طالبت كلتة دولة القانون مجلس القضاء الاعلى، باستبدال ترشيحات قضاة محكمة التمييز المرسلة الى مجلس النواب، لشمول بعضهم بقانون المساءلة والعدالة، وتورط البعض الاخر بقضايا فساد مستهجنة، داعية في الوقت نفسه، إلى عدم اقحام التوافقات السياسية في الشأن القضائي.
وفيما نفى مجلس القضاء الاعلى شمول المرشحين بالمساءلة والعدالة، ووقوعهم تحت طائلة العقوبة بسبب الرشى، أكد ان جميع القضاة المرشحين انطبقت عليهم الشروط والضوابط القانونية المعمول بها في مجلس القضاء الاعلى.
وكشف احد النواب عن وجود اجماع برلماني على ترحيل عملية التصويت على اعضاء محكمة التمييز الى الخميس القادم، متهما المعترضين على المرشحين بان لديهم حسابات، ومواقف شخصية مع بعض القضاة المرشحين.
وقال القيادي في ائتلاف دولة القانون خالد الاسدي، ان السير الذاتية للقضاة المرشحين كشفت تورط بعضهم بعمليات رشى وفساد، ومعاقبتهم من قبل مجلس القضاء الاعلى، مضيفا في مقابلة مع "العالم" امس الاحد، ان "الرئاسة كلفت قادة الكتل بالاتفاق على الهيئة التمييزية، لكن المراجعات دلت الى وجود مرشحين مشمولين باجراءات المساءلة والعدالة".
وبين الاسدي ان "ترشيح مثل هكذا قضاة يعد مخالفة قانونية لن نسمح بذلك، لاننا نريد وضع الامور في اطار القانون وبعيدا عن التوافقات السياسية"، واردف "اكتشفنا ان هناك قضاة نالوا عقوبات جراء رشى، ومع ذلك تم ترشيحهم من قبل مجلس القضاء الاعلى، فكيف يعقل ان يشغل منصب عضو محكمة التمييز من له سابقة خطيرة كهذه؟".
وطالب الاسدي مجلس القضاء الاعلى بسحب الترشيحات، او استبدال بعضها دفعا للاشكال، قائلا ان "هذه القضية يجب حلها خارج اطار التوافقات، لذلك نحن نطالب رئيس مجلس القضاء الاعلى ان يسحب الترشيحات، ويقدم اخرى لا تحمل مشكلات من هذا النوع، لكي يتم التصويت عليها بعيدا عن التوافقات السياسية".
من جانبه، رد المتحدث باسم القضاء الاعلى عبد الستار البيرقدار على الاسدي بأن "الترشيحات قدمت منذ فترة طويلة، ولم يصلنا الى الان من الكتل السياسية مطالبة رسمية بسحب ترشيح بعض القضاة"، نافيا شمول أي من المرشحين بقانون المساءلة والعدالة او تورط بعضهم في عمليات رشى، او تعرضه الى العقوبة، اذ بين ان "كل المرشحين تنطبق عليهم الشروط والضوابط المطلوبة، ولكن الكتل السياسية تعترض عليهم، لانها تريدها محاصصة سياسية، ونحن نرفض ذلك".
وقال البيرقدار، في حديث لـ "العالم" امس، ان "المشكلة تكمن في وجود نص دستوري يخل بمبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ استقلالية القضاء، وهو شرط تصويت البرلمان على ترشيحات مجلس القضاء الاعلى، والحقيقة يجب ان يعدل الدستور لضمان استقلالية القضاء".
ولفت الى ان "هناك شروطا يجب ان تنطبق على محكمة التمييز، بغض النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها القاضي، ومجلس القضاء الاعلى لا يأخذ باعتباره الطائفة او المذهب ولا حتى الى المحاصصة السياسية"، مضيفا ان "مجلس القضاء يكاد يكون المؤسسة الوحيدة في العراق التي تتبع هذه الآلية، ويتم التدرج من (صنف ثالث) الى (صنف اول) كالرتب العسكرية، فمثلا رئيس الجنايات يجب ان يكون (صنف اول) او قاضي محكمة التمييز يجب ان تكون درجته نائب رئيس استئناف، ويتمتع بالنزاهة، ولا يكون قد تعرض لعقوبات، فضلا عن أنه عمل في مختلف انواع المحاكم، ولا يمكن ترشيح احد لا تنطبق عليه الشروط".
وتابع ان "ترشيحات مجلس القضاء ارسلت منذ العام 2006، تفاديا لحصول شواغر في حال احالة البعض الى التقاعد او وفاتهم، الا ان مجلس النواب لم يصوت على أي من القوائم المرسلة اليه حتى الان، وآخرها القائمة الحالية المطروحة امامهم والتي تضم 22 قاضيا".
واشار البيرقدار الى ان "عدد اعضاء مجلس القضاء الاعلى، وفقا للقانون يجب ان يصل الى 35 عضوا، والعدد وصل الان الى 19 عضوا لتقاعد بعضهم ووفاة قسم منهم"، مشيرا الى ان "مجلس القضاء الاعلى يصر على ترشيحاته، ولن يقبل بتغييرها".
في غضون ذلك كشف النائب زهير الاعرجي، من كتلة العراقية الحرة، عن اتفاق اعضاء البرلمان على حسم عملية التصويت على اعضاء محكمة التمييز في جلسة يوم الخميس المقبل، مع الاخذ التوافق السياسي بهذا الشأن بنظر الاعتبار.
وقال الاعرجي، في حديث لـ "العالم" امس، "تم التوافق على الاسماء من قبل كل الكتل السياسية، وسيتم التصويت على كل الاعضاء في سلة واحدة، لكن اذا كان هناك خلاف سياسي، فسيرحل الى فترة اخرى"، مشيرا الى ان "التوافق السياسي يمكن ان يتوصل الى التصويت على الاشخاص المتفق عليهم دون المختلف عليهم".
وأضاف الاعرجي ان "الاسماء عرضت في المرحلة الاولى، وتم اختيار 12 مرشحا من اصل 22، ومن ثم تم اختيار 16 من اصل 24 لان احد الاشخاص سحب ترشيحه برغبته، وهو القاضي امير الشمري، ولكن لم يتم التصويت عليهم بسبب اعتراض بعض الكتل السياسية على احدهم".
وعزا الاعرجي عدم حصول التوافق بشأن اعضاء محكمة التمييز الى وجود تدخل في عمل القضاء، مبينا "ليس على النواب الا تدقيق السيرة الذاتية للمرشحين، من حيث شمولهم بالمساءلة والعدالة او قضايا فساد او عقوبات، وليس لدينا حق في التدخل والوقوف في طريق التصويت على اعضاء محكمة التمييز، ولاسيما ان اعضاء التمييز لا يجب ان يقل عددهم عن 20 عضوا، في حين انهم حاليا 19 عضوا فقط، ومنهم من سيحال الى التقاعد قريبا".
وعن امكانية تدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء، اكد الاعرجي "عدم ورود شكوى رسمية من قبل القضاء بشأن تدخل السلطة التنفيذية في عملهم"، لافتا الى ان " اعتراض الكتل السياسية يعود الى مواقف القضاة المرشحين في تحقيق العدالة بالكثير من القضايا، ولاسيما في اعوام العنف الطائفي، بالرغم من تعرضهم الى ضغوط سياسية، والان بات هؤلاء القضاة يدفعون ثمن تحقيقهم العدالة".
https://telegram.me/buratha
