اتفق الناطق باسم مجلس القضاء الاعلى مع خبير قانوني بجواز محاكمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي غيابيا، استنادا الى ان المتهم لم يسلم نفسه ولم يتم القبض عليه، فيما ذهب استاذ العلوم السياسية في جامعة السليمانية الى ان المناخ السياسي لم يمهل بغداد فرصة القبول بعرض نقل محاكمة الهاشمي الى اقليم كردستان.
وكان مجلس القضاء الأعلى اصدر في 19 من شهر كانون الأول الماضي 2011 مذكرة قبض بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ومنعه من السفر، كما عرضت وزارة الداخلية اعترافات لإفراد من حماية الهاشمي بتنفيذ سلسلة من العمليات المسلحة استهدفت عناصر أمنية وموظفين حكوميين وزوارا للعتبات المقدسة".
وطالب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، في كلمة متلفزة قبل ايام بنقل قضيته من بغداد الى كركوك وحسب المادة 55 من اصول المحاكمات، وتحويل القضية الى المحمكة الاتحادية حسب المادة 93 من الدستور، معترضا على عرض افادات المتهمين عبر وسائل الاعلام. وقد احيلت قضية الهاشمي الى محكمة الجنايات المركزية التي حددت يوم 3 ايار المقبل لمحاكمته، وستجري المحاكمة غيابيا في حالة عدم حضوره.
وبين الناطق باسم مجلس القضاء الاعلى القاضي عبد الستار البيرقدار، أن "المحاكمة الغيابية تجرى عندما يكون عنوان المتهم غير معروف، أو لم يتم القبض عليه، ولهذا يحاكم غيابيا وحتى وإن كان مكان الهاشمي معلوما لكن لم يلق القبض عليه".
وعن معلومية مكان الهاشمي بالنسبة لجهاز الضبط القضائي، وان إلقاء القبض عليه ممكن، قال البيرقدار في مقابلة مع "العالم" امس السبت" إن "هذا الأمر لا يقدره القاضي ومهمته هي إصدار أمر القبض على المتهم وعندما تمر مدة معينة دون استكمال الاجراءات يصار الى محاكمة المتهم غيابيا فالمحكمة لا تنتظر أحدا".
وعن امكانية وجود ضغوط سياسية وراء الاجراءات المتواترة لمحاكمة الهاشمي أوضح البيرقدار "اننا كقضاء بعيدين كل البعد عن السياسة، ولا نفكر بها، وللقاضي قانون محدد يسير عليه".
وتابع البيرقدار"لا سلطة لنا على الجهة التنفيذية التي لم تتمكن من تنفيذ امر القبض بحق الهاشمي، ولو اتضح تقصيرهم في عملهم او اذا قالوا ليس بوسعنا القبض عليه سنقاضيهم، وعدم تنفيذ قرارات القضاء موضوع اخر، وفي كثير من الاحيان يصدر القضاء احكاما ولا ينفذها الجهاز التنفيذي، ولدينا مئات اوامر القبض التي لم تنفذ، لذلك القضاء لا ينتظر احدا، ويسير بإجراءاته الاصولية".
ونفى البيرقدار "وجود حث يدفع الى الاستعجال في الاجراءات"، موضحا ان "لكل قضية ظروفها، فمنها ما يكتمل بأيام، واخرى تكتمل بسنين، ومتى ما اكتملت تبدأ المحاكمة، وفيما يخص موضوع الهاشمي فهناك 3 قضايا اكتملت من اصل 150 قضية، واحيلت الجرائم الثلاث بقضية واحدة، ولا اعلم ما هي طبيعة هذه الجرائم، فنحن لا نتدخل والهيئة المعنية هي من يعلم بجميع التفاصيل".
وكان النائب عن كتلة الاحرار النيابية جعفر الموسوي وصف محاكمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي غيابيا بـ"غير الصحيحة".
وقال الموسوي في تصريح لوكالة كل العراق امس "اعتقد، ومن وجهة نظري القانونية، ان محاكمة الهاشمي غيابيا غير صحيحة، لانه معلوم محل الاقامة".
واضاف النائب عن الاحرار ان "القانون ينص في حالة مجهولية محل اقامة المتهم فانه يحاكم غيابيا والهاشمي معلوم محل الاقامة، فبالتالي لا يجوز محاكمته غيابيا".
من جهته قال الخبير القانوني طارق حرب ان القانون حدد احوال اجراء المحاكمة الغيابية في امرين الاول ان الهارب لم يسلم نفسه، والامر الثاني انه لم يلق القبض عليه، وهذان الامران لم يتطرقا الى معلومية او مجهولية مكان الاقامة او السكن، وبالتالي فإن تحقق احد هذين الامرين يترك للمحكمة سلطة اجراء المحاكمة غيابيا لانه لم يسلم نفسه ولم يلق القبض عليه.
وتابع حرب في حديث لـ"العالم" امس "قرار محاكمة الهاشمي غيابيا لا غبار عليه، وسيتم الاعلان عن دعوة المتهم الهارب طارق الهاشمي في جريدتين رسميتين عراقيتين للحضور امام المحكمة في تاريخ الثالث من آيار المقبل، وفقا لاحكام قانون المحاكمات الجزائية لعام 1971".
الى ذلك قال استاذ العلوم السياسية في جامعة السليمانية الدكتور ريبوار كريم، ان "قضية الهاشمي تحتمل بعدين الاول سياسي صرف، والثاني قانوني ولكن في نفس الوقت وحسب ما سمعت من قضاة هنا في الاقليم ومن نواب في البرلمان كانوا قضاة قبل تسلمهم النيابة، ان بغداد كان بإمكانها القبول بنقل ملف الهاشمي الى الاقليم وفي هذه الحالة ستسير المحاكمة وفق الاصول، لكن المناخ السياسي لم يمهل بغداد فرصة القبول بهكذا امر رغم ان اجراء المحاكمة في كردستان امر طبيعي ومنسجم مع القانون العراقي.
وتابع كريم في حديث مع "العالم" امس "هناك شعور عام في الاقليم ان القضاء في بغداد اصبح جبهة متكاملة ضد السيد الهاشمي، وبذلك نرى ان كل ما يطلبه الهاشمي يرفض من قبل القضاء في بغداد".
وبشأن امتناع اقليم كردستان عن تسليم الهاشمي الى بغداد، أكد كريم أن "الرأي السائد داخل الاقليم ان الهاشمي لا يجوز تسليمه الى بغداد في الوقت الراهن، ويمكن معالجة هذا الامر عبر اتفاق سياسي بين الحكومتين المركزية وحكومة الاقليم لضمان محاكمة عادلة، ولكن في الوقت نفسه هناك ضغوط خارجية لا يمكن تجاوزها في ظل الصراع الاقليمي على العراق، ومن المعلوم لدى الجميع ان للسيد الهاشمي حظوة لدى الاصدقاء في تركيا، فضلا عن كونه يمتلك علاقات مهمة مع دول عربية".
https://telegram.me/buratha

