نفت لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية، وجود أي تدخل سياسي في عملية تأجيل تطبيق قانون التعرفة الكمركية، مستبعدة ضغوطاً لتجار مؤثرين يسعون إلى ابعاد فترة التطبيق لاغراض ومصالح شخصية.
وشددت على أن القانون سيقضي على عملية الفساد والتواطؤ من قبل موظفي المنافذ الحدودية، لإدخال بضائع رديئة أو منتهية الصلاحية.
وبينت اللجنة، أنه بالرغم من قناعة هيئة الكمارك العامة من عدم تحقيق إيرادات عالية للموازنة نتيجة التعرفة الكمركية، إلا أن البلد لا يمكنه أن يبقى دون كمارك، ويكون عرضة للاستغلال من قبل تجار واطراف اقليمية.
إلى ذلك، رأى مجلس الوزراء، أن القضية منوطة بوزارة المالية، موضحا ان القانون يندرج ضمن متطلباته اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، فضلاً عن أنه قانون متطور، سيتم من خلاله فرض نسب مخفضة من الكمارك على احتياجات المواطن الفقير، فيما ستفرض نسباً عالية على البضائع الكمالية.
وبين عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار عبد العباس الشياع أن «استضافة رئيس هيئة الكمارك العامة منذر عبد الامير ومجموعة من الخبراء في وزارات التجارة والصناعة والأمانة العامة لمجلس الوزراء، كشفت لنا عدم تأثير التجار في عملية تأجيل التعرفة الكمركية».
وقال الشياع في حديث مع «العالم»، أن «الجميع نفى تحكم تجار أو ما يسمون بالحيتان في عملية تأجيل تطبيق التعرفة الكمركية في المنافذ الحدودية»، منوهاً إلى أن «هيئة الكمارك أعلنت حاجتها لأمور فنية ولوجستية غير متوفرة حاليا».
وعن دخول الحسابات والإرادات السياسية كطرف لتعطيل أو الدعوة للتعجيل في تطبيق القانون، ذكر الشياع أن «لجنتنا مهنية متخصصة ليست بعيدة عن السياسة لكن الجنبة الاقتصادية في عملنا هي الطاغية»، مؤكداً على أنه «لم ألمس أية نوايا سياسية من قبل نواب يدفعون باتجاه تفعيل التعرفة الكمركية، من أجل زيادة الضغط الشعبي على الحكومة».
وزاد أن «لجنة الاقتصاد والاستثمار تضم 9 اعضاء من التحالف الوطني من اصل 17 عضوا، وجميعنا مع تطبيق التعرفة الكمركية، لكن سمعنا بهذا الكلام وليس من اللجنة وإنما اطراف سياسية من خارج اللجنة تحاول التصيد بالماء العكر».
وأوضح أن «اللجنة تعتقد أن التعرفة تسهم بجلب إيرادات للدولة، وخلق منافسة للسلع والبضائع ما يؤدي إلى جودة المستورد منها».
وأضاف الشياع أن «رئيس هيئة الكمارك أكد، خلال استضافته الاربعاء الماضي لدى اللجنة النيابية، أنه طلب نحو 5 الاف درجة وظيفية اضافية، لكنه لم يحصل سوى على 900 درجة، لاسيما واننا نملك 13 منفذ بري و5 اخرى جوية و4 بحرية»، مشيرا الى «حاجة المنافذ الى كادر ونظام عمل متطور يعمل بالترميز الالكتروني لمنع عملية الفساد واسراع عملية الترسيم الكمركي».
وعن امكانية عدم تطبيق القانون في منافذ اقليم كردستان، قال الشياع أن «هذه المنافذ لابد أن تطبق التعرفة الكمركية فيها في آن واحد، وخلاف ذلك لا يتحقق التوازن في السوق»، مبينا أن «التأجيل من شأنه أن يفرض سيطرة الكمارك على جميع المنافذ، بما فيها منافذ إقليم كردستان وبخلافه تفشل التعرفة الكمركية».
وكشف الشياع عن دخول الكثير من البضائع إلى العراق دون ترسيم، مبينا أن «رئيس هيئة الكمارك كان قد أشار الى دخول بضائع كاملة دون ان ترسم بدينار واحد بالتواطوء مع الكمارك والتجارة والصحة واطراف اخرى»، مؤكداً على أن «التعرفة الكمركية ستمنع الفساد والتواطؤ».
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية أحمد العلواني المبررات التي قدمها رئيس هيئة الكمارك العامة بإنها «مقبولة»، لكنه رفض في الوقت نفسه «بقاء البلد دون تعرفة كمركية».
وقال العلواني، في مقابلة مع «العالم»، أن «المبررات تضمنت النقص اللوجستي والتخصيصات المالية الكافية لتطبيق مفردات القانون، وغيرها من الاعذار المقبولة»، مشيرا إلى أن «اللجنة تنتظر رد الحكومة على الكتاب الموجه لها من قبل اللجنة النيابية بهذا الخصوص».
وحذر رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية من «اتخاذ مواقف أخرى في حال عدم الرد على الكتاب»، مبينا أن «اللجنة طالبت بعقد اجتماع مع اللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء لاتمام هذا الموضوع». ونبه الى أن «الاجتماع سيبحث ايضا موضوع السيطرة النوعية ذات الصلة بالتعرفة الكمركية».
وتابع، أن «قانون موازنة هذا العام أكد على ضرورة تطبيق التعرفة الكمركية في نهاية الشهر الحالي، لكن ذلك لم يحصل»، مشيراً إلى أن «رئيس هيئة الكمارك كشف عن أن الواردات المتأتية من القانون لا تشكل جزءا كبيرا في مفردات الموازنة».
الى ذلك، نفى مستشار رئيس الوزراء القانوني فاضل محمد أن «تكون الحكومة قد تورطت بالقانون، لإمكانية تسببه بضغط شعبي مضاف على الحكومة»، مؤكدا ان «الحكومة تسعى إلى تطبيق القانون، إلا أن الاحتياجات التي تطلبتها المنافذ الحدودية حالت دون ذلك».
واضاف محمد، في مقابلة مع «العالم» امس الاحد، أن «القانون أحيل إلى مجلس النواب لغرض تأجيله، لأن وزارة المالية أعلنت عدم استعدادها لتطبيق قانون التعرفة الكمركية»، واردف أن «الوزير كان قد ناشد البرلمان بتأجيل تنفيذ التعرفة الكمركية إلى حين استكمال الاستعدادات»، لافتا إلى أن «القانون شُرّع ولا يمكن منح مهل جديدة».
يذكر أن هذا التأجيل هو الرابع منذ تشريع القانون في مطلع العام 2010، وتم نشره في جريدة الوقائع في السادس من كانون الأول 2010، ليكون موعد تطبيقه في آذار 2011، بيد أن أرتفاع الاسعار في الأسواق المحلية بالتزامن مع الأزمة السياسية المستدامة في البلد حالا دون ذلك، الأمر الذي أعلنت معه وزارة المالية عن تأجيل العمل بقانون التعرفة الكمركية حتى آب 2011، ثم إلى حزيران 2012، وتم تأجيله الرابع امس الاول السبت، دون ذكر تاريخ محدد لتفعيله.
وذكر المستشار القانوني لرئيس الوزراء أن «القانون هو أحد متطلبات اتفاقية منظمة التجارة العالمية»، موضحا أن «القانون يعفي المواد الغذائية من التعرفة، في حين ان المواد الترفيهية والكمالية تكون عليها ضرائب تصاعدية حسب حاجة المواطن».
وبين محمد أن «القانون متطور وجاد ويضمن تدرجا في فرض الضريبة والرسم الكمركي على وفق حاجة الشعب لتلك المادة»، مبرراً «إمكانية تسبب التعرفة بارتفاع الاسعار بان القانون سيعفي الفقراء من احتياجاتهم الضرورية، ويزيد الرسوم على بعض السلع الرفاهية والكمالية التي عادة ما يهتم بها الاغنياء».
https://telegram.me/buratha

