تباينت ردود أفعال الكتل السياسية إزاء الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء نوري المالكي لرئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، ففيما رأى ائتلاف دولة القانون أنها تحمل طابعا سياسية، رجح أن تفضي الى سلسلة من اللقاءات مع الأطراف الأخرى، فضلا عن تجسيرها الهوة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كاشفا عن مباشرة لجنة الإصلاح لقاءاتها خلال هذا الأسبوع.
وفي الوقت الذي قلل فيه التحالف الكردستاني من شأن اللقاء في حلحلة الأزمة، مشددا على الطابع الاجتماعي له، هاجم ورقة الإصلاح التي ينوي التحالف الوطني تقديمها لباقي الكتل، باعتبارها أفكارا هامشية لا جديد فيها، ومحاولة لكسب الوقت وتمييع فكرة الاستجواب وسحب الثقة عن المالكي.
وفيما أشادت القائمة العراقية بالزيارة، عادةً إياها خطوة ايجابية في طريق تعزيز العلاقات بين الكتل السياسية، رجح أن تفضي الى بداية للخروج من الازمة، منتقدة شمولية الملفات التي تتضمنها ورقة الإصلاح، لأن عملها قد يستغرق سنتين، وهو أمر غير مجد، لاسيما وأنا القائمة تقف الى جانب الاصلاحات سواء جاءت عن طريق استجواب المالكي، أو عن طريق لجنة الاصلاحات.
أما التيار الصدري، فقد أكد إرسال مسودة ورقة الاصلاح الى الكتل السياسية، وأقر بعدم كفايتها لحل الأزمة السياسية ما لم تنجح في إيجاد حلول جذرية للأزمة السياسية، معتبرا أن عقد المؤتمر الوطني أصبح من الماضي.
ففي مقابلة مع " العالم" أمس السبت، رأى عباس البياتي النائب عن ائتلاف دولة القانون أن "زيارة المالكي للنجيفي، ورغم أنها تحمل طابعا اجتماعيا، الا أن مضمونها السياسي أكبر، وأنها تكتسب أهمية في ظل أجواء الاحتقان السياسي، حيث أن الزيارة ستؤدي الى زيارات ولقاءات بين مختلف الكتل السياسية في اطار تحريك عجلة الاصلاح في البلد، وهذا اللقاء سيسهم في توفير أجواء إيجابية تمهد للقاءات أخرى سواء مع النجيفي أو مع أطراف أخرى، فالبلد بحاجة الى أن تلتقي فيه القيادات على المشترك الوطني، وهذا اللقاء من شأنه أن يجسر الهوة بين السلطتين، حيث أن هناك عددا من القوانين المعلقة سواء كانت في مجلس النواب أو مجلس الوزراء"، مرجحا أن "يدفع هذا اللقاء باتجاه تشريع القوانين، والاسهام في التنفيس عن الاحتقان السياسي، حيث تسود أجواء إيجابية بين الأطراف السياسية، قد تكسر الجليد وفتور العلاقة بينها".
وأضاف البياتي أن "لجنة الإصلاح ستباشر لقاءاتها الثنائية خلال هذا الأسبوع، لتعرض رؤيتها الاصلاحية على الكتل، وسيكون طيف اللقاء واسعا مع كل الكتل البرلمانية"، مشيرا الى أن "البداية ستتركز مع القائمتين الرئيسيتين التحالف الكردستاني والقائمة العراقية، ولكنا لا نستغني عن اللقاء مع باقي القوائم التي من الممكن أن تغني هذه الورقة".
ونبه الى أن "نجاح لجنة الاصلاح يعتمد على تعاون الكتل، فإذا تعاونت معها، ستحل كل المشاكل، وإذا تحفظت أو ترددت، فمن المؤكد أن اللجنة ستقوم بأعمال إصلاحية محدودة"، مؤكدا أنها "عازمة على فتح كل الملفات والتعامل مع كل الأوراق دون إهمال، وبالتالي فإن إرادة الكتل وتعاونها سيحدد عمق وشمولية الاصلاح".
من جهته، قلل محما خليل النائب عن التحالف الكردستاني، من شأن "اللقاء الذي جمع المالكي بالنجيفي"، معتبرا أنه "لن يسهم في حل الأزمة، لأنها جاءت لتقديم التعازي بسبب وفاة والدة زوجة الأخير، ومن الطبيعي أن يقوم الرؤساء والمسؤولون بتقديم التعازي، أما موقف الكتل السياسية من تقديم الاستجواب وسحب الثقة، فلا تراجع عنه أبدا".
وبشأن ورقة الاصلاح، نفى خليل في حديثه مع "العالم" أمس، وصول "ورقة الاصلاح بصورة رسمية"، واصفا الورقة بأنها "مجرد أفكار هامشية لا جديد فيها، ونحن مع الأفعال لا الأقوال، وهذه الورقة مجرد محاولة لكسب الوقت ومحاولة لتمييع فكرة الاستجواب وسحب الثقة".
وحول زيارة برهم صالح الى ايران، قال إنها "تأتي في إطار حرص الجانبين على تعزيز التعاون وتوثيق العلاقات، فهنالك علاقات تجارية وثقافية، ولدى ايران قنصلية في كردستان"، مؤكدا "بحثه مع طهران، المشهد السياسي العراقي والخلاف مع الحكومة الاتحادية".
من جهته، أشاد حمزة الكرطاني النائب عن القائمة العراقية، بالزيارة، عادا إياها "خطوة ايجابية ومهمة في طريق تعزيز الأخوة بين الكتل السياسية، إذ أن كل الأنظار تتجه اليوم الى القادة السياسيين للخروج من هذا المازق السياسي الذي يعتبر من أخطر العقبات التي واجهت العمل في هذه الحكومة، منذ تشكيلها وحتى الآن، حيث أن الكل يريد حل المازق بأقرب فرصة ممكنة"، مرجحا أن "تفضي هذه الخطوة الى وضع حلول من الممكن أن تكون بداية للخروج من الازمة".
وبشأن لجنة الاصلاحات، رأى الكرطاني أن "الملفات التي طرحتها اللجنة متعددة، وفيها شمولية قد تستغرق وقتا طويلا، فيما نحن نريد حلحة وحسم ملفات مهمة ضمن سقف زمني محدد، بالاضافة الى تنفيذ اتفاقية اربيل التي نعدها مفتاح الحل، الا أن عمل اللجنة قد يستغرق سنتين، وهذا الموضوع غير مجد، وهو حرق للزمن".
وتابع إن "هدف العراقية هو عمل الإصلاحات سواء جاءت عن طريق استجواب المالكي التي قد تفضي الى سحب الثقة، أو عن طريق لجنة الاصلاحات التي نتمنى أن تكون مهنية ومنصفة، بحيث تكون قراراتها مؤثرة، ولديها ضمانات لتنفيذ كل ما يتفق عليه فورا".
بدوره، أكد أمير الكناني النائب عن التيار الصدري، أنه "تم إرسال مسودة ورقة الاصلاح التي كلفت بإعدادها لجنة الإصلاح الى الكتل السياسية، بغية الاطلاع عليها وإبداء آرائهم وإجراء بعض اللقاءات للاستماع الى وجهات نظرها، لكن اللجنة لم تصل لحد الآن الى أي شيء، ونتمنى أن يحدد اجتماع اذا ما تم التوصل الى ورقة نهائية لكي تطلعنا اللجنة على آخر التطورات فيما يخص جزئية ورقة الاصلاح".
وأقر الكناني في حديثه مع "العالم" أمس، بعدم اقتناعه "بكفاية الورقة، بل يجب أن يكون هناك مشروع إصلاحي للأزمة السياسية القائمة ويشمل بناء دولة مستقلة خالية من الأزمات، ولا يقتصر على أزمة سحب الثقة عن رئيس الوزراء أو إقالة رئيس مجلس النواب"، منبها الى تحفظاته على "الكثير من ما ورد في الورقة الاصلاحية، على اعتبار أن الورقة مختزلة، وفيها مطالب جزئية لا تعالج مشروع بناء دولة".
وأضاف أن "الورقة الإصلاحية قد تخفف من الأزمة، ولكنها لن تحلها"، لافتا الى أن "المؤتمر الوطني أصبح من الماضي، لأنه لا نية صادقة من قبل الأطراف لحضور هذا المؤتمر والالتزام بما يصدر عنه".
وحول لقاء المالكي بالنجيفي، ذكر أن "الزيارات يجب ان تكون متواصلة، وان لا تتقاطع السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية، وأن الخلافات الموجودة بين الطرفين مسألة ديمقراطية يجب أن تترجم الى حالة صحية وليس العكس".
https://telegram.me/buratha
