أقرت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب بأن أوضاع البلاد الحالية لا تتيح تشريع قانون الخدمة العسكرية الالزامية، في وقت أكد نواب تباين مواقف الكتل الرئيسة بين تأييد اقرار القانون ورفضه والتحفظ بشأنه.
وفي مقابلة مع "العالم"، أمس الأربعاء، قال اسكندر وتوت عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب ان "قانون الخدمة الالزامية من ضمن القوانين التي نص الدستور على تشريعها بقانون". واستدرك "الظروف الحالية غير مهيئة لتشريع قانون الخدمة الالزامية".
وأكد وتوت الذي يرأس كتلة نيابية مستقلة أن "لجنة الأمن والدفاع لم تصل الى تشريع القانون إلى الآن".
وتنص المادة (9 ثانيا) من دستور جمهورية العراق على "تنظم خدمة العلم بقانون".
وكان طارق حرب الخبير القانوني قال لـ"العالم"، في وقت سابق، إن "خدمة العلم التي نص الدستور على تنظيمها بقانون قد تكون تطوعية وقد تكون الزامية". وذكر أن "الدول المتقدمة تلغي أمرين هما عقوبة الاعدام والخدمة الالزامية، اي ان الخدمة بالارادة والاختيار لا بالاكراه"، مشيرا الى ان "تفعيل الخدمة الالزامية تترتب عليه آثار قانونية خطيرة، منها عقاب على الغياب والهروب والتخلف".
من جهته، قال قاسم الأعرجي عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب ان "التحالف الوطني يؤيد تشريع قانون الخدمة الإلزامية". واستدرك "لكن تشريعه في الدورة الحالية أمر صعب". وبيّن في تصريحات لـ"العالم"، أمس، أن "التحالف الكردستاني سيواجه القانون بالرفض، لأنه لا يرى ضرورة لبناء جيش يستند إلى مبدأ الخدمة الإلزامية". وتابع الأعرجي وهو نائب عن كتلة "بدر" المنضوية تحت التحالف الوطني، أكبر كتلة نيابية، أن "القائمة العراقية تؤكد على ضرورة تشريع القانون وتمريره عن طريق مجلس النواب، كونها تجد أنه يمكن أن يقضي على الطائفية، ويعيد التوازن داخل البلاد".
وفي هذا السياق ذكر عبد السلام المالكي النائب عن ائتلاف دولة القانون أن "هناك مطالبات بتشريع قانون الخدمة الالزامية". وفصّل "هناك من يؤيد مشروع القانون وهناك من يعارضه". واستطرد قائلا إن "الفريق المؤيد لتشريع القانون، يرى أنه يقضي على مشكلة كبيرة وهي البطالة، كما انه يقلل من الفوارق، ويقضي على الطائفية، فضلا عن اسهامه في تكوين نواة لبناء الجيش". وفي حديث لـ"العالم"، أمس، أردف المالكي أن "الفريق الآخر يرى أن فتح باب التطوع للالتحاق بالجيش والشرطة أجدى من تشريع القانون". ونوه الى أن "هذا الفريق لا يؤيد من يقول إن تشريع قانون الخدمة الإلزامية يعمل على عسكرة الشعب".
وبشأن موقف ائتلافه من اقرار القانون، قال المالكي "لدينا في دولة القانون تحفظات على تشريع قانون الخدمة الالزامية". وأعقب "بين تلك التحفظات خشيتنا من قتل العقول الواعية وأصحاب المستويات العلمية، إذا شرع هذا القانون".
ورأى المالكي أن "قانون الخدمة الإلزامية يعد من القوانين التي يصعب تطبيقها في الوقت الحالي، لأنه يعتبر من المشاريع المعقدة ولا أعتقد أنه سيمر داخل البرلمان، وستكون حوله انشقاقات". وأبدى اعتقاده بأنه "من المشاريع التي لن ترَ النور".
وعمّا يمكن أن يترتب على تشريع القانون أفاد المالكي "نحتاج إلى إحصائية دقيقة لكل المواليد التي ستدخل للخدمة، ثم أن تشريع القانون يحتاج الى أموال طائلة وتكاليف ستزيد العبء على الدولة". وأضاف "لذلك من الضروري دراسة الجدوى المالية، كما يحتاج الى دراسة متأنية ومستفيضة حتى لا يكون فيه طوق أو ضرر معين يلحق بالشريحة التي يشملها القانون".
من ناحيته قال محما خليل النائب عن التحالف الكردستاني ان "تشريع قانون الخدمة الإلزامية مشروع صعب التطبيق، بحكم صعوبة الظروف التي يعيشها البلد". ولفت في حديث لـ"العالم"، أمس، إلى أن "العراق ملزم بعدد محدد للقوات المسلحة بسبب البند السابع، فضلا عن أن تشريع القانون لم يطرح إلى الآن".
وخلص إلى القول "على الرغم من أن تشريع القانون سيقضي على البطالة، فإن هذه الأعداد الكبيرة سوف تحتاج إلى رواتب ودرجات وظيفية، وهذا أمر صعب التطبيق".
وكان علي الحمود الباحث الاجتماعي قال لـ"العالم"، في وقت سابق، إن "الخدمة الالزامية تنطوي على جانبين متناقضين". وبيّن أن "جانبها السيء يكمن في اعادة الروح للذاكرة السيئة التي يحملها العراقيون عن حكومات عسكرية سلطوية مارست القهر والخوف والإخضاع القسري للمواطنين". وتابع أن "الايجابي فيها هو العودة الى ما استخدمه الملك فيصل الاول باعتباره اسلوبا لصهر المجتمع في هوية واحدة، بمعنى إن الخدمة الالزامية هي طريقة لتعريف ابناء الريف بالمدن، والمدن المختلفة ببعضها، والديانات والمذاهب والقوميات ببعضها، ما يخلق مشتركات واسعة، اهمها تحية العلم، والخضوع لسلطة واحدة، وحماية ارض الوطن الواحد".
https://telegram.me/buratha

