اكد تجار كبار في السوق العراقي حصول ارتفاع فريد من نوعه في المواد الغذائية قبيل ايام من حلول شهر رمضان، مؤكدين ان الاحتكار وارتفاع سعر صرف الدينار مقابل الدولار سيسهم بارتفاع الاسعار، ولاسيما ان معظم التجار استوردوا موادا غذائية واحتكروها، وسيقومون ببيعها وفقا لسعر صرف الدينار.
لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية من جهتها اكدت انها ستستضيف وزيرا المالية والتجارة اليوم الاحد للاطمئنان على تنفيذ الخطط اللازمة لايصال مفردات البطاقة التموينية بموعدها المحدد للحيلولة دون غلاء الاسعار خلال شهر رمضان، متهمين جميع المصارف الاهلية بالفساد، كما انتقدوا عجز البنك المركزي في السيطرة على سعر صرف الدينار.
من جانبه كشف البنك المركزي عن وجود خلل كبير في النظام الاقتصادي العراقي المتأرجح بين الحرية الاقتصادية والمركزية، مؤكدا تسجيل حالات فساد في المصارف الاهلية، الا انه اوضح ان ايقاف حصص المصارف الاهلية من الدولار يعني انخفاض سعر صرف الدينار.
واعلنت وزارة التجارة البدء بتوزيع مفردات البطاقة التموينية المخصصة لشهر رمضان الاربعاء الماضي، مؤكدة تغطية المفردات جميع المواطنين قبيل شهر رمضان.
وقال مصدر مسؤول في الوزارة طلب من "العالم" عدم الكشف عن هويته، ان "مخازن الوزارة باشرت منذ الاربعاء الماضي بتسليم الوكلاء مواد العدس والطحين الابيض والرز، وسيتم تجهيز الوكلاء كافة قبيل شهر رمضان المبارك".
من جانبه كشف عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار محما خليل، عن استضافة وزيري التجارة والمالية اليوم الاحد، للاستفسار عن اشكالية وصول التخصيصات اللازمة الى التجارة في موعدها المحدد لتزويد الموطنين بمفردات التموينية بموعدها المحدد، قائلا "غدا (اليوم) سنضغط على الوزير من اجل اخذ عهود من قبله بهذا الخصوص، وسنطالبه بتوفير حصة اضافية منعا لارتفاع الاسعار قبيل رمضان"، واكد خليل، في مقابلة مع "العالم" امس السبت، ان لجنته "تراقب الوزارة والمخازن والوكلاء"، داعيا المواطنين الى "التعاون مع اللجنة لايصال المعلومة الصحيحة للمناطق التي لا تصلها المفردات".
وأضاف خليل "سنطالب وزير المالية بان بكون هناك احترام لتوقيتات وزارة التجارة وايصال حصتها المالية بغية توفير البطاقة التموينية في وقتها المحدد"، مشيرا الى ضرورة "توفر اسعار مناسبة في السوق، من خلال توفير المفردات والمواد اللازمة استعدادا لشهر رمضان".
وأوضح ان "وزير التجارة كان قد طالب بزيادة التخصيصات المالية، وقد اضافت الموازنة التكميلية 1.4 ترليون دينار لتغطية احتياجات البطاقة التموينية لمدة سنة كاملة".
الى ذلك اوضح احد تجار سوق الشورجة (أ.ع)، المختص باستيراد المواد الغذائية انه "قام باستيراد 300 طن من مادة الطحين الابيض"، مؤكدا انه "لم يقم بتوزيعها على عملائه حتى الان، وانه لن يحدد سعرها قبل التأكد من تأخر مفردات البطاقة التموينية قبل اسبوع واحد فقط من شهر رمضان".
واوضح (أ.ع) الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل، ان "ارتفاع سعر صرف الدينار هو الاخر اثر كثيرا على اسعار السوق"، مشيرا الى ان "استيراد السلع والمواد عادة ما يتم بالدولار" الذي وصفه بانه "من الصعب الحصول عليه بقيمته الاصلية لدى البنك المركزي".
وفي هذا الاطار، انتقد عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية عبد العباس الشياع "اداء البنك المركزي وعجزه عن السيطرة على سعر صرف الدينار"، اذ بين ان "توجيهاتنا الى البنك المركزي كانت مساواة السعر الرسمي مع السوق، وهم اتخذوا بعض الاجراءات وزادوا المصارف الاهلية وبعض الاجراءات بحق المستوردين"، لافتا الى "تسجيل خلل على البنك المركزي من خلال قيام بعض التجار بتقديم فواتير وهمية للحصول على كميات هائلة من الدولار، تذهب في جيوب المفسدين". واضاف الشياع، في مقابلة اجرتها معه "العالم" امس، ان "المصارف تحولت من اعمالها الرسمية من قروض وايداعات الى صيرفة، وصاروا يتفقون مع التجار لتقديم فواتير وهمية بتواطوء بعض موظفي البنك المركزي"، متوقعا وجود "اطراف مستفيدة من عدم تساوي الفارق بين سعر السوق وسعر البنك".
وتابع الشياع "وصلتني فواتير وهمية حصلتُ عليها من قبل ناس وطنيين، احدها بمبلغ 30 مليون دولار لاستيراد (شيش حديد)، وقد تم البحث عن الشخص المستفيد وتبين انه شخص وهمي، وابلغنا التجار بان اغنى التجار لا يستورد بضاعة بأكثر من نصف مليون دولا،ر ولا يوجد بينهم من يستورد لقاء 30 مليون دولار"، كاشفا عن امتلاكه "وثائق تدين اطرافا في البنك المركزي".
وشدد الشياع على ضرورة "محاربة الفساد في المصارف الاهلية"، مبينا ان "كل المصارف الاهلية في العراق غير نزيهة على الاطلاق، وموظفيها ذاتهم يتفقون مع مكاتب الصيرفة والشركات للحصول على مبالغ السفر والعلاج الخاصة بالمواطنين". ولفت الى ان "البنك المركزي على علم ودراية بما يجري في المصارف الاهلية، لكن هناك اطرافا مستفيدة يخدمها وجود هذا الفارق في السوق".
ورد نائب محافظ البنك المركزي مظهر محمد صالح، بالقول ان "البنك اوقف التعامل بالفواتير ووصولات التجار، والان توزع حصص لكل المصارف، الكبيرة منها تصل حصتها الى 15 مليون دولار يوميا، والصغيرة 5 ملايين دولار" لافتا الى ان "المبلغ الاجمالي يشكل 350 مليون دولار يوميا".
واوضح صالح، في حديثه مع "العالم" امس، ان "وظيفة البنك المركزي هي حماية سعر صرف الدينار، ومنع اي عملية غسيل اموال"، متسائلا عما "إذا كانت لجنة الاقتصاد والاستثمار تعلم بمصدر الدينار العراقي من اين يأتي ومن اي مصدر يتدفق". واضاف ان "مبيعات المزاد تضاعفت من متوسط مريح مقداره 180 مليار دينار يوميا الى 400 مليار دينار".
واكد صالح "صعوبة السيطرة على ايديولوجيات الموظفين في المصارف"، منوها بان "توقف تزويد المصارف بالدولار يعني ارتفاع سعر صرف الدينار اكثر وغلاء الاسعار".
ودعا الى "التعرف على القوى الدينارية قبل القوى الدولارية، لان هناك رأسمالية هائلة في العراق تشكل مصدر ضغط كبير على الاقتصاد العراقي"، واصفا اتهام النواب لبعض موظفي البنك بانه "غير واقعي".
بدوره اتهم صالح البرلمان بـ "عدم معرفة المشاكل الحقيقية في النظام الاقتصادي"، مؤكدا ان "الاقتصاد اما ان يكون حرا، وهو الحرية المطلقة لمالك الدينار، واما ان يرجع مركزيا كما في السابق، لاننا لا يمكننا السيطرة في ظل هذا النظام الشائك".
https://telegram.me/buratha

