انفضت الجلسة الأولى من الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب أمس السبت، دون أن تسفر عن نتائج ملموسة، الا أنها أفرزت مواقف الكتل السياسية المتباينة، خصوصا في ما يتعلق بقضية سحب الثقة عن رئيس الحكومة نوري المالكي.
ففيما نفى ائتلاف دولة القانون التطرق في جلسة يوم أمس الى الأزمة السياسية، أكد أن مشروع سحب الثقة عن المالكي قد باء بالفشل، وأن وجود أي ملف يدين رئيس الحكومة، إنما يدين جميع الكتل السياسية، لأنها تشترك معه في اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء.
وفي الوقت الذي نفى فيه ائتلاف رئيس الحكومة إمكانية إتمام مشروع سحب الثقة عن المالكي، أشار الى أن الانسجام الموجود في مجلس الوزراء، مفقود في مجلس النواب، كاشفا عن اتفاق الكتل السياسية مع هيئة الرئاسة على التصويت على قانوني المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الاعلى خلال الأسبوع المقبل.
وفي ذات السياق، أبدى التحالف الكردستاني استغرابه لطرح مسألة سحب الثقة عن رئيس البرلمان أسامة النجيفي في نفس الوقت الذي تحاول فيه أغلب الكتل السياسية سحب الثقة عن الحكومة، عادا تلك المحاولة مراوغة سياسية.
وفيما أعربت القائمة العراقية عن أن طلب سحب الثقة عن النجيفي هو أمر دستوري تتعامل معه بإيجابية، كي تعلم "حزب الدعوة" مفهوم الديمقراطية، أكدت أنها ماضية في موضوع سحب الثقة عن المالكي، والاطاحة بحكومته دستوريا، كاشفة أن المحكمة الاتحادية حكمت لصالحها في ما يتعلق باستجواب وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب.
ففي مقابلة مع "العالم" أمس السبت، قال عباس البياتي النائب عن ائتلاف دولة القانون، إنه "تم الاتفاق في اجتماع هيئة الرئاسة مع رؤساء الكتل على تحديد سقف زمني نهائي لمدة اسبوع من أجل توافق الكتل السياسية على قانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس القضاء الاعلى"، مشددا على "ضرورة أن تاتي الكتل بتصور نهائي من أجل التصويت على القانونين في الاسبوع القادم عندما ينعقد المجلس".
وأشار البياتي الى أن "اجتماع هيئة الرئاسة اليوم (أمس) ناقش قانون مجالس المحافظات، حيث تم التأكيد خلاله على ضرورة إكماله وتقديمه للتصويت، لأن قراءته الاولى والثانية قد تمت"، منوها إن "اللجنة القانونية أنجزت التعديلات اللازمة، ونحن بانتظار تقديمه خلال هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم للتصويت عليه".
ولفت النائب عن دولة القانون، إن "الاجتماع اليوم (أمس) لم يتطرق الى أي إشكالية سياسية، ولم تنعكس فيه الأزمة على الاجتماع، بل كانت هناك دعوة الى ضرورة الحرص على وحدة المجلس، والتأكيد على إعطاء هذا الفصل الأولوية للقوانين الدستورية والقوانين الخدمية".
بدوره، ذكر محمد الصيهود النائب عن ائتلاف دولة القانون، في حديثه مع "العالم" أمس، أنه "لو سلمنا جدلا ان ما يجري من محاولات لاستجواب رئيس الوزراء هي ممارسة ديمقراطية، فلماذا لا يذعنون الى الديمقراطية بعد أن فشل مشروع سحب الثقة من الحكومة نتيجة عدم حصولهم على الأصوات الكافية التي تمكنهم من تحقيق ذلك"، نافيا "وجود ملفات تدين رئيس الحكومة في مسألة الاستجواب التي ينادي بها البعض، وحتى لو توفر مثل تلك الملفات، فإنها تخص الكتل السياسية ذاتها، على اعتبار أن الحكومة كابينة واحدة تتكون من كل الكتل السياسية، وإذا أرادوا التحدث عن الجانب الخدمي، فإنهم يتحدثون عن وزرائهم، وهكذا اذا ما أرادوا التحدث عن الجانب الأمني، وبالتالي فإن كان المقصود هو شخص المالكي، فهذا بحث آخر".
ورأى الصيهود "عدم وجود إمكانية لاستجواب رئيس الوزراء اطلاقا، حيث أن موضوع سحب الثقة عن الحكومة أصبح في خبر كان"، مؤكدا "نحن لا نتخوف من موضوع الاستجواب، ولو كنا متخوفين، لما طلب رئيس الوزراء عقد جلسة استثنائية وعلنية للبرلمان، من أجل توضيح أسباب وتداعيات الأزمة الحالية".
وأضاف إن "مجلس الوزراء متجانس الى أبعد الحدود، ووزراء الكتل السياسية مجتمعون، وهذا ما قاله رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة، والدليل على ذلك هو انعقاد مجلس الوزراء في عدد من المحافظات ووجود الرغبة لديهم لتقديم الخدمة، وبالتالي فإن ما هو موجود في مجلس الوزراء، غير موجود في البرلمان العراقي"، منتقدا "أداء رئيس البرلمان أسامة النجيفي، فهو لم يكن حياديا تجاه الكتل السياسية وتجاه المكونات الموجودة في البرلمان العراقي، ولذا فنحن نريد أن نسحب الثقة عنه، على عكس رئيس الوزراء الذي كان رئيسا لمجلس الوزراء، فكل القرارات تتخذ بالإجماع، وأن هناك توافقا وانسجاما داخل الكابينة الوزارية".
من جهته، قال شوان محمد طه النائب عن التحالف الكردستاني في حديثه مع "العالم" أمس، إنه "كان لدينا مشاريع كثيرة، منها مشاريع قابلة للقراءة الأولى والثانية، وكذلك مناقشتها بكل جدية، لكننا لا نخفي وجود مشاكل سياسية مستعصية، ولا يجوز لنا كبرلمانيين أن نترك جميع المشاريع في أروقة لجان البرلمان، فقد كانت جلسة اعتيادية حاولنا خلالها أن نكون بعيدين عن التأثيرات والمشاكل السياسية".
وأضاف طه "نحن نستغرب من طرح قضية سحب الثقة عن النجيفي في مجلس النواب، لأن هذا يعد مراوغة سياسية، كون أغلبية الكتل السياسية ماضية في عملية سحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكي، بسبب المشاكل الكثيرة التي حدثت ولم يعد أمام الكتل السياسية الا اللجوء الى عملية سحب الثقة عن الحكومة، لكون ائتلاف دولة القانون غير جدي في حلحلة المشاكل العالقة"، لافتا الى أننا "خلال الاسبوع القادم سنقدم الى البرلمان طلبا رسميا باستجواب رئيس الحكومة، ومن ثم سحب الثقة عنه".
أما حيدر الملا المتحدث باسم القائمة العراقية، فذكر في حديثه مع "العالم" أمس، أننا "سنعلم حزب الدعوة درسا في فهم الديمقراطية، وسنتعامل بكل ايجابية مع اي طلب يقدم بأي اتجاه، ونحن نحترم الدستور، ونحترم الخيارات الدستورية، ولكن على الاطراف الاخرى أن تفهم الديقراطية باتجاهين، وليس باتجاه واحد، وعندما تخدم مصالحها تكون ديمقراطية، وعندما لا تخدم مصالحها تكون دكتاتورية"، مؤكدا "نحن نحترم قرار قبة البرلمان سواء بإقالة رئيس مجلس النواب، او باستجواب رئيس مجلس الوزراء أو سحب الثقة عنه".
وتابع الملا "نحن نعتبر طلب ائتلاف دولة القانون باقالة النجيفي، طلبا دستوريا وسنتعامل معه بمنتهى الايجابية، ولكن عليهم ان يفهموا أن طلبات سحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء، تركن الى الدستور، وليست تآمرا كما يوصف من قبل بعض الاطراف"، لافتا الى أن "المحكمة الاتحادية قد حكمت لصالحنا في قضية استجواب السيد علي الاديب، لكن من أنقذه هي العطلة الفصلية، ونحن في هذا الفصل الجديد سنستجوب الاديب، معتقدين أن سحب الثقة عن المالكي سينهي الكابينة الوزارية بأجمعها، ومن ضمنهم علي الاديب".
https://telegram.me/buratha

