شكل البرلمان لجنة من ثلاثة أعضاء لدراسة قانون العفو العام المثير للجدل بين القوائم النيابية المختلفة، لوضع الصياغة النهائية للقانون في اجتماع أخير للجنة يوم غد الثلاثاء، تمهيدا لإقراره داخل مجلس النواب.
وفيما كشف ائتلاف دولة القانون عن مسألتين كانتا مورد الاختلاف بين الكتل، وهما أولا تحديد مفهوم الإرهاب، وعدم شمول مرتكبيه بالعفو العام، والأخرى تتعلق بسرقة المال العام، ذاهبا الى أن القانون سيقدم بصيغته النهائية خلا الأسبوعين القادمين.
وفي الوقت الذي اتهمت فيه كتلة الأحرار (التيار الصدري) ائتلاف دولة القانون باستخدام القانون كورقة ضغط على الكتل الأخرى، أكد أن نص القانون صريح بعدم السماح بالعفو عن أي إرهابي، متوقعا حسمه خلال شهر تموز الجاري.
فيما اعتبرت القائمة العراقية، القانون بمثابة فرصة جديدة تمنح للمخطئين لعودتهم كمواطنين عاديين، لاسيما أن كثيرا من المعتقلين تعرضوا للتعذيب، ليجبروا على الاعتراف، رافضة أن يشمل العفو من تلطخت أيديهم بالدماء، وأكدت أن ذلك يسير وفقا لمبدأ الإصلاح الذي ينادي به التحالف الوطني.
ففي مقابلة مع "العالم" أمس الأحد، قال محمد الخالدي النائب عن القائمة العراقية ومقرر مجلس النواب، إن "هيئة الرئاسة شكلت لجنة من ثلاث شخصيات من اللجنة القانونية هم حيدر الملا من القائمة العراقية، وامير الكناني من التيار الصدري، وعادل المالكي من ائتلاف دولة القانون لدراسة العفو العام، ومحاولة إيجاد مخرج قانوني له، حيث أن العمل بدأ الآن لإكمال الصيغة النهائية، وبعدها سيعرض على مجلس النواب للقراءة الثانية".
وأوضح الخالدي أن "مشاكل القانون في شموليته وسعته، إضافة الى الخلاف حول الرشوة والعمليات الكبرى، فضلا عن الأشخاص الذين يتم التنازل عنهم من قبل ذوي المجني عليه"، مشيرا الى أن "مسألة التزوير التي كانت موضع خلاف حسمت بأن المزور من معاون مدير عام فما دون، يتم العفو عنه، أما فوق ذلك فلا يجوز العفو عنه".
وبين أن "القانون سيشمل أكبر عدد من المعتقلين والمحكومين، لاسيما الذين كانوا في المعتقل بسبب وشاية المخبر السري"، منوها بأن "يوم (غد) الثلاثاء سيكون هناك اجتماع نهائي للجنة لتقرير الصيغة النهائية للقانون، وحسم الموضوع، وأنا أتوقع تشريع هذا القانون، لأن هناك أغلبية داعمة له".
بدوره، ذكر حسين الصافي النائب عن ائتلاف دولة القانون وعضو اللجنة القانونية، أن "هناك مسألتين هامتين في القانون، الأولى تتعلق بموضوع دماء الناس وجرائم الارهاب وكيفية تعريفها وتوصيفها وشمول مرتكبيها، والثانية تتعلق بالمال العام وعدم شمول الجرائم المتعلقة به، لاعتبارات كثيرة، منها وجوب إيجاد مبدأ لحماية المال العام، وهناك اتفاق عام في هذا الاتجاه"، منوها أن "البعض يدعو الى شمول جرائم المال العام بالقانون شرط أن يكون هناك إعادة للاموال المسروقة، وبالتالي يتحقق هناك مردود مالي واستعادة لأموال الدولة".
واعتبر الصافي في حديثه مع "العالم" أمس، أن "تقديم هذه الطروحات تأتي لأجل عدم إفلات الجاني من العقاب، ممن ارتكب جرائم تتعلق بدم العراقيين وأرواحهم، ووضع حد لتلك الانتهاكات"، متوقعا "انتهاء اللجنة المكلفة بمراجعة القانون من عملها قريبا جدا، وأنه سيقدم الى مجلس النواب خلال الاسبوعين القادمين".
من جهته، فقد رأى جواد الشهيلي النائب عن التيار الصدري وعضو لجنة النزاهة أن "قانون العفو يراد له أن يستخدم كورقة ضغط من قبل بعض الكتل السياسية على الكتل الأخرى، لتوضع ضمن ملفات المساومة، ولم ينظر الى الاعتبارات الانسانية والاخلاقية التي تتعلق بالقانون حيث كنا نتمنى من القائمين على السلطة التنفيذية، أن يكونوا أكثر عطفا بشأن العفو"، لافتا الى أن "من ضمن الأمور التي تم الاتفاق عليها قبل تشكيل الحكومة هو إقرار قانون العفو العام، إلا أن ظروفا مثل انسحاب بعض الكتل السياسية من مجلس النواب، واستخدام القانون كورقة ضغط، اعتبرت عوامل أخرت إقراره".
واتهم الشهيلي "ائتلاف دولة القانون بتأخير إقراره"، مستدركا "لكني أعتقد حسم الموضوع خلال شهر تموز الحالي، لحصول توافق عليه داخل مجلس النواب".
وأوضح في حديثه مع "العالم" أمس، أن "القانون واضح وصريح في أنه لا يسمح بالعفو عن أي شخص إرهابي أو من تلطخت يداه بدماء الشعب العراقي، ونحن نعتقد أن العفو يجب أن يقتصر على من حارب القوات المحتلة، فكثير من مناصري التيار الصدري يرزحون الآن في المعتقلات بسبب محاربتهم لقوات الاحتلال"، مؤكدا على "وجوب التمييز ما بين المقاومين للاحتلال، ومن كانوا يهدرون دم الشعب العراقي، وهذا ما لن نسمح به".
أما مطشر السامرائي النائب عن القائمة العراقية، فرأى أن "قانون العفو هو من القوانين المهمة"، مؤكدا استهدافه "شخصيا من قبل الإرهاب، الا أنه ولأجل العراق وأطفاله ونسائه علينا أن نعيد الحسابات، ونخرج بشيء يقدم أملا وفرصة جديدة للذين أخطؤوا الطريق لأنه لا يعقل اليوم أن نتكلم بعد 9 سنوات عن خروج المحتل، ولا نعطي فرصة لمن أخطأ ليكون مواطنا عاديا ويعود الى الطريق، وهذا لا يعني أننا نعفو عن الذين أوغلوا في دماء العراقيين، بل يجب أن ندع القانون يأخذ مجراه".
وأشار السامرائي الى أن "الكثير من المعتقلين تعرضوا للتعذيب، وهذا موثق، وهناك الكثير من الناس قد حكم عليهم وهم أبرياء، لكن التعذيب هو الذي أجبرهم على الاعتراف، وإذا لم نعط فرصة للمصالحة الوطنية فهذا سيسهم في إنتاج معمل للارهاب داخل السجن"، منوها بأن "من يعترض على تشريع القانون يدافع عن المادة 4 من قانون الارهاب، وهذا البند ثوب جديد ألبس للعراقيين جبرا، وجعل عددا كبيرا منهم مطلوبين امام القانون وهم أبرياء، واليوم يجب أن يطلق سراحهم ويعوضون كما هو معمول به في كل دول العالم".
ولفت الى أن "بعض نواب دولة القانون اعترضوا على هذا القانون، وقالوا إن هؤلاء مجرمون، ونحن نقول إننا لا ندافع عن المجرمين، بل عن الأبرياء الذين أودعوا السجون نتيجة المخبر السري والدعوات الكيدية"، مبينا أن "اللجنة التي ذهبت الى محافظة البصرة، ووجدت أن هناك من أجريت بحقه أحكام ثقيلة نتيجة اعترافهم بجرائم ثبت بالدليل القطعي أن مرتكبيها هم من تنظيم القاعدة الذين تم تهريبهم الى خارج السجن، وعندما تم الاستفسار عن أسباب الاعتراف، قالوا إنه بسبب التعذيب الشديد".
وختم بقوله "علينا ان نطوي صفحة الماضي، ونتعامل مع القانون بشكل إيجابي ونفتح المجال لمن سجن ظلما كي نعوضه"، متوقعا "تمرير القانون وفق مبدأ الإصلاح الذي ينادي به التحالف الوطني
https://telegram.me/buratha

