فيما يواجه الجرحى المصابون بأعيرة نارية ونتيجة التفجيرات، صعوبات كبيرة في الوصول الى المستشفيات بسبب الزحام الكبير في شوارع بغداد والذي يتسبب بوفاة العديد منهم في الطريق، خاصة عند استخدام السيارات الخاصة وليس سيارات الاسعاف، فان مشكلة اخرى تبرز مع وصول المصاب للمستشفى تزيد من معاناة ذويه وتتمثل بضرورة جلب "ورقة الشرطة"، حسب ما أوردت وكالة (أصوات العراق) أمس الاثنين.
كريم كان في صراع مع الزمن لايصال شقيقه جمال الى أقرب مستشفى وبأسرع وقت ممكن لمعالجته من جرح ينزف نتيجة إطلاقة نارية طائشة إخترقت كتفه الأيمن، بعد مشاجرة وقعت بالاسلحة الخفيفة بين عائلتين في منظقتهم شمال شرقي بغداد، كريم الذي وضع شقيقه في المقعد الخلفي لسيارته قام بكل ما يستطيع لإختراق الشارع المزدحم بالسيارات ونقاط التفتيش مستخدما كل المنبهات والأضوية لفسح المجال له، وهو يصرخ ويمد برأسه من نافذة السيارة مستغيثا "لدي شخص ينزف وعلي أن أصل الى المستشفى" في مشهد يتكرر في الشارع البغدادي، قبل أن يصل إلى مستشفى الكندي وسط العاصمة، ليفاجأ هناك بضرورة تأمين ورقة الشرطة وقنينتي دم.
وورقة الشرطة مطلب أساسي طبقا للوائح وتعليمات وزارتي الداخلية والصحة العراقيتين، وهي ورقة يكشف من خلالها سبب الحادثة ويعتمد عليها في التحقيقات التالية من قبل الأجهزة الأمنية، وتقول الوزارتان ان وجود الورقة ضرور لضمان حقوق المصاب.
كريم لم يجد أمام التعليمات سوى ترك شقيقه وهو في حالة غير مستقرة في المستشفى، ليتوجه في رحلة شاقة جديدة لاحضار ورقة الشرطة، بعدما أثبت إن المصاب شقيقه، حيث لم تفلح توسلاته وإستغاثاته بتأجيل الموضوع لوقت لاحق.
وتزدحم شوارع بغداد بالسيارات منذ عام 2003 وحتى الآن، بسبب إغلاق معظم الطرق الرئيسية والفرعية، وكثرة نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة، بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، فضلا عن الاستيراد العشوائي للسيارات، وبطء إجراءات شرطة المرور في تسقيط السيارات القديمة وتجديد لوحات التسجيل.
ويعلل الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة العراقية الدكتور زياد طارق، طلب ورقة الشرطة بانه "إجراء روتيني لضمان حق المصاب، فقد تكون الإصابة ذات طابع جنائي، ومعظم المصابين يأتون إلى المستشفيات فاقدي الوعي، وبالتالي هناك ضرورة لإبلاغ الشرطة"، مستدركا ان الوزارة "توجه دائما المستشفيات بإستقبال حالات الإصابات جراء حوادث الدهس أو الشجار وإجراء اللازم ومن ثم إبلاغ الشرطة".
ويقول طارق لوكالة (أصوات العراق) إن "الوزارة تهتم بحالة المريض وحقه، وهناك مرونة من قبل المستشفيات بهذا الشأن في أكثر الحالات، ولاسيما الخطرة منها، ويتم العلاج والاسعافات الأولية ومن ثم طلب ورقة الشرطة، فمن الضروري ذلك لضمان حق المريض وسرعة التحقيق".
ويضيف طارق، معلقا على مشكلة الازدحامات وتأخر وصول المصابين ما يؤدي الى فقدان حياة كثير منهم قبل الوصل الى المستشفيات، ان الوزارة "تنصح بالاتصال بالإسعاف الفوري في مثل هذه الحالات، فهو الأسرع في ايصال المريض للمستشفى، وأكثر ضمانا لحق المريض، حيث يسجل دخول المريض عبر سيارات الأسعاف، وبذلك تكون له ضمانة أكثر".
ويرى أستاذ الطب الباطني في الجامعة المستنصرية الدكتور رافد علاء الخزاعي، إن "الإهتمام بالإسعاف الفوري وتطوير كوادره، ونشره في الأماكن العامة والإستجابة السريعة للمصابين، واحترام السائقين لاعطاء أسبقية المرور لسيارات الإسعاف، يسهل وصول المصابين بالسرعة القصوى الى ردهات الطوارئ في المستشفيات، وبالتالي فرصة اكبر لانقاذ حياتهم".
ويقول إن "الدراسات أثبتت انه كلما كان إخلاء المصابين سريعا كلما كانت فرص النجاة وإنقاذ الحياة أكبر في ردهات الطوارئ، خصوصا وإن الأطباء يقومون بواجباتهم بالقدر الممكن وحسب توفر الوسائل العلاجية لإنقاذ المصاب بغض النظر عن تحقيق الشرطة لإنه ياخذ مجراه بشكل مستقل".
وأشار إلى أن "إنقاذ المصاب له أولوية أولى حسب قوانين وزارة الصحة العراقية والقوانين الدولية لحقوق الإنسان".
والإسعاف الفوري في العراق أو كما يسميه الخبراء (القلب النابض) لوزارة الصحة، تأسس العام 1975 وكان يتألف من 1200 سيارة إسعاف، ويدار من قبل دائرة العمليات والخدمات الطبية المتخصصة، ويقسم إلى 4 قواطع، كل قاطع مسؤول عن جزء من بغداد، ثم إلى عدة مراكز تغطي عموم مناطق العاصمة.
من جهته، أكدت وزارة الداخلية العراقية، إن "الإصابات الخطرة لا تحتاج إلى ورقة من الشرطة، وبإمكان ذوي المصاب أن يحضروا الورقة فيما بعد، أو الإستعانة بأي شرطي في المستشفى للقيام بإحضار الورقة".
وقال معاون مدير العلاقات والإعلام في الوزارة العقيد خالد فلاح، إن "ورقة الشرطة هي ضمانة لحقوق المصاب، ليتم بعدها إجراء تحقيق في الحادث لمعرفة أسباب الإصابة وفيما لو كان هناك طرف آخر في الموضوع قد يكون المتسبب بالإصابة بقصد أو غير قصد يفترض توقيفه سريعا للتحقيق معه"، مبينا أن الاجراء "لا يشمل من يتعرضون للإصابات جراء التفجيرات أو العمليات الإرهابية أو الأخطاء العسكرية".
وأضاف أن "أفراد الشرطة المتواجدين في المستشفيات لأغراض الحماية، بإمكانهم أن يثبتوا جميع المعلومات المطلوبة في الحالات الخطرة، وإحتجاز القائم بالحادث، لحين تماثل المصاب للشفاء، وبذلك يمكن اللجؤ إلى المستشفى مباشرة".
وأشار إلى أن وزارة الداخلية "تؤكد على ورقة الشرطة فقط لضمان حقوق المصاب المادية والمعنوية، كما أن هناك مراكز شرطة في العادة تكون قريبة من المستشفيات من حيث المسافة".
https://telegram.me/buratha

