رهن فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اطلاق سراحه اليوم الأحد بقرار قاضي التحقيق في هيئة النزاهة.
وتحدث الحيدري لـ"العالم" أمس السبت، عبر الهاتف من مخفر هيئة النزاهة حيث يحتجز وكريم التميمي مدير الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات، عن ملابسات توقيفه.
وقال ان المالكي اتصل به ونفى علمه باحتجازه، فيما وصف المعلومات التي أدلى بها مجلس القضاء الأعلى بشأن خلفيات توقيفه بأنها "غير دقيقة".
واتفق ائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني على أن "عملية توقيف الحيدري مسيسة"، وتعكس محاولة المالكي الهيمنة على جميع السلطات. غير أن ائتلاف المالكي رفض ذلك، وبيّن أن القضية التي أوقف الحيدري والتميمي بسببها واحدة من عشرات القضايا التي وردت في استجوابه منتصف العام الماضي، واكتمل التحقيق فيها الآن.
وفي مقابلة هاتفية مع "العالم" أمس، قال فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات "منذ عملية التوقيف لغاية اللحظة لم يحدث شيء على صعيد القضية وأسباب الاعتقال. ذهبنا بأنفسنا وليس بأمر استقدام، وتم توقيفنا في مخفر هيئة النزاهة".
وبشأن امكان الإفراج عنه أفاد بأن "اطلاق سراحنا يعتمد على النيات، وأن يأخذ القانون مجراه، لأن الحجز تم استناد على عدم وجود قاض، ويوم غد الاحد هناك قاضي تحقيق، واذا يحتاج الى معلومات اخرى فيما يخص القضية، فنستطيع دفع الكفالة لنحضر بعدها المعلومات". وتابع "أما اذا يريد أن يطولها ويمددها فهذا بحث آخر ولا أريد أن أعلق عليه".
وكان الحيدري والتميمي احتجزا في مقر هيئة النزاهة وسط بغداد، "على خلفية صرفهما أموالا مخصصة للمفوضية، لموظفين بالتسجيل العقاري، للحصول على أراض". بحسب بيان لعبد الستار البيرقدار المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى، صدر الجمعة.
لكن الحيدري رفض ما ورد في البيان. وعلّق "المعلومات التي وردت في التصريح غير دقيقة، لأن الاراضي منحت من رئيس الوزراء لاعضاء المفوضية في البياع، ودائرة العقارات لا تمنح اراض لأنها ليس من صلاحيتها".
وتابع "كنا مشغولين بالانتخابات وكان الوضع الامني في البياع صعبا، فكان هناك 5 موظفين تابعوا المعاملة، وأعضاء المجلس طلبوا مني ان نمنحهم مكافأة، وكتبت لهم مكافأة بقرار المجلس، كل شخص 150 الف دينار، وهذا سياق موجود في المفوضية، ولدينا باب خاص لمكافأة غير العاملين".
وواصل "عندما اكتب تذهب الى رئيس الدائرة الانتخابية، وهو يحولها الى الرقابة، والرقابة تحولها الى المالية، والمالية توافق عليها وترجع مرة أخرى الى رئيس الادارية ليثبت بها أمر اداري، بعدها تدخل حيز التنفيذ. واذا لا توجد موافقات فلن تصرف لأنها ضمن اجراءات قانونية بحتة".
وأقر الحيدري بأن "القضية قضائية"، لكنه وصفها بأنها "تافهة" أيضا. وذكر أن "رئيس الوزراء اتصل بي يوم امس (أمس الأول) ليلا وقال: ليس لي علم بالموضوع". واستطرد "وردتني اتصالات من رئيس مجلس النواب وأعضاء مجلس النواب، وكثير من الاخوان من بغداد والاقليم، يتصلون بنا ويعلنون تضامنهم معنا وأسفهم".
وأعرب الحيدري عن قلقه من "اعادة فتح موضوع أغلق بهذا الشكل وهذا التوقيت، وتوقيف شخص بمثابة وزير، واعطاء الموضوع أكثر من حجمه". وختم "قد يكون هناك أناس معادون للدولة. هذا الذي يؤلمنا، أما نحن فلن نموت إذا بقينا هنا".
من جهتها، قالت حنان الفتلاوي، البرلمانية التي قادت استجواب الحيدري وفريق المفوضية في آيار وحزيران 2011، إن "القضية واضحة ولا أعتقد ان هناك مواطنا لم يشعر بحجم الفساد في المفوضية. أما التوقيت فيتحمله القضاء. عندما اكتمل التحقيق اثيرت القضية". وحمّلت المفوضية "مشكلة التسويف لأنها لم تتجاوب مع هيئة النزاهة التي خاطبتها بكتب رسمية".
وفي حديث مع "العالم" أمس، سردت الفتلاوي هذه التفاصيل "كل الملفات التي أثيرت في استجواب المفوضية تم احالتها بعد الاستجواب مع الوثائق المرفقة إلى هيئة النزاهة التي قامت بالتحقيق في كل القضايا، وسلمت بعضها للقضاء، وبعضها ما زال قيد التحقيق لديها". وأوضحت "هذه القضية التي اوقف عليها السيد الحيدري واحدة من 85 قضية اثيرت في الاستجواب، ومثبت في ضمن جلسات المجلس أن مكافأة تصرف لموظفي عقارات البياع كونهم سهلوا تسجيل أراض للسادة أعضاء مجلس المفوضين". وبيّنت "بموجب القانون لا تصرف أموال الدولة كمكافآت لأشخاص يقومون للمسؤول بقضايا خاصة".
وذكرت الفتلاوي أن "القضية قديمة، وصدر أمر التوقيف بحق السيد الحيدري لكونه رئيس المفوضية، والسيد التميمي لكونه المسؤول التنفيذي في المفوضية ومن وقع على صرف المكافأة، وقد ميز القرار من قبل القضاء، ولا يحق لي او غيري التدخل بعمله". وأكدت "اتابع الموضوع مع هيئة النزاهة، وأي اجراء تتخذه تعلمني به، ولدي المخاطبات التي تبين القضايا التي أحلتها".
أما المتحدث باسم ائتلاف العراقية حيدر الملا، فأكد ان توقيف الحيدري "فيه ابعاد سياسية، وهو رسالة واضحة لتأزيم وضع الاخوة الكرد، ورسالة واضحة ان المالكي يريد ان يقول انه فوق القانون، وان الاجهزة الامنية والسلطات القضائية اصبحت مسيسة وتخضع لارادة القائد العام للقوات المسلحة".
وتابع الملا في تصريحات لـ"العالم" أمس، "العملية السياسية اصبحت ضمن ارادة المالكي، والدليل أن الضمانة الوحيدة للعملية الديموقراطية وهي المفوضية المستقلة للانتخابات أوقف رئيسها رغم ارادة الشركاء ومجلس النواب الذي رفض التصويت على اعفاء المفوضية من مهامها".
وأبدى الملا اعتقاده بأن "اعتقال الحيدري رسالة للمفوضية وعقاب لها لأنكم لم تفوزوني بالقائمة رقم واحد، ولاسيما نحن على اعتاب انتخابات مجالس المحافظات، وهي رسالة لأي جهة تريد دخول الانتخابات، بأنكم إما أن تكونوا مع ارادة المالكي أو أنكم ستلاقون نفس المصير".
وشدد "المالكي بهذه المنهجية يضيق الخناق على نفسه ويدخلها ضمن عداد الساعات الاخيرة لبقائه رئيسا لمجلس الوزراء". داعيا "مجلس النواب الى اتخاذ موقف حاسم وواضح من القضاء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي يحاول افراغ المفوضية من محتواها".
ورأى شريف سليمان علي، النائب عن التحالف الكردستاني أن توقيف الحيدري "عملية استفزازية لا أكثر، هدفها الاثارة والتجاوز على الحقوق، لأن المفوضية مستقلة وتمتاز بالحصانة، ولا يمكن للجهات التنفيذية أن تقوم بهذا دون اي اجراءات، ودون علم القانون ومجلس النواب". وتابع في تصريحات لـ"العالم"، أمس، "هناك دافع الانتقاص من الآخر، وهناك أغراض سياسية. والاتهامات التي أكيلت لرئيس المفوضية لا نعرف مصدرها، ومجلس النواب منذ أشهر على عدم سحب ثقة من اعضاء المفوضية". وتساءل "اذا كانت هذه الاتهامات موجودة منذ زمن فلماذا لم تطرح في الاستجواب الذي كان شاملا وفتح جميع الملفات؟". وخلص سليمان الى أن "الحكومة تحاول الهيمنة على جميع السلطات، وهناك جهة داخلها تحاول الهيمنة على رأي الحكومة والهيئات المستقلة وغير المستقلة".
وردّت الفتلاوي، البرلمانية عن ائتلاف دولة القانون، على الملا وسليمان بقولها "القانون يطبق على الجميع، وليس هناك استثناء لشخص لكونه ينتمي الى فئة او حزب او كتلة".
وعند سؤالها عن تسييس توقيف الحيدري أجابت "أي محاسبة لأي فاسد ستنبري خلفه كتلة لتدافع عنه، وبالنتيجة لن يحاسب ما دامت الكتل تتدخل في القضاء". وشددت "يفترض أن يقف الجميع لمحاسبة الفاسدين لا أن نسمع أصواتا نشاز تطالب باغلاق الملف، والبعض يطالب باطلاق سراح وتحولوا الى قضاة، والبعض منهم ليس لديه تحصيل جامعي ويتحدث وكأنه قاضي تحقيق" من دون أن تحدد شخصا بعينه
https://telegram.me/buratha

