على عكس البيانات التي تصدر بعد أي اجتماع تحضيري، تبدو تصريحات السياسيين العراقيين بشأن المؤتمر الوطني المرتقب الذي يضم الكتل السياسية الفاعلة في البلاد غير متفائلة، فطرفا الخلاف (دولة القانون والعراقية) ما يزالان غير متفقين على الهدف من عقد الاجتماع.
العراقية تقول انه يرمي الى ايجاد حل لقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتهم بقضايا ارهاب، ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك الذي تم عزله من رئيس الوزراء نوري المالكي، فيما يرى اتئلاف دولة القانون أن هدف الاجتماع الوطني هو اعادة النظر في اسس بناء الدولة العراقية، في وقت يعترف الطرف الكردي انه شريك في العملية السياسية وليس وسيطا في هذا المؤتمر، على العكس مما يراه "دولة القانون".
البرلمانية في القائمة العراقية وحدة الجميلي، تؤكد أن "اساس مشاكل العراقيين جاءت من مشاكل متبادلة بين بعض السياسيين"، موضحة أن "مشاكل العراقيين اختزلت كما يبدو، في 4 شخصيات أو 5، تمثلت بالطبقة السياسية التي تداولت على السلطة بعد الاحتلال ولغاية الان، فوجود المشاكل بين السياسيين وغياب التفاهم بينهم، ووجود نظرية المؤامرة وعدم الثقة هي التي تسيطر على الشارع العراقي، لهذا فإن حل مشاكل السياسيين يعد حلا لمشاكل العراقيين بصورة اوتوماتيكية".
واعربت الجميلي، في حديث مع "العالم" أمس الثلاثاء، عن اعتقادها بان "لا جدوى من عقد المؤتمر الوطني، وانه مضيعة للوقت، والتصريحات لا تعكس الواقع"، مبينة أن "كل الكتل السياسية متمسكة بمنهجها ومشروعها، واساسا لم يبق في عمر الحكومة إلا سنتان، واعتقد ان الحال سيبقى على ما هو عليه خلال هذه المدة". واتهمت الجميلي السياسيين العراقيين بانهم "تغافلوا عن التغييرات الكبيرة الحاصلة في الدول المحيطة بهم، او ما نتج عن الربيع العربي وصعود التيارات الاسلامية المتشددة التي تشكل خطرا كبيرا على العراق، فالسياسيون العراقيون يضيعون الوقت وينتظرون حلا (مسلفنا) يأتيهم من الخارج، لحل مشاكلهم".
وبشأن اللقاء التحضيري الاخير للاجتماع الوطني، قالت عضو القائمة العراقية "حتى اجتماع الاثنين، كان هناك اختلاف على مبادرة رئيس الاقليم مسعود بارزاني حول الاجتماع الوطني. الاخوة في دولة القانون لديهم برنامج يسمونه استكمال مشروع بناء الدولة بعد الانسحاب الاميركي، ولا يوجد لديهم شيء اسمه الاجتماع الوطني، نحن في العراقية لدينا توجه يسير الى جهة اليمين، وللتحالف الوطني اتجاه معاكس مختلف، والكردستاني مع توجه العراقية".
وبشأن فصل قضيتي الهاشمي والمطلك عن الاجتماع الوطني، كما تطالب أغلب الشخصيات السياسية، بداعي أن هذا الفصل يمكن أن يؤدي الى تخفيف وطأة التشنجات داخل الكتل السياسية ويكفل إنجاح المؤتمر، ذهبت الجميلي إلى أن "اساس فكرة المؤتمر الوطني هو قضيتي المطلك والهاشمي، أما القضايا الاخرى مثل مشاكل السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية فلا تحل باجتماع او كبسة زر، هو مجرد لقاء سيستمر عدة ساعات لحل مشكلتي المطلك والهاشمي".
وكانت اللجنة التحضيرية عقدت مساء الأحد الماضي اجتماعا بحضور ممثلي القائمة العراقية والتحالف الوطني والتحالف الكردستاني، كما عقدت في 15 شباط الحالي اجتماعا في مبنى البرلمان برئاسة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي.
من جهته، يؤكد النائب عن دولة القانون عزت الشابندر، ان "الفرق بين دولة القانون وبقية الاطراف في نظرتها الى هدف المؤتمر الوطني هي الشروط". واضاف الشابندر في حديث مع "العالم" أمس، ان "الجانب الكردي يتخيل أنه وسيط في هذا المؤتمر والحقيقة انه شريك، كما ان القائمة العراقية تتخيل ان المؤتمر لحل المشكلات العالقة واحيانا المفتعلة من قبلها، اما جانب التحالف الوطني فإنه يعمل من اجل مؤتمر اعادة نظر في اسس بناء الدولة العراقية، وما افرزته من فراغات وخلل، ونحاول ان نعالج هذا ونضع بناءات سليمة تضمن شراكة متناهية الشفافية".
واشار الشابندر الى ان "كل طرف يجب ان يعرف حقوقه وواجباته، وهذا هو الهدف الاساس من المؤتمر، اما اذا كان هناك من يريد ان يكون هذا المؤتمر حلا للمشاكل فهذا لن يساهم في انجاحه على الاطلاق".
وتابع النائب عن دولة القانون ان "التحالف الوطني جاد في ان يسحب الاطراف الاخرى الاساسية في العملية السياسية، وتحديدا العراقية والتحالف الكردستاني، الى ان يتحد فهمهم لهذا المؤتمر ورسالته".
وكان رئيسا الجمهورية جلال طالباني والبرلمان أسامة النجيفي، اتفقا خلال اجتماع عقد في السليمانية، في 27 كانون الأول الماضي على عقد مؤتمر وطني عام لجميع القوى السياسية، لمعالجة القضايا المتعلقة بإدارة الحكم والدولة، ووضع الحلول الأزمة لها، فيما رفض التحالف الوطني عقد المؤتمر في كردستان، مشددا على ضرورة عقده ببغداد، ودعا إلى دعمه وإبعاد قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي عن التسييس.
لكن النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان، قال ان "الجانب الكردستاني شريك لديه مطالب وليس وسيطا، باستثناء رئيس الجمهورية باعتباره حاميا للدستور، فهو من يوفق بين الاطراف المختلفة".
واضاف عثمان في حديث مع "العالم" أمس، ان "المهم هو الخروج بنتائج توصلنا الى الحل، لكن الثقة معدومة بين مختلف الاطراف، ومع ذلك نأمل ان يكون يعقب الاتفاق تنفيذ ما تم التوصل اليه".
وبشأن خروج المؤتمر بنتائج ووضع النقاط على الحروف، وهل ان الكتل السياسية ومنها الكردية قادرة على تنفيذ ما يخرج به المؤتمر، أوضح عثمان أن "لكل طرف مصالح ومطالب، نحن نطالب باستحقاقات اربيل التي يعتقد الاكراد انها لم تتحقق بالكامل حتى الآن، ولا استطيع ضمان أي كتلة، حتى الكردستانية لا استطيع ضمانها 100 في المئة، لكن مشاكل الأكراد بشكل عام اقل، لأن الخلافات الاساسية هي بين دولة القانون والعراقية".
https://telegram.me/buratha

