راى نائب رئيس الوزراء روش شاويس ان على بغداد التخلي عن سياستها المتشددة حيال الشركات النفطية العاملة في كردستان لانها تناقض سياسة الانفتاح الاقتصادي العامة وتستعدي الشركات العالمية ولا تشجع على الاستثمار في قطاعات اخرى في البلد، حسب ما نقل تقرير العراق النفطي.
وقال التقرير ان شاويس وهو عضو بارز في الحكومة العراقية اضاف صوتا مناصرا للاكراد في السجال العام المشوب بالاستقطاب بشأن حقوق الاقليم النفطية، بانتقاده اعضاء كبار اخرين في ادارة المالكي على موقفهم المتشدد حيال صفقات كردستان المثيرة للجدل مع شركة اكسون موبيل.
نائب رئيس الوزراء العراقي روش شاويس، وهو اكبر مسؤول كردي في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، دعا الى عملية مفتوحة لحل الجدل بشان عقود حكومة اقليم كردستان النفطية ـ بخاصة صفقتها التي ابرمتها في تشرين الاول مع شركة اكسون موبيل ـ التي وقّعت رغما عن اعتراضات بغداد.
وقال شاويس في بيان صدر عن مكتبه وارسل الى وسائل الاعلام من خلال المكتب الصحفي لوزارة الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان، ان "السبيل الامثل لحل مثل هذه المشكلة هو من خلال تبادل الحوار والاتصالات".
وأوضح التقرير ان مقاربة كهذه من شانها ان تقف على النقيض من السياسة المتشددة التي يتبعها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني. ففي لقاء مع تقرير العراق النفطي مؤخرا، اكد الشهرستاني مرة اخرى ان اي شركة توقع عقودا مع كردستان لن يسمح لها بالقيام باعمال نفطية في الجنوب، وقال ان على اكسون الاختيار بين الشمال والجنوب.
من جهته علّق شاويس ان "مثل هكذا تصريحات، ولاسيما المتعلقة بتهديدات موجهة الى شركات استثمارية عالمية مشهورة، تحذرها من العمل في كردستان، ستجعل هذه الشركات في تردد، وتؤدي بها الى تجنب العمل في مناطق من العراق".
وراى التقرير ان هذا الكلام يكاد يكون غير مسبوق من سياسي كردي، الا ان انتقاد شاويس العلني لزميله نائب رئيس الوزراء يبرز الانقاسامات داخل حكومة المالكي، والمأزق الذي يواجهه رئيس الوزراء في مسعاه لتحقيق التوازن بين الاطراف المتنافسة في ادارته.
اذ بهدف الحصول على ولاية ثانية، قدم المالكي وعودا عدة للقادة الاكراد خلال المفاوضات على تشكيل حكومته العام 2010. وفي خطوة اولية لتحقيق احد وعوده، وهو حل النزاعات النفطية بين بغداد وحكومة اقليم كردستان، اتفق المالكي مع رئيس وزراء كردستان حينها برهم صالح في كانون الثاني 2011 على استئناف الصادرات النفطية الكردية عبر خط نقل الصادرات النفطية الجنوبي، الذي تسيطر عليه بغداد.
وراى التقرير ان هذا التطور ابرز نفوذ كردستان السياسي، وبيّن استعداد المالكي لتولي السياسة النفطية بيديه. كما انه يدعم تفاؤل الشركات النفطية بشأن كردستان؛ ففي الصيف الماضي، انضمت شركة هيس النفطية الاميركية وشركة ريبسول الاسبانية الى صف الشركات التي تنفذ اعمالا في الشمال.
وفي 18 من تشرين الاول 2011، شكلت عقود شركة اكسون مع كردستان حدثا انفجاريا. فعلى الرغم من التقدم المتحقق في انابيب التصدير، ما زالت بغداد تعد كل الصفقات النفطية في نطاق مسؤولية الحكومة المركزية، واكدت انتهاجها سياسة القائمة السوداء ضد اي شركة وقعت عقودا مع كردستان. وسبق لاكسون ان وقعت عقدا ضخما يمتد على عقود لتطوير حقل غرب القرنة 1 في محافظة البصرة، لذا فان خطوتها في كردستان اجبرت بغداد فعلا على الاختيار بين كسر شروط قائمتها السوداء او طرد اكسون خارجا.
وتلتزم بغداد حاليا بقائمتها السوداء، وقد بعثت برسائل كثيرة الى المسؤولين في اكسون داخل العراق وخارجه، مفادها ان الشركة سوف تخسر عقدها في القرنة، وتستبعد من الدخول في جولة المناقصات المقبلة على التنقيب في الجنوب، اذا لم تقدم على تجميد او الغاء صفقاتها مع كردستان.
من جانب آخر، يتعمد شاويس عدم التعليق على هذه الانذارات. ففي بيانه الذي اصدره الاربعاء الماضي، اشار الى ان اجراء مصالحة تعاونية من شانه ان يخدم "تنمية كل القطاعات، من بينها الصناعة وانتاج النفط، التي تأتي ايضا من خلال اعتماد الشركات العالمية ذات التجربة والسمعة الطيبة في هذا المجال، التي سيستفيد منها كل الشعب العراقي".
ويقول التقرير ان من المرجح ان اي حل طويل امد لهذا النزاع يكمن في التشريع الذي طال تاجيل اقراره. فمن دون وجود قانون نفط حديث، فان كل من بغداد واربيل تفسر القوانين القائمة حاليا والاحكام الدستورية، بما يدعم مواقف كل طرف بشان السياسة النفطية، فيما دعا شاويس إلى "الاسراع في المصادقة على قانون النفط والغاز تمشيا مع نص عليه الدستور".
السفارة الاميركية من جانبها، تتخذ نهج القاء الكرة على الاخر. فعندما طلبت الشركات منهم توجيهات، حذر ديبلوماسيون اميركيون من المخاطر المتصلة بالاستثمار، وسط هكذا غموض قانوني وتقلقل سياسي.
السفير الاميركي جيمس جيفري، قال ان "على الشركات ان تدرك المخاطر عندما تتخذ قراراتها بالمضي في هذا المجال"، واضاف ان "لديها معاييرها الخاصة في اتخاذ القرارات، وهي تتخذ قراراتها بنفسها، ولديها القدرة على ادارة حواراتها الخاصة بها، اذا صح التعبير، مع الاطراف الحكومية المعنية".
وأشار التقرير إلى أن حكومة كردستان وجدت، منذ إبرام صفقاتها الاولى قبل نحو عقد من الزمان، مليارات براميل النفط في مناطق كانت في السابق محرومة من الاستثمار من جانب نظام صدام والحكومات العراقية اللاحقة. وجرى التقرير بارسال 175 الف برميل من النفط يوميا كصادرات نفطية في خط النقل الذي تملكه بغداد الى تركيا، وانتاج ما يزيد على 100 الف برميل يوميا الى المصافي المحلية.
وبين التقرير ان الفرص تبدو كبيرة، والمساحة المتاحة تتقلص تدريجيا، ولاسيما بعد الخطوات الكبيرة كالتي اقدمت عليها اكسون. كما ان شركات عدة، سواء تلك الداخلة اصلا في الاستثمار جنوب العراق، او اخرى تجري الان محادثات عالية المستوى مع حكومة اقليم كردستان.
وقد حذر الشهرستاني من ان اي شركة توقع صفقات جديدة مع كردستان ستواجه المصير نفسه الذي تواجهه شركات اخرى قبلها، الا ان شاويس يجادل ان العراق ينبغي ان يكون حريصا على عدم استعداء الشركات الاجنبية.
وذهب المسؤول الكردي غلى ان "هذا سيعكس صورة سلبية لدى المستثمرين في مجالات مختلفة"، ماضيا إلى القول إن "هذا يناقض سياسة البلد العامة في الانفتاح الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار في قطاعات مختلفة والنهوض بالخدمات الاجتماعية والاقتصادية المقدمة للشعب العراقي، الذي عانى سنوات من هزال وانغلاق السياسات الاقتصادية المركزية".
وعلق التقرير بأن الحكومة الأميركية فضلا عن كثير من المستثمرين، يرون أن العراق تمكن من احراز تقدم في الاعمال التجارية المريحة، وهذا من شأنه أن يساعد في تشريع قانون يبعد صناعة القرار في مجال السياسة النفطية، من دائرة السياسة المتقلبة، إذ قال السفير الاميركي جيمس جيفري ان "الاساس القانوني بين الحكومة المركزية والشمال، ما زال موضع نزاع حتى يحين وقت اقرار قانون النفط والغاز".
https://telegram.me/buratha

