قال اعضاء في لجنة النزاهة البرلمانية، امس الاثنين، ان رئيس الوزراء نوري المالكي اقصى هيئة النزاهة واستبعدها، منذ اقالة رئيسها السابق، واحتكر ملفات الفساد كي يستخدمها وقت شاء لمعاقبة خصومه السياسيين.وابدى نواب تحدثت اليهم صحيفة "المدى" استغرابهم من غموض عمل الهيئة التي لم يسجل لها نشاط رسمي منذ شهرين حسبما تشير بيانات الموقع الالكتروني التابع لها، بينما كانت اخبارها وبياناتها واحصاءاتها قبل ذلك، تملأ وسائل الاعلام.لكن نائبا عن دولة القانون تحدث عن "جلسة استماع" استضافت خلالها لجنة النزاهة البرلمانية، الرئيس الحالي لهيئة النزاهة ونفى خلالها بوضوح وجود اي تدخل في عمله من قبل رئيس الحكومة.وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت قرارا منتصف كانون الثاني 2011، يقضي بربط الهيئات المستقلة برئاسة الوزراء مباشرة خلافا للمادة 100 من الدستور التي تنص على أن "المفوضية العليا لحقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم أعمالها بقانون". وعلى خلفية ذلك قام المالكي بتعيين القاضي علاء الساعدي رئيسا لهيئة النزاهة بعد استقالة رحيم العكيلي في أيلول 2011 نتيجة ضغوط من أحزاب سياسية بهدف التستر على اختلاس أموال. وفي هذا السياق ابدى صباح الساعدي، عضو لجنة النزاهة البرلمانية، استغرابه من "اختفاء عمل هيئة النزاهة خلال الـ3 اشهر المنصرمة"، معتقدا ان "سيطرة الحكومة على الهيئة المستقلة احد اهم الاسباب التي جعلت قضايا الفساد تختفي". واضاف الساعدي ان "من المعروف ان الهيئة المستقلة يجب ان تكون مستقلة، الا ان الحكومة حاولت ان تستحوذ على الهيئة وخصوصا هيئتي النزاهة والرقابة المالية لكونهما الاهم بين الهيئات المستقلة".وتابع "انتقدنا وبشدة قرار المحكمة الاتحادية بالحاق الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء كونه يعطي الشرعية باستمرار لخلق النظام الدكتاتوري من خلال الانحياز لصالح السلطة التنفيذية".ولفت الى ان "المالكي يسعى في هذه المرحلة تحديدا الى جمع القضايا المتعلقة بالفساد خصوصا المتعلقة منها بالوزارات التي يديرها خصومه".وانتقد عضو النزاهة البرلمانية اداء هيئة النزاهة "كونها لم تستطع كشف اي ملف او التحقيق بأي قضية متعلقة بالفساد المالي والاداري في الاونة الاخيرة"، متحدثا عن "جهات مقربة من رئيس الحكومة هي التي تسيطر على الملفات داخل الهيئة". واعتبر الساعدي بقاء رئاسة الهيئة بيد القاضي علاء الساعدي بالوكالة "دليل على سيطرة الجهات المتنفذة"، مؤكدا ان "تبديله سيكون بالطريقة التي استبدل فيها القاضي رحيم العكيلي عندما اراد كشف قضايا فساد لم يرق للمالكي كشفها فأطاح به بكل سهولة". وعن موقف النزاهة البرلمانية ازاء عمل الهيئة الحالية، يقول الساعدي "نحن في لجنة النزاهة البرلمانية دائما ما نتصل ونتابع، الا ان هناك غموضا حول اجابات رئيسها، او الكشف عن القضايا العالقة" منوها الى ان "اكثر من 20 قضية فساد لم تحسم واغلبها متعلق بملفات فساد مالي بمبالغ طائلة". من جانبه اكد احمد العلواني، العضو الاخر في لجنة النزاهة عن القائمة العراقية، ان "المالكي يمتلك الكثير من ملفات للضغط على خصومه كقضيتي الهاشمي والدليمي". مؤكدا ان رئيس الحكومة "يمتلك ملفات متعلقة بالفساد تدين خصومه الذين ينوون سحب الثقة وهذه سياسة غريبة".ويقول العلواني، في تصريح للمدى امس، ان "الفوضى السياسية ساهمت وبشكل كبير غياب الدور الرقابي فيما يخص عمل هيئة النزاهة بالكشف عن المفسدين، والذين يقومون بتنفيذ مخططاتهم بقضايا فساد مالي كبير مستغلين الاحداث الراهنة في البلاد". واشار النائب عن القائمة العراقية، الى ان "اللجان الدائمة والمؤقتة التي كلفت بالكشف عن قضايا فساد جميعها معطلة وغائبة بسبب الازمة السياسية، فضلا عن عطلة البرلمان وغياب الدور التشريعي والرقابي خصوصا من لجنة النزاهة". لكنه يؤكد ان لجنته "عازمة على التحقيق في جميع الملفات العالقة لدى استئناف عمل مجلس النواب".من جهته يؤكد شاكر دشر، عضو لجنة النزاهة والنائب عن دولة القانون، "وجود الكثير من الملفات بحوزة رئيس الحكومة يمكن استخدامها ضد مسؤولين"، لكنه ينتقد ما يشاع عن استخدامها من قبل المالكي لابتزاز خصومه. ويضيف دشر, ان هذه الشائعات لا اساس لها وهو ما اكده رئيس الهيئة الحالي القاضي علاء الساعدي لدى جلسة استماع في لجنة النزاهة حيث نفى تدخل رئيس الحكومة باي ملف او قضية متعلقة بالفساد".ولم يرصد اي نشاط رسمي لهيئة النزاهة منذ شهرين (نيسان الماضي) عندما اعلنت التمكن من اعتقال شخص انتحل صفة رسمية رفيعة فيها وقام بخداع ضباط كبار في وزارة الداخلية بعد ان تمكن من التسلل الى دوائر وزارة الداخلية.وافاد بيان نشر على الموقع الالكتروني للهيئة ان "شعبة العمليات الخاصة وبالتنسيق مع مكتب مفتش عام وزارة الداخلية وبموجب أوامر قضائية القت القبض الخميس على شخص ينتحل صفة مفتش عام في هيئة النزاهة يحتال على الدوائر الحكومية ويقوم بجولات تفتيشية في مراكز الشرطة ووزارة الداخلية والاطلاع على اسماء الموقوفين".ويعد العراق من ابرز البلدان التي يكثر فيها الفساد، لكن حالات اعتقال الفاسدين ومحاسبتهم وخاصة في الملفات الكبيرة، تظل نادرة جدا، فيما يقول نواب ان سياسات المحاصصة والتوافق هي التي تتستر بالدرجة الاولى على "القطط السمان". انتهى