أكدت وزارة النقل قرار العراق والاردن بتصفية شركة النقل البري المشتركة بين البلدين على خلفية الخسائر التي تكبدتها الشركة طيلة السنوات الماضية. وفيما عزت أسباب خسائرها المتتالية الى سوء الإدارة، ذكرت أنها تعمل وفق اتفاقية جديدة مع الأردن لتنظيم النقل والتجارة بينهما.
وفي الوقت الذي أشارت فيه شركة النقل البري التابعة لها الى سعيها لتفعيل عدد من الاتفاقيات المجمدة مع البلدان المجاورة، لفتت الى أنها مستعدة للاستجابة لأي طارئ خلال ساعات.
وفيما كشفت الشركة عن أن الناقل الوطني الذي يشمل القطاع العام والخاص يسهم بنقل 50 في المائة من البضائع القادمة للعراق عن طريق الموانئ السورية، أفصحت عن تحولها لشركة رابحة، ستقوم بتوزيع أرباحها على الموظفين.
ففي مقابلة مع "العالم" أكد وكيل وزارة النقل سلمان البهادلي أمس الثلاثاء، قرار "إلغاء شركة النقل البري المشتركة بين العراق والأردن وتصفيتها، بسبب خسائر متتالية تكبدتها الشركة على مدى سنوات"، موضحا أن "هناك قانونا لمجالس الشركات يقر بأن الخسارات المتتالية وفيما لو تعدت نسبتها 50 في المائة، فإن ذلك يعطي الحق لمجلس الشركة بحلها، وبناءً على دراسة كاملة للجدوى الاقتصادية المتعلقة بها، فقد عرض الموضوع على مجلس الوزراء الذي صادق على التوصية بحلها وتصفيتها، وبعد مفاتحة الجانب الأردني واقتناعه بالمقترح، تمت الموافقة على الحل". وحول ما إذا كان السبب هو تعدد وسائل النقل جوا وبحرا وبرا وعدم اقتصارها على المنافذ الأردنية خلافا للسابق، أوضح البهادلي أن "أسباب الخسائر التي تكبدتها الشركة خلال السنوات الماضية تعود الى سوء الإدارة من قبل القائمين عليها، ولا علاقة لها بأسباب أخرى"، لافتا الى أن "ذلك لا ينطبق على الشركة العراقية السورية التي تعمل بكفاءة جيدة حاليا". وقال وكيل وزارة النقل، إن "لدينا الكثير من الدراسات لتطوير وسائل النقل، الا أن الكثير من قدراتنا تحكمها الامكانات المحدودة والعائق الأمني الذي يتطلب وقتا للتخلص منه".
وفي سياق متصل، أكد وزير النقل الأردني علاء البطاينة أن "قرار التصفية أملته اعتبارات مالية بحتة للحفاظ على حقوق البلدين، بسبب تدهور الوضع المالي للشركة جراء خسائر متراكمة"، مشيرا الى أن "الشركة تكبدت خسائر متوالية بقيمة 6 ملايين دينار أردني (8.5 ملايين دولار) منذ العام 1999 إلى 2007. وحسب المسؤول الأردني، فإن "البلدين لم يحسما قرارات مصيرية تخص الشركة، ومنها تحديث الأسطول وضخ أموال في رأسمالها"، موضحا أن "ظروفا سياسية أجلت اتخاذ قرارات بهذا الشأن". وكان موقع وزارة النقل الأردنية على الإنترنت قد ذكر أن الجمعية العمومية للشركة برئاسة وزيري النقل في كلا البلدين، قررت بيع الموجودات المتبقية للشركة في الأردن، كالأراضي ووسائل النقل وقطع الغيار في المزادات. كما تقرر "نقل ملكية عقارات الشركة الموجودة في العراق إلى حكومته، والعقارات الموجودة في الأردن إلى حكومته، على أن يتم بيع أسهم الشركة تدريجيا حسب ظروف السوق المالي، وفق ما ذكرته وزارة النقل الأردنية".
وأشار الموقع الرسمي للنقل الأردنية الى انه "ترتب على الفشل في تشغيل أسطول الشركة المتوفر بسبب تهالكه تكبد الشركة خسائر شهرية بمئات آلاف الدنانير، أدت إلى التهام بعض موجودات الشركة، فكان قرار التصفية الذي اتخذته الجمعية العمومية منذ العام 2008 وعينت لجنة لتصفية الشركة".
يذكر أن شركة النقل البري العراقية الأردنية كانت قد تأسست برأسمال يناهز 50 مليون دولار في الأول من ايار 1980 تنفيذا لبنود اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين بغداد وعَمان، وتمتلك الشركة 137 شاحنة و287 نصف مقطورة.
وبشأن الخوف من تضرر الناقل الوطني جراء القرار، نفى مدير عام شركة النقل البري احدى تشكيلات وزارة النقل عباس عمران موسى، في حديث مع "العالم" أمس، أن "يكون هناك خلل أو ارتباك ما"، الا أنه استدرك قائلا إن "أسطولنا محدود جدا، لكن لدينا ائتلاف شركات مع النقل البري الخاص، لنقل أنواع الحمولات والمعدات الكهربائية والنفطية تصل حمولة بعضها الى 450 طن". وأشار موسى الى أن "الناقل الوطني الذي يشمل القطاع العام والخاص يقوم بدور مهم في مجال النقل والتجارة، ولدينا أفكار ودراسات علمية ستثمر في تحديث الأسطول البري للعراق، ونطمح الى تنشيط النقل مع معظم دول الجوار والمنطقة"، لافتا الى أن "50 في المائة من البضائع التجارية التي ترد العراق من الموانئ السورية، تأتي عن طريق الناقل الوطني".
وأضاف مدير شركة النقل البري الى أن "هناك اتفاقية حديثة مع الجانب الأردني لتنظيم النقل والتجارة، وأخرى مع سوريا لتسهيل مهمة التجارة، ومع ايران أيضا، اما تركيا فالنقل اليها محدود جدا"، مستدركا "توجد أكثر من اتفاقية مع دول أخرى في هذا الاطار غير أنها مجمدة، وتحتاج الى تفعيل مثل الاتفاقية مع الكويت"، منبها إلى أن "الاتفاقيات تتم بإشراف لجنة مشكلة من وزارات ومؤسسات معنية كالتجارة والصحة والكمارك فضلا عن النقل، ونحن بصدد تفعيل هذه الاتفاقيات وابرام اتفاقيات أخرى جديدة". وذكر موسى أن "الشركة تقوم بدور مهم من خلال تلبيتها لاحتياجات الحكومة واستجابتها لأي طارئ خلال ساعات، وهو ما قامت به الشركة عبر استنفارها لكل قوتها النقلية، وتوفيرها 525 شاحنة ساهمت في نقل زوار أربعينية الامام الحسين الأخيرة".
وتابع "شركتنا تحولت الى شركة رابحة، فبعد تجاوزها حقبة الاضطرابات والأزمات التي عمت العراق قبل العام 2009، فإنها انتظمت بشكل جيد خلال ذلك العام وما تلاه، ما أتاح لها فرصة الحصول على قدر أكبر من الربح، ونحن بانتظار ايجاد الية لتوزيع الارباح على الافراد وموظفي الشركة".
https://telegram.me/buratha

