قرار الحكومة استبعاد شركة اكسون موبيل من جولة التراخيص الرابعة المقررة في آيار المقبل، لاصرارها على المضي في تعاقدها مع اقليم كردستان، أثار مواقف متعددة أمس الأربعاء. فبينما ذكرت لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب، انها لا علم لها بهذا القرار، مؤكدة أن حل المشكلات النفطية بحاجة الى اشراك جميع المؤسسات والاقاليم والمحافظات المعنية، لم تستبعد ترتب عواقب وخيمة على القرار، في وقت ابدى التحالف الكردستاني رفضه للقرار ووصفه بأنه غير صائب، من دون ان يتردد في مهاجمة حسين الشهرستاني؛ نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الذي يصر منذ زمن على مقاطعة اي شركة نفطية تبرم عقودا في كردستان من دون العودة الى بغداد.
وفي حديث مع "العالم" أمس الأربعاء، قال فيصل عبد الله المتحدث باسم الشهرستاني، إن "شركة اكسون موبيل غير مؤهلة لخوض جولة التراخيص الرابعة لمخالفتها العقود باصرارها على العمل في اقليم كردستان".
وكان الشهرستاني نفسه اكد لتقرير العراق النفطي الذي نشرت "العالم" تفاصيل منه أمس الأول، ان اي شركة توقع عقودا مع كردستان لن يسمح لها بالقيام باعمال نفطية في الجنوب، وقال ان على اكسون الاختيار بين الشمال والجنوب.
وتعمل اكسون موبيل حاليا على تطوير حقل غرب القرنة 1 في البصرة.
وعما اذا كانت هناك خطوات اخرى تعقب قرار استبعاد الشركة الاميركية، وموقف الشركة نفسها من القرار بيّن عبد الله "لم نتلق ردا من الشركة الاميركية، ونحن في حالة انتظار". ودارت "حرب كلامية" مؤخرا بين حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، وروز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، بشأن تحذير الشهرستاني لاكسون موبيل وتوتال الفرنسية من العمل في كردستان، في اثناء افتتاح اول منصة تصدير عائمة على الخليج في وقت سابق من هذا الشهر.
ورأى شاويس ان على بغداد التخلي عن سياستها المتشددة حيال الشركات النفطية العاملة في كردستان، لانها تناقض سياسة الانفتاح الاقتصادي العامة، وتستعدي الشركات العالمية، ولا تشجع على الاستثمار في قطاعات اخرى في البلد، بحسب تقرير العراق النفطي.وكانت "توتال" أعلنت أنها تدرس استثمارات محتملة في كردستان، ولا تنوي المنافسة في جولة التراخيص النفطية الرابعة.
وبشأن ما اذا كان قرار استبعاد اكسون موبيل سيشمل توتال، اكتفى عبد الله بالقول "موقفنا واضح من جميع الشركات".
ويبدو ان لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب بعيدة عن تفاصيل هذه القصة، وما انتهت اليه من قرار. وفي تصريح لـ "العالم" أمس الأربعاء، قال بهاء هادي احمد عضو اللجنة النيابية إن "لجنتنا بعيدة عن كل تفاصيل وزارة النفط والسلطة التنفيذية.. لا يوجد تعامل مباشر معها وانما نسمع التطورات من الاعلام".
وتابع أحمد "أمس (امس الأول) كانت لدينا جلسة في اللجنة، واتخذنا قرارات بشأن التعامل مع وزارة النفط ودوائرها المختلفة لأننا بعيدين عن الصورة".
وعن موقفه من قرار الاستبعاد، أوضح النائب عن محافظة البصرة، مركز الصناعة النفطية في البلاد، أن "هذه المشكلات بين المركز والاقليم وشركات النفط تحتاج الى رؤية من جميع الجهات فهي اكبر من الوزارة ونائب رئيس الوزراء"، وأعقب "لاكسون موبيل اعمال في جنوب العراق، وتشارك في تطوير الحقول، وسبق ان شاركت في جولات التراخيص.. لا بد قبل البت من ان تحسب هذه الحسابات وتشرك جميع الجهات الرسمية من دون تهميش اقليم او محافظة".
وتضم البصرة نحو 59 في المئة من إجمالي احتياطيات العراق النفطية، متوزعة على حقول الرميلة الشمالية، والرميلة الجنوبية، ومجنون، وغرب القرنة، والزبير.
وبشأن ما تثيره مقاطعة شركات النفط الكبرى من مخاوف، أفاد أحمد بأن "كل شيء وارد.. تردد الشركات، وفقدان المصداقية في التعامل، وهذه كلها تنعكس سلبا على الشعب".
ووصف التحالف الكردستاني قرار استبعاد اكسون موبيل بأنه "غير صائب ومرفوض".
وأخبر مؤيد الطيب المتحدث باسم التحالف "العالم" في مكالمة هاتفية أمس، بأنه "اذا كان الاستبعاد لاسباب فنية او لاسباب تتعلق بموضوع العقود فهذا شيء.. أما اذا كان لتعاملها مع اقليم كردستان فهذا لن يصب بمصلحة العملية السياسية ولا دعوة العراق لمساهمة الشركات الكبرى في المشاريع الاستثمارية".
وعن مغزى القرار، قال إنه "اجتهاد لحسين الشهرستاني الذي يتمتع بعقلية مركزية وينظر الى المؤسسات وكأنها مؤسسات المجلس التشريعي والتنفيذي في زمن عراق صدام".
ووصف الطيب نائب رئيس الوزراء بأنه "لم يكن موفقا في ادارة ملف النفط والغاز عندما كان وزيرا"، وعزا اليه "السبب في الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم".
وسبق لخبراء ومطلعين ان اشادوا بسياسة الشهرستاني النفطية وادارته، واعتبروا تنظيمه لجولات التراخيص واستقدامه شركات النفط الكبرى، أفضل ما حققه البلد الذي يعتمد اقتصاده على النفط.
ويقول الشهرستاني ومسؤولون آخرون ان تعاقد شركات النفط العالمية مع كردستان يشكل خرقا للدستور.
وتنص المادة المادة 111 من الدستور العراقي لسنة 2005 على أن "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات"، كما تنص المادة 112 على "اولا: تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للاقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون. ثانيا: تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار".
ويعلق النائب عن لجنة النفط والطاقة هنا، بأن "الشركات الاجنبية لا علاقة لها بدستورنا وضوابطنا.. يجب ان يعرف كل واحد صلاحياته اولا ويتفاوضون بصورة موحدة امام الشركات، أما ان يقرر كل بمفرده فهذه ليست سياسة نفطية".
ويزيد الطيب على ذلك بقوله "ليس هناك اي مادة دستورية تحصر ادارة النفط بالحكومة الاتحادية.. الدستور فيدرالي يوزع السلطات بين الاتحاد والاقليم والثاني جزء من الاول.. ونحن متفقون بانه لا يجوز لاي اقليم ان يحتفظ بالموارد لنفسه.. وعائدات نفط كردستان تعود الى الميزانية الاتحادية".
وعما يمكن لكردستان ان تجنيه من عائدات تذهب الى خزينة الدولة، يفيد المتحدث باسم التحالف الكردستاني بأن الإقليم "يجني فوائد برفد موازنة الدولة الاتحادية، كما ان الاقليم اكثر كفاءة وقدرة لادارة الملف في كردستان، فوضعنا مستقر ولنا مؤسسات حكومية منذ 1992 تتمتع بتجربة وكفاءة تمكنها من التعاقد مع الشركات"، ويستدرك "اذا كان هناك اي خطأ في العقود فبامكان الحكومة الاتحادية ان تعلنه وتأخذ موقفا معارضه منه".
https://telegram.me/buratha

