الأخبار

الشيخ الصغير: لهذه الأسباب أرى أن حجب الثقة عن الحكومة ليس حلاً


في جواب على سؤال وجه لسماحة الشيخ الصغير حول الأسباب التي تجعله يقول بان حجب الثقة ليس حلا، وعن طبيعة ما يرتئيه من حلول قال سماحة الشيخ: إن المشكلة الرئيسية المعاصرة تكمن في أن السياسيين تخلو عن الآلية الناظمة للنزاعات أو أن هذه الآليات ما عادت مورد اعتماد الجميع، فلقد عبثت أطراف بالمحكمة الاتحادية ومنذ عام 2007 حتى ما عاد لأحد أن يثق بأحكامها أو قل بأن أحكامها باتت مورد شك، بعد أن جعلها الدستور بمثابة الناظم الأساس للنزاعات، وعبث أطراف باستقلالية المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وهي الناظم الثاني حتى ما عاد خيار العودةة للإنتخابات مطمئناً، وعملت حكومة المالكي طوال المدة التي حكمت فيها بدون نظام داخلي وبالرغم من الوعد ضمن اتفاقات الطاولة المستديرة بكتابته خلال الستة الأشهر الأولى من تشكيل الحكومة، وها قد انصرم من عمر الحكومة ما انصرم ولا زال يراوح مكانه وهو الناظم الثالث، وتم تسييس وإفساد هيئة النزاهة وهو الناظم الرابع، وتحول القضاء للأسف من سلطة مستقلة إلى سلطة يتحكم بها أهل السياسة في الكثير من الأحيان وهو الناظم الخامس، وتم تعطيل الدور الرقابي للبرلمان وهو الناظم السادس، وتم تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية من قبل رئاسة الوزراء فتحطم الناظم السابع، والقانون بدا وكأنه ينظر إليه وفق المصالح فما كان متوافقاً مع المصالح جرى العمل به، وما لم يك متوافقاً تم غض النظر عنه، ويكفي نظرة على تطبيقات الحكومة وموقف الأطراف السياسية لقانون المسائلة والعدالة لنعلم حقيقة هذا الأمر وهو الناظم الثامن.. وغيرها كثير.

ولهذا فإن عملية التغيير مهما كانت توجهاتها سوف تفضي لنزاع جديد لافتقار الجميع إلى الأليات الناظمة لتنازعهم، وطبيعة أجواء عدم الثقة حينما تهيمن على المشهد السياسي فإن الحاجة  لوجود انظمة حل النزاعات التي أشرنا إليها ستكون في غاية الحساسية والأهمية، وعليه فإن الأرقام التي تذكر عن حجب الثقة مهما كانت مصداقية ما يتحدث عنها طرفي النزاع فيها ستكون بالنتيجة في إطار كفتين متقاربتين ولكنهما بتضاد شرس.

مما يعني أن حجب الثقة عن الحكومة سيضعنا أمام خيارين فقد لا يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة مما يجعل حكومة الأستاذ المالكي حكومة تصريف أعمال وبالتالي سيجعلها أكثر جرأة في تخطي ما تبقى من نواظم ضابطة مما سيؤجج الصراع لما هو أعمق مما عليه الأمر الآن، ومعه فإن ما أراد التخلص منه الطرف الذي يريد أن يحجب سيقع في أسوأ منه، وهي حتى لو لم تفعل فستكون في غاية الضعف.

وقد تؤدي عملية حجب الثقة إلى تشكيل حكومة جديدة، لكنها ستكون هي الأخرى ضعيفة بسببين اولا لا وقت لديها حتى لو كانت في قمة النزاهة والقوة لإيجاد حركة الإصلاح، كما أنها سينهشها صراعها اليقيني مع الكفة المتبقية من ميزان القوى التي ستكون متضررة من الحكومة الجديدة، ولو أضفت إلى ذلك الركام الكبير المتخلف من الحكومة السابقة فإن المشكلة ستتبدّى أكثر وضوحاً.وقد تفشل عملية حجب الثقة مما سيعطي الأستاذ المالكي وحكومته جرأة أكبر على تخطي القوى التي ناهضته طوال هذه الفترة، ومن ثم لنفتح عهداً لشدة أكبر في الصراعات قد تكون منذرة بمخاطر كبرى على كل العراق.ولا حل في تصوري إلا من خلال تفاهم جدي ومسؤول على العودة للنظم الضابطة للنزاعات واحترامها وإعادة الثقة إليها، ومعها لن تكون المشكلة فيمن سيرأس أو يحكم طالما ان هناك سقفاً لا يسمح له بالتسلط أو التفرد بالسلطة.أنا أدرك جيداً أن نيل هذا أشبه بالمستحيل ضمن الظروف الحالية، ولهذا عمدنا إلى سياسة تخفيف الضرر على الناس، لأن الضرر واقع على الناس في كل الحالات، وما يهمّنا كيف نخفف عنهم ما هو أكبر، بالإضافة إلى أن مثل هذا الأمر يمكن أن يؤسس لاجواء أفضل لحكومة الانتخابات القادمة إن بقي نظام الانتخابات قائماً، وفي القلب شك كبير من ذلك.أعتقد أن المتصارعين ارتكبوا أخطاء جسيمة بحق شعبهم ومصالحهم، وتجاوزوا الدستور بشكل كبير، ولو سمعنا أن اتفاق أربيل كان فيه مخالفة للدستور فتم التنصل عنه، فلعمري أين كان المتفقون عن ذلك يوم أن اتفقوا؟ فهذا الاتفاق هو الذي شكل الحكومة وبدونه ما كنا لنرى أي حكومة، وعليه فإن نقطة تخفيف الضرر كامنة في المضي بتنفيذ الاتفاق، لا لأننا نؤمن بهذا الاتفاق، فنحن لم نكن شركاء فيه، وقد جنّبنا أنفسنا عنه، وأكدنا في وقتها أن الحكومة حينما تتشكل بهذه الطريقة ستكون حكومة أزمة لا حكومة حل، وحكومة نزاع لا حكومة استقرار، وكانت رؤيتنا منذ البداية تتحدث عن خطأ مثل هذه الاتفاقات، ولكن حيث تم الاتفاق بين الأطراف فعليهم أن يفوا بالتزامات توافقهم هذا، أو يعمدوا لاتفاقات جديدة، لأن هذا من شانه أن يجسر الثقة بين الأطراف المتفقة وهي العملة الصعبة المفقودة بين الأطراف المتصارعة.

لقد كان المجلس الأعلى المتضرر الوحيد من تشكيل الحكومة وفق اتفاقيات أربيل، المعلنة والسرية، وطوال هذه الفترة اتهمنا كثيراً بأن همّنا هو إسقاط حكومة المالكي وظلمنا كثيراً من قبل أطراف كان دأبها هو إتمام عملية الظلم، ولكن بات واضحاً اليوم أن نهجنا منذ البداية كان قائماً على أساس المضي بعملية الاستقرار السياسي إلى الأمام بواقعيات السياسة لا بشعاراتها ومزايداتها ونزع الألغام أمام تكامل أدوار فرقاء هذه العملية، وموقفنا الأخير لا جديد فيه قياساً إلى موقفنا السابق غاية ما في الأمر أن الصورة تجلت اليوم بشكل أفضل وأوضح، ولهذا لم نقبل بكل الإغراءات التي عرضت علينا تلك الفترة أو في هذه الأيام، فالوضع لا يصلح للغنائم والمكتسبات، بقدر ما يوجب دفع الضرر الرهيب الذي يمكن أن تنتج عنه صراعات اليوم.

وكما هي مطالبتنا بالأمس لا زلنا نطالب بمقدار من المغامرة من قبل الأطراف لتجسير الثقة بينها حتى لو أدى ذلك إلى بعض التراجع، ولا بد من بوادر حسن نية، بالرغم مما يبدو لي أن الوقت قد فات على مثل ذلك ولكن يمكن لمبادرات جريئة أن يتم التأسيس عليها لمشروع العودة إلى الحوار، وهذه مهمة الأطراف كافة، وقد بذلت القيادات المعنية في المجلس الأعلى جهوداً كبيرة من أجل رأب الصدع بين الفرقاء، ولكن الأزمة لا زالت عصية على الحل. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احسان الخفاجي
2012-06-07
مع الأسف تمت خسارة د.عادل عبد المهدي بعد أن لفق المالكي وأتباعه تهمة مصرف الزويه وألصقوها ضلما وبهتانا به بلا سبب ألا أنهم يعتقدون بأنه منافس للمالكي وقد يكون بديلا عنه فألصقوا تهمه حقيره وخسيسه به لأبعاده. هذه حقيقة المالكي وحواريه وحزبه فلا يتورعوا من فعل أي شيء من أجل الكرسي والمال والنفوذ.
كاظم
2012-06-06
تحليل رائع سلمت يا سماحة الشيخ جلال عى هذا التحليل الرائع
ابو محمد
2012-06-06
تشخيص (سياسي) دقيق ... ولكن .. قال الأمام علي ما ابقى لي الحق من صاحب عندما طلب منه أن يعطى الزبير وطلحه شيء حتى لا يخرجوا عليه ... وعندما طلب من أقرار معاويه على ولاية الشام ومن ثم خلعه .... يعني يا شيخنا بعد كل هذا التشخيص على الحكومه الحالية والسابقة برئاسة المالكي ويبقى ((أهون الشريين)) أنت تعرف من هيه الجهه التي أثرت وتأثر على القضاء مثال سابق وحالي ( عبد الفلاح السوداني ومشعان الجبوري) والجهه التي تجاوزت رئاسة الجمهورية وأستعملت قانون المسآله على مقاس من يخدمها..وو اليس من الأولى أزالتها
ابومحمد
2012-06-05
الى شيخنا الجليل نسال الله ان يوفقك انتم اهل لمعرفة امور العملية السياسة لكن ما ينصحون دولة القانون يا شيخنا بعد ما كثر تشوة مجلس الاعلى سوف يدفعون ثمن كبرياهم انضر ياشخنا ماذا يفعل يرجع شكو ضابط عليه علامة استفهام وشكرا
الشيخ على الانصارى
2012-06-05
بارك اللة فى جهودكم المباركة وشكرا جزيلا لهذة المعلومات القيمة يااسد بغداد
احمد
2012-06-05
اني اعتقد هذا الراي صائب
سعد الموسوي
2012-06-05
لو كانت الفرضيات التي قدمها ا لشيخ الجليل كلها صحيحه .....فهذا ادعى الى الاسراع لسحب الثقه لان السيد المالكي هومن قاد عمليه افراغ هذه الاليات الدستوريه ووضعها في جيبه ...........فالاستمرار بحكومته سينسف ما بقي منها ونرجع الى حكومه القائد الاوحد انا افهم حرص المجلس على العمليه لسياسيه وسلامه الشعب العراقي ولكن خسائر اليوم افضل من خسائر المستقبل الهائله التي سيدفعها الشعب للتخلص من الدكتاتو رالجديد
مهدي الساري البصره
2012-06-05
الله يحفض شيخنا الجليل وعاش المجلس الاعلي بقياده السيد عمار الحكيم
الدكتور علي القريشي
2012-06-04
الشيخ المجاهد الجليل لكن بوري المالكي غدار وكذاب وفاشل ودكتاتور وحارب ضحايا البعث وصالح جلاديهم أقام وزارة لرعاية مصالح حزب البعث وهو عراب الخيانة الوطنية ( المصالحة ) وهو الخليفة الشرعي لمعاوية وصدام لا بل يفوقهم في المكر والخداع ومناصبه الأمنية تفوق مناصب اللعين صدام والقذافي وهتلر ومبارك مجتمعين وبسبب فشله أصبح في كل بيت شهيد بينما في زمن سلفه هدام في كل منطقة شهيد لعن الله صدام ولعن الله البعثية ولعن الله من صالح البعثية , أعتقد أول من سيعضه نوري بعد نجاته هو المجلس الأعلى و سماحتكم
ابو جعفر البغدادي
2012-06-04
حفظ الله شيخنا الجليل وجعل شعبنا الحائر ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه بدلا من ان يبنون فهمهم استنادا الى قنوات المال الحرام والسلطان الظالم
عراقية
2012-06-04
الله يحفظ سماحة الشيخ بحق محمد وال محمد
احمد الأسدي
2012-06-04
شيخنا الجليل كتبت وصدقت ووضعت يدك على الجروح ونحن ننتظر منكم بالذات الحلول فكما كنتم سابقا السباقون لحل الأزمات أيام حكيم العراق وعزيزه رضوان الله تعالى عليهما فاليوم انتم قادرون على انهاء الأزمات انشاء الله
ياسر العنبكي
2012-06-04
شكرا شيخنا الكريم فقد بينت واوضحت الصورة بدقة واختصار وعمق. كانت اربيل صفقة وها قد تناحر المتصافقون كما هو متوقع. شيخنا لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن...
عبد الله
2012-06-04
الحمد لله رب العالمين انّه عندنا ناس حكماء مثل شيخنا الجليل الكبير.... على الاقل واحدنا مايفقد الامل بسبب غيوم الصعاب ودخان مشاكل اتفاقية اربيل........ وتحليل وتقييم اكثر من رائع وجميل....... الله يحفظك شيخنا ويخليك ذخر للناس الموجوعة من اصبعها البنفسجي وسوء اختيارها فضلا عن النظام الانتخابى الغير منصف
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك