كشفت وزارة العدل أن السجون العراقية تحوي 32 معتقلا ليبيا، موزعين على سجون وزارة العدل بواقع 14 محكوما بينهم 4 محكومون بالإعدام، وسجون وزارة الداخلية بواقع 18 معتقلا محتجزين على ذمة قضايا إرهابية وجنائية.
وفيما أعلن مستشار لرئيس الوزراء نوري المالكي، استقبال وفدين ليبيين أولهما رسمي والآخر شعبي، وأكد أن طرابلس ستحضر قمة بغداد بأعلى المستويات الرسمية، شدد عدد من النواب العراقيين على أن إطلاق المعتقلين شأن يخص السلطة القضائية، وأن السياسة التي تعمل بها البلاد لا ترضى "المساومة على دماء العراقيين".
وتداولت بعض وسائل الإعلام العراقية، أن وفدا ليبيا وصل إلى بغداد، وفي نيته الالتقاء بعدد كبير من المسؤولين العراقيين، في محاولة منه لمعرفة مصير عدد من المعتقلين الليبيين، وبيان إمكانية توقيع اتفاقية تسليمهم أو تبادلهم بين العراق وليبيا.
وقال علي الموسوي، مستشار رئيس الوزراء، إن "المالكي استقبل أمس (أمس الأول الثلاثاء) وفدا ليبيا رسميا، كما استقبل اليوم (أمس الأربعاء) وفدا ليبيا شعبيا"، مبينا أن "الوفد الرسمي بحث معنا تنمية العلاقات وتطويرها، فأبدينا بدورنا استعدادنا لمساعدتهم في القضايا التي يملك العراق تجربة فيها".
وأضاف الموسوي، في حديث مع "العالم" أمس، إن "بغداد شرحت للوفد الشعبي الثاني موقفها، إذ أكدنا لهم أننا كنا ضحية تشويه في العالم العربي، أدت إلى إرسال الانتحاريين الذين أحدثوا بلبلة في بلدنا".
وبشأن إطلاق سراح الليبيين المعتقلين في العراق، تابع الموسوي أن "رئيس الوزراء أخبر الوفد الليبي أن هذه القضية قضائية، وهو يمثل السلطة التنفيذية، ولا سلطة له على القضاء، لكنه اتصل بوزير العدل كي يهيئ للأخوة الليبيين لقاء معه أو مع الجهة التي تشرح لهم قضايا المعتقلين"، موضحا أن "الوفد الليبي يقول إن عدد المعتقلين هو 18، ونحن في رئاسة الوزراء لا نملك إحصائية حول العدد بالضبط".
وبشأن التمثيل الليبي في القمة العربية، أشار مستشار المالكي إلى أن "الإخوة الليبيين أكدوا لنا أنهم سيحضرون بأعلى المستويات التمثيلية".
من جانبه، كشف المتحدث باسم وزارة العدل حيدر السعدي، أن "لدينا 14 محكوما ليبيا، 4 منهم محكومون بالإعدام، والباقي متهمون بقضايا المادة 409 من قانون العقوبات، وبعضها تجاوز على الحدود أو السرقة أو التزوير"، لافتا إلى أن "هناك في تسفيرات وزارة الداخلية 18 معتقلا ليبيا، غير الموجودين في سجون وزارتنا، معظم قضاياهم جنائية وإرهابية".
وذهب السعدي، في لقاء مع "العالم" أمس، إلى أن "وزير العدل حسن الشمري استقبل اليوم (أمس)، وفدا ليبيا طلب زيارة سجون العدل التي تأوي مواطنيهم، فوافق الوزير على ذلك، وأكد أن سجون الوزارة مفتوحة أمامهم في أي ساعة يشاؤون، علما أن السجون المقصودة هي سجون سوسة والناصرية والحماية القصوى".
ومضى المتحدث باسم وزارة العدل إلى القول، إن "الوفد الليبي طلب من وزير العدل عقد اتفاقية قضائية لتبادل المحكومين الموقوفين، يستثنى منها المحكومون بالإعدام والمتهمون بقضايا ارهابية، فأجاب الوزير بأن عليهم أن يفاتحوا رئاسة الوزراء والسلطة القضائية، من أجل عقد مثل هذه الاتفاقية".
وختم السعدي بالقول إن "الليبيين الأربعة المحكومين بالإعدام، لم تتم المصادقة على تنفيذ الأحكام بحقهم إلى الآن، ولو تمت المصادقة عليها من رئاسة الجمهورية، لكان تم تنفيذ حكم الاعدام بحقهم فورا".
أما آلا طالباني، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، فقالت لـ "العالم" أمس، إن لجنتها "ستجتمع في مجلس النواب غدا (اليوم الخميس)، لبحث مطالب المبعوث الليبي وملفات اخرى، وحينها سيتم اطلاع الاعلام على ما جرى داخل الاجتماع، وليس لدينا الان شيئا لنقوله".
لكن النائب أركان أرشد، العضو الآخر في لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، صرح بالقول "كلجنة علاقات خارجية، لم يصلنا شيء بخصوص المعتقلين الليبيين، وكل ما نعرفه قد اطلعنا عليه من بعض وسائل الاعلام، لكن هذه القضية متروكة الى السلطة القضائية بالتنسيق مع السلطة التنفيذية".
وأوضح أرشد، في تصريحات لـ "العالم" أمس "كسلطة تشريعية، نرفض إطلاق سراح المجرمين على حساب العراقيين، والسلطتان التنفيذية والقضائية ترفضانه أيضا، لذا يجب أن نكون صريحين، إذ أن المبدأ العام السائد في السلطات الثلاث هو عدم المساومة على دم العراقيين"، متابعا "اما اذا كان لدى المبعوث الليبي طلبات أخرى، فلا مانع من مناقشتها مع المسؤولين العراقيين، ونتمنى أن تكون طلبات مقنعة، فإن كانت ليست كذلك، فسيرفضها البرلمان".
من جانبه، أعرب عدنان السراج، النائب عن ائتلاف دولة القانون، عن قناعته بأن "السياسة العراقية وسياسة أي دولة، عندما تنفتح على دولة اخرى ولاسيما ليبيا التي تعيش حياة جديدة، لا بد من أن تبنى على اساس تطوير العلاقة بين البلدين، لا أن تبنى على قضايا تأخذ جانب مبادلة المعتقلين أو المجرمين، لأن هذه الطريقة سيئة، ولا يمكن أن تحدث، بل لا يمكن أن يتم التباحث فيها".
لكن السراج يعود ليستدرك، في حديثه مع "العالم" أمس، بالقول "أما من سُجن بشكل يمكن مراجعة ملفاته كإنسان بريء او عابر حدود او لا يملك اقامة، او سجن بجريمة سرقة خفيفة، فقضيته يمكن أن تعالج عبر توقيع اتفاقية تبادل مجرمين بين البلدين، أما الإرهابيون فلا يمكن لمسؤول عراقي أن يبت في شأنهم، مهما كانت صفته، لأن قضاياهم ضمن صلاحيات السلطة القضائية، وإذا صدرت بحقهم أحكام ما، فإنها جاءت بعد تحقيقات تم التثبت بعدها من ارتكابهم أعمالا إرهابية، وهذا هو موقف السلطات الثلاث جميعا".
وبشأن مساعدة ليبيا للنهوض بواقعها، رأى النائب عن كتلة رئيس الوزراء، أن "العراق مستعد للمساعدة في كثير من الجوانب، ولا يخفى ان العراق هو الدولة المضيفة للقمة العربية، وسيكون العضو الرئيس في السنة القادمة في كل المحافل السياسية، بحكم الواقع البروتوكولي للجامعة، لذا فالعراق على استعداد لتقديم المساعدة لكل البلدان التي تطلب مساعدته".
وتابع السراج "بإمكان العراق تقديم الكثير من المعونات لبلد مثل ليبيا، فالعراق يستطيع ان يفيدهم بمكافحة الارهاب وتدريب العناصر الامنية وقضايا اخرى تتعلق بتنظيم السياسة وتطبيق الديمقراطية والتعامل مع الميليشيات، فقد اكتسبنا كثيرا من الخبرة بسبب التجربة، لكن يجب أن تقدم لنا الطلبات في هذا الجانب".
وختم السراج بالقول "العراق بدأ يعود إلى أخذ موقعه العربي والاقليمي، بعد أن أصبح أفضل من كثير من البلدان العالمية والعربية في وضعه، وهذه الزيارات المتكررة للعراق عبارة عن اعتراف بموقع العراق واهميته، في رسم السياسات العربية والإقليمية
https://telegram.me/buratha

