى ناهدة الدايني إن "هناك ازدواجية في تنفيذ قرارات المساءلة والعدالة بين المحافظات، وأن ملف المساءلة والعدالة هو ملف سياسي قبل أن يكون ملفا اجرائيا، وإن قرارات هيئة المساءلة والعدالة، طبقت فقط في محافظات ديالى وصلاح الدين والانبار والموصل"، مبينة أن "تنفيذها بديالى حرم الكثير من العوائل من دخلها المعيشي، مسببا عوزا ماديا لديها".
وأكدت الدايني، في مقابلة مع "العالم" أمس الثلاثاء، أن "وجود درجات ورتب أمنية عالية من قادة الجيش السابق، يتبوؤون مناصب هامة في الدولة، بالرغم من انتمائهم السابق للبعث، في الوقت الذي تم اقصاء الكثير، ممن لا يحملون درجات حزبية في البعث السابق من الأجهزة الأمنية"، معربة عن أملها "بحسم ملف المساءلة والعدالة بشكل ينصف الجميع ويعزز مشاريع المصالحة الوطنية بجميع مضامينه وأهدافه".
بدوره، بين النائب السابق طه درع السعدي، أن "قرارات الاجتثاث طبقت بطريقة غير عادلة وغير منصفة، طالت الكثير من الضباط المخلصين الذين اثبتوا الولاء للوطن وللعملية السياسية، واسهموا بشكل كبير في تطهير المحافظة من الجماعات الإرهابية وبسط الأمن في مناطق عدة".
وكشف السعدي، في حديث مع "العالم" أمس، عن "مساومات ومحسوبيات سياسية وضغوط تمت ممارستها، أدت إلى تحريف قرارات الاجتثاث من الضباط والعناصر الأمنية المسيئة والموالين للنظام السابق واعداء العملية السياسية، ليتم اقصاء الضباط الذين اثبتوا كفاءتهم واخلاصهم للشعب العراقي، كما أن كثيرا من المشمولين بالاجتثاث، ومن اصحاب المؤشرات السلبية، يعملون في مراكز مهمة في المؤسسة الأمنية"، داعيا إلى "ضرورة إجراء تقييم ميداني ومهني لجميع الضباط منذ العام 2003 وحتى الآن، وتشخيص العناصر المعادية للعملية السياسية والموالية للنظام المباد، من العناصر التي انخرطت فعليا ضمن العراق الجديد".
وفي حديثه مع "العالم" أمس، عزا النائب السابق "تراجع الأمن وكثرة الخروق وتعطيل الجهاز الاستخباري إلى وجود العناصر الموالية للبعث، مقابل تهميش العناصر المخلصة الساعية لتطهير المحافظة والبلاد من جميع اشكال الارهاب"، منبها الى أن "وجود الضباط المشمولين بالاجتثاث على رأس المؤسسات الأمنية والعسكرية، يثير اكثر من علامة استفهام حيال مستقبل البلاد وأمن المواطن خلال الفترات المقبلة".
من ناحيته، اعتبر فؤاد البياتي، وهو خبير أمني وضابط متقاعد، أن "اغلب القيادات الأمنية في المحافظة مشمولة باجراءات المساءلة والعدالة، وكانوا يتبوؤون مناصب عالية في حزب البعث المنحل قبل العام 2003"، معربا عن اعتقاده بأن "إجراءات المساءلة والعدالة بحق القيادات الأمنية ضمن تشكيلات الجيش والشرطة لم تنفذ، بسبب ظرف المحافظة الأمني، والفراغ الذي تتركه القيادات المشمولة بالاجتثاث، وصعوبة تعويض ذلك الفراغ من قبل المحافظة أو الوزارات المعنية بالموضوع".
وأوضح البياتي، في حديث مع "العالم" أمس، أن "كثيرا من القيادات الأمنية حصلت على استثناءات من هيئة المساءلة والعدالة، بعد إعلانهم البراءة من حزب البعث موضحين أن انتماءهم كان قسريا، وبما يتماشى مع مساعي الحكومة لتحقيق المصالحة الوطنية والنهوض بالملف الأمني"، منبها إلى أن "إجراءات الاجتثاث لو طبقت، فانها ستطيح بأغلب القيادات الأمنية العليا فضلا عن مسؤولين كبار في المحافظة، لكن وضع ديالى الأمني حاليا افضل بكثير من المحافظات الأخرى، وحتى التي نفذت اجراءات الاجتثاث بحق قياداتها الأمنية ما زالت تشهد خروقا أمنية مستمرة".
غير أن المحلل السياسي عبد الامير العتبي، يرى أن "قرارات الاجتثاث في محافظة ديالى لم تطبق بشكل عادل وشفاف، وأنها خضعت لدوافع وتأثيرات سياسية وحزبية، حيث نفذت بحق بعض الضباط واستثنت البعض الآخر"، مشددا على "تنفيذها بعيدا عن الاعتبارات الشخصية والطائفية ووفق القانون والدستور العراقي".
ودعا العتبي، في مقابلة مع "العالم" أمس، إلى "إلغاء اجراءات الاجتثاث، إذا طبقت بصيغتها الحالية التي تتسم بالازدواجية، لكن قانون المساءلة والعدالة جاري التنفيذ سواء في ديالى أو بقية المحافظات، ولا يمكن اغفال الجوانب السلبية والثغرات التي تركها قانون المساءلة والعدالة، والتي استغلت من قبل بعض الضباط الكبار والجهات السياسية، لاستثناء بعض المشمولين بالاجتثاث".
إلى ذلك، أوضح محسن الدليمي، وهو مدرس في بعقوبة، أن "قرارات المساءلة والعدالة واجراءاتها طبقت على بعض الضباط ممن اثبتوا كفاءة وولاء كبيرين في مقارعة الجماعات الارهابية بعد سقوط النظام السابق، ولم تدرك الجهات التي أعدت قانون المساءلة والعدالة بعد سقوط النظام، أن 95 في المئة من الضباط أُجبروا على الانتماء لحزب البعث".
وبين الدليمي، في حديث مع "العالم" أمس، أن" قضية وجود القيادات الأمنية الكبرى في مفاصل وزارتي الدفاع والداخلية، بعد أن كانت تحمل درجات عليا في حزب البعث المنحل، أمر لم يعد خافيا على الرأي العام الشعبي بمختلف شرائحه"، داعيا "من جانب إنساني إلى إعادة الضباط المجتثين، ممن اثبتوا كفاءة ومهنية عالية في العمل الأمني ومكافحة العصابات الإرهابية، واغلبهم من الرتب الدنيا، وبحاجة إلى دخل معيشي يؤمن لهم حياتهم وحياة عوائلهم".
https://telegram.me/buratha

