بعد شكاوى وملاحظات عديدة أوردتها لجنة النزاهة في مجلس النواب، على عمل هيئة النزاهة واتهامها بتأخير حسم ملفات الفساد المستشري في دوائر الدولة ، أعلن مجلس القضاء قرارا بسحب كامل الملفات التحقيقية من الهيئة المستقلة وإيداعها لدى السلطة القضائية،
كما أشار إلى مفاتحة وزارة الداخلية بتعيين مفرزة تتولى تنفيذ أوامر إلقاء القبض التي ستصدر عن محكمتي التحقيق والجنايات المختصتين بقضايا النزاهة.قرار القضاء الأعلى كان محل إشادة وإعجاب من قبل لجنة النزاهة البرلمانية، قالت إنها أجرأ خطوة اتخذتها السلطات القضائية على مدى السنوات الماضية، مشددة على أن من شأنها تفعيل الدعاوى المجمدة حاليا، وكشفت عن إمكانية حسم 25 ملفا خلال الفترة المقبلة.وفي غضون ذلك، استبعد خبراء في الشأن القانوني أن يفتح القرار الباب للتدخل الحكومي في ملفات الفساد، مشددين على أن عمل هيئة النزاهة إداري من حيث الأصل ولا يجوز لها القيام بإجراءات التقاضي والتحقيق.وسبق ان حمّلت لجنة النزاهة البرلمانية عبر مقررها خالد العلواني في مقابلة نشرتها المدى ، شباط الماضي، القضاء وهيئة النزاهة عدم حسمهما أكثر من 20 ملف فساد رفعت إليهما، وأكدت أن ملفات الفساد ما تزال تراوح في مكانها من دون صدور أي نتائج تذكر.وعقد رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود ، أمس الاثنين، اجتماعا مع رئيس الادعاء العام ورئيس استئناف بغداد الرصافة الاتحادية وقضاة وأعضاء الادعاء العام في محكمة الجنايات ومحكمة التحقيق المتخصصتين بالنظر في قضايا النزاهة، وبحضور رئيس هيئة النزاهة ومدير عام الشؤون القانونية ومدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة.وأفضى اللقاء حسب المتحدث باسم مجلس القضاء عبد الستار البيرقدار الى سحب الدعاوى التحقيقية كافة المتعلقة بنشاط هيئة النزاهة في بغداد من محققي هيئة النزاهة وإيداعها لدى قاضي التحقيق المختص بنظر دعاوى النزاهة.واوضح البيرقدار ان "القرار سمح للقاضي المختص بالاستعانة بالمحققين القضائيين أو محققي هيئة النزاهة أو محققي الشرطة بحسب تقديره أسوة بما يجري العمل عليه في مكاتب التحقيق القضائي".كما يهدف القرار وعلى ما يقول المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى "إلى التسريع بحسم القضايا بيسر من دون التفريط بحقوق الأطراف"، مبينا أن "المجتمعين قرروا أيضا مفاتحة وزارة الداخلية بتعيين مفرزة تتولى تنفيذ أوامر القبض والتبليغات الصادرة من محكمة التحقيق ومحكمة الجنايات المختصتين بالنظر في قضايا النزاهة".وذكر البيرقدار أن "المجتمعين قرروا أيضا إعطاء القضاة وأعضاء الادعاء العام القضايا المحالة من لجنة النزاهة في مجلس النواب الأولوية وإجراء متابعة يومية لحسمها"، مشيرا إلى أن "تلك القضايا عددها 15 قضية تمت إحالة اربع منها إلى محكمة الجنايات المتخصصة بقضايا النزاهة لاكتمال التحقيق فيها وأغلقت اثنتان منها وأحيلت أخريان إلى محاكم أخرى فيما أعيدت اثنتان إلى هيئة النزاهة لإكمال النواقص، فيما التحقيق متواصل في الخمس المتبقية".واعربت لجنة النزاهة في البرلمان عن اعجابها بقرار مجلس القضاء الاعلى، مرجحة ان تكون الفترة المقبلة لحسم العديد من قضايا الفساد وعلى رأسها الملفات الـ 25 التي تم ركنها جانبا في هيئة النزاهة.ويرى عضو اللجنة جواد الشهيلي القرار هو الاجرأ من سواه الذي اتخذه مجلس القضاء الاعلى على طوال السنوات الماضية التي تلت تشكيله، وقال "ان الهيئة المستقلة تتحمل مسؤولية تأخير الملفات، هناك قرار لمجلس قيادة الثورة المنحل لا يزال نافذا جرى تطبيقه مع هذا الإجراء من خلال الالتزام بالمدد الزمنية المحددة قانونا وبتجاوزها تجري احالة الملف الى القضاء".وتابع الشهيلي "كما ان تشكيل لجان مشتركة مع منتسبين في وزارة الداخلية للقبض على المتهمين هو الاخر جاء منصفا وفي محله"، مبينا ان "جميع ما اتخذ يوم امس يحسب للقضاء العراقي من خلال سعيه الى اعادة الحق لكل ذي حق وتكون نقطة انطلاق كي يكون هناك تحقيق حقيقي ونزيه في ملفات الفساد وفعال بعيدا عن الضغوطات السياسية التي كانت تتعرض لها الهيئة المستقلة".واكد عضو لجنة النزاهة "سيكون خلال الايام القليلة المقبلة حسم للعديد من قضايا الفساد لاسيما الملفات الـ 25 الخطيرة المركونة جانبا والتي من بينها العقود المشبوهة في وزارات الشباب والرياضة، الصحة، فضلا عن البلديات والاشغال العامة خلال الحكومة السابقة".يشار إلى أن التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2011، ضم ثلاثة بلدان عربية بين البلدان العشرة "الأكثر فساداً" في العالم وهي الصومال والعراق والسودان، في حين اعتبرت قطر والإمارات وعُمان الأقل فساداً بين الدول العربية، كما أظهر أن الصومال احتلت المركز الأول في الدول الأكثر فساداً تلته أفغانستان وميانمار ثم العراق والسودان وتركمانيا وأوزبكستان وتشاد وبوروندي وأنغولا.وردا على المخاوف من تسييس ملفات النزاهة حين يتم طرحها في مجلس القضاء، فضل الخبير القانوني طارق حرب عرض ملفات الفساد امام الجهات القضائية خيرا من ان ينظر فيها محقق عادي، واوضح "ان الحديث عن التأثير السياسي على هذه القضايا بعد القرار الاخير سيكون قليلا مقارنة بامكانية تعرض المحقق في النزاهة الى الضغوطات"، وشدد على ضرورة اعطاء الاولوية لملفات الفساد لاجل حسمها، وذكر "ان تعطلها امر وارد ولكن يجب تحويلها الى القضاء باعتباره الجهة ذات العلاقة الاولى".وعن السبب من وراء قرار القضاء الاعلى فقد عزاه حرب الى "التأخير في ملفات الفساد داخل هيئة النزاهة، وهو ما اثار امتعاض اللجنة البرلمانية المتخصصة، كما ان مجلس القضاء نأى بنفسه عن مشاكل قد تحدث بين الهيئة المستقلة ومجلس النواب وعمل على سحب الملفات الى الجهات القضائية".وتابع الخبير القانوني "ان دور هيئة النزاهة بعد هذا القرار سيكون اداريا فحسب وانها ستقوم بدور مساعد في تنفيذ قرارات القضاء".
https://telegram.me/buratha
