أجمع برلمانيون من مختلف الكتل السياسية على أن العجز البرلماني، وتعطيل القوانين المهمة، وغياب الدور الرقابي هو نتيجة الخلافات السياسية وتشكيل حكومة شراكة أفرغت البرلمان من المعارضة، عادين مشاركة جميع الكتل السياسية في الحكومة بأنها إضعاف للدور الرقابي.
واتهم نائب في التحالف الكردستاني الحكومة بتهميش البرلمان، بعد ان استفادت من الدستور "الخاطئ" الذي أعطى منصب القائد العام للقوات المسلحة الى رئيس الحكومة فصار العراق "يحكم بالسلاح" برضا رئاسة البرلمان، فيما انتقدت نائبة عن دولة القانون استخدام الإعلام للتسقيط السياسي، مؤكدة أن الإعلام هو أسهل طريق لبعض البرلمانيين من أجل تنفيذ أجنداتهم السياسية الخاصة، بعيدا عن ممارسة المهام المنوطة بهم من رقابة وتشريع قوانين.
وقال النائب المستقل في كتلة ائتلاف القوى الكردستانية محمود عثمان ان "قوانين في غاية الأهمية مثل العفو العام، والنفط، والغاز، والاحزاب السياسية اضافة الى التعديلات الدستورية لا تزال معطلة بسبب خلافات الكتل"، واصفا إرادة زعماء الكتل السياسية بأنها أكبر من البرلمان. واضاف، في مقابلة أجرتها معه "العالم" أمس الثلاثاء، ان "الحكومة تهمش البرلمان في كل إجراءاتها، حتى صار البرلماني يحسب حساب شيئين في كل أحاديثه، فهناك حكومة وقيادة عامة للقوات المسلحة، بمعنى أن العراق صار يحكم بالسلاح". وأوضح أن "السلاح له دور أساس في البلد، فاذا كان رئيس الوزراء له سلطة على الجيش، بمعنى انه أصبح قوة، والدستور هو من أعطاه هذه القوة، لذا لا بد أن يعدل". وتساءل عثمان عن سبب سكوت البرلمان على تهميشه، موضحا أن "رئاسة البرلمان ساكتة بمعنى انها ترضى بفرض هذه السطوة".
وتابع "مللنا الحديث عن الأزمات وحلولها، ولا أحد يسمعنا، وثقوا ان الحل محصور بزعامات الكتل، لو أرادوا لفرجت الأزمة غدا".
وعن عقد الحكومة اتفاقات ومعاهدات بمعزل عن البرلمان قال ان "الحكومة أهملت البرلمان، ومؤخرا عقدت اتفاقية مع الكويت لا يعرف البرلمان تفاصيلها، وكذلك الاتفاقات مع إيران".
وعن هذا الموضوع ردت النائبة عن ائتلاف دولة القانون حنان البريسم، قائلة ان "الحكومة مخولة بتوقيع المعاهدة مع أي دولة أخرى بالأحرف الأولى، وتأتي المعاهدة الى البرلمان على شكل قانون للتصويت عليه"، مبينة ان جميع المعاهدات التي وقعتها الحكومة وصلت البرلمان، وتمت المصادقة على أغلبها.
وبشأن إبرام الحكومة اتفاقيات ومعاهدات دون علم البرلمان قالت البريسم في حديث لـ"العالم"، امس، "مع الاسف اذا كان البرلماني يتحدث بهذه الطريقة فهذا يعني انه لم يأخذ دوره التشريعي منذ البداية، لأننا مرّرنا الكثير من المعاهدات وقرأناها قراءة اولى وثانية وتم التصويت عليها"، نافية وجود معاهدة مع الكويت، إذ أكدت أن الحكومة وقعت اتفاقية وليست معاهدة.
ورأت البريسم ان الاعلام هو الطريقة الاسهل للبرلمانيين من اجل تنفيذ اجندة سياسية ضيقة، مبينة ان "البرلماني اذا كانت لديه اجندة سياسية خاصة بكتلة معينة يلجأ الى الاعلام لانها أسهل طريقة للتسقيط السياسي".
وأكدت البريسم "وجود مواقف سياسية ترتبط بتمرير مشاريع تتعلق بخلافات سياسية داخل البرلمان، والموقف السياسي هنا يفرض نفسه على العمل البرلماني، كما يفرض نفسه داخل الجلسات، وهذا يحصل ايضا في اللجان"، واردفت قائلة ان "المشاريع المعطلة سببها الخلاف السياسي، اذ اوقفت مشروع النفط والغاز، نتيجة وجود 3 مشاريع قوانين بشأنه موجودة في البرلمان أحدها في 2007 وآخر في 2011، اضافة الى مقترح قانون في اللجنة".
وعزت البريسم ضعف الدور الرقابي في البرلمان الى المحاصصة السياسية في الحكومة والبلد بصورة عامة، مؤكدة ان التوافق السياسي وحده من يحل العجز الكبير في عمل وأداء مجلس النواب.
من جانبه قال النائب عن العراقية عبد الرحمن اللويزي، في حديث لـ"العالم"، امس "بموجب الدستور من المفترض سن قانون جديد لتوقيع المعاهدات مع الدول الاخرى، وهذا الأمر يحرم البرلمان من المصادقة على المعاهدات"، مؤكدا أن توقيع الحكومة على معاهدة فيه ممارسة طبيعية للحكومة، لكنها لن تأخذ حيز النفاذ الا عند المصادقة عليها برلمانيا.
واوضح ان "البرلمان افرغ من محتواه الرقابي نتيجة ان الشركاء في الحكومة هم ذاتهم في البرلمان، ومسألة ان يأخذ البرلمان دوره في حكومة تسودها المحاصصة أمر صعب للغاية"، مشيرا الى ان "البرلمان يعجز اليوم عن محاسبة أي وزير لأنه بالتأكيد سيكون منتميا الى كتلة سياسية".
وتابع اللويزي "من قبيل المفارقة ان الوزير بات محميا من قبل كتلته السياسية، وبات يتمتع بحصانة أعلى وأكبر من حصانة البرلماني"، لافتا الى عدم استجواب أي وزير إلى الآن. وقال ان "البرلمان على وشك قضاء نصف فترته التشريعية أي نصف عمره ولا توجد أي عملية استجواب فعلية، حتى ان استجواب أمين بغداد او رئيس المفوضية اللذين هما بدرجة وزير وليسا وزيرين لم يأخذ التحقيق أثره معهما حتى الآن". وأكد أن "الأمور أصبحت منوطة بتوافقات رؤساء الكتل، بمعنى ان الديمقراطية في البلد اصبحت توافقية وانتجت دكتاتورية الاحزاب السياسية بدلا من دكتاتورية الفرد الواحد سابقا. اليوم كل القوانين المهمة تنتظر التصويت ولا يوجد أي عائق لتمريرها غير الخلافات السياسية".
https://telegram.me/buratha

