وافق البنك المركزي العراقي على إزالة قيود كانت تعيق حركة "المصارف الخاصة" داخل السوق المحلية، معلنا رفع الغموض عن بعض مواد قانون المصارف العراقية للعام 2004.
وفيما أكدت رابطة المصارف الأهلية توصل اللجنة المشكلة من البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية والمصارف الأهلية، الى ايضاح بعض الفقرات الغامضة في القانون المذكور، طالبت بإيجاد تشريعات تنظم عمل "المصارف الاسلامية".
وفي الوقت الذي لفتت الى نية الحكومة بفتح فروع لمزاولة الصيرفة الاسلامية، أشارت الى إصدارها "الصكوك الألكترونية" خلال 24 ساعة فقط، مؤكدة وضعها عددا من "مكائن الصرف الآلي" في بعض الأماكن العامة.
وكانت عدد من المصارف العراقية الاهلية، قد طالبت بتعديل "قانون المصارف العراقية" لعدم وضوح بعض مواده، فضلا عن الملابسات التي يثيرها ولاسيما المادة الثامنة والعشرين منه.
وفيما أكد خبراء افتقار القانون الى تضمين مقررات تخص عمل المصارف التنموية والاستثمارية اضافة الى الاسلامية، نبهوا الى أن المصارف الخاصة لن تزدهر الا في ظل قطاع خاص اقتصادي نشيط.
وفي مقابلة مع "العالم"، ذكر نائب محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور مظهر محمد صالح امس الاربعاء، أنه "كان هناك غموض في تفسير المادة 28 من قانون المصارف، اما الان فبإمكان تلك المصارف التمتع بحقها في شراء سندات لتمويل مشاريع صناعية وزراعية ومالية، ضمن حصة استثماراتهم التي تبلغ 20 في المائة من رأس المال، على اعتبار أن لهذه المصارف رؤوس أموال ضخمة ستبلغ العام المقبل 250 مليار دينار".
وأضاف صالح أن "قانون المصارف ينطبق على جميع البنوك من دون تمييز، وبغض النظر عن كونها أهلية أو حكومية، رغم أن المصارف الخاصة تتمتع بعدد من الخصوصيات والتعقيدات في عملها"، لافتا الى أن القانون "لا يمنع نظيراتها الحكومية من التعاون معها وممارسة شراكة معها، شرط الالتزام باللوائح والمقررات والقوانين المتعلقة بهذا الشأن".
وينتقد مختصون قانون المصارف العراقية الذي سن العام 2004 من قبل سلطة الحاكم المدني بول بريمر بسبب احتوائه على كثير من النقوص، فيما يهتم البنك المركزي العراقي بالحفاظ على استقرار الأسعار، وتنفيذ السياسة النقدية بما فيها سياسات أسعار الصرف، وإدارة الاحتياطات من العملة الأجنبية، وإصدار وإدارة العملة، إضافة إلى تنظيم القطاع المصرفي.
من جهته، أوضح عبد العزيز الحسون مدير رابطة المصارف الاهلية، في حديثه مع "العالم"، أمس، أن "المادة 28 من قانون المصارف كانت بحاجة الى تفسير يتلاءم مع الأنشطة التي يحق للمصارف الخاصة مزاولتها"، موضحا أن "المادة القانونية تتعلق بتحديد الأنشطة المحظور على المصارف مزاولتها، حيث شملت أيضا عددا من المجالات الاستثمارية التي تعد في صميم عملها، مثل شراء أسهم في شركات معينة، أو تأسيس شركات تأمين، وما الى ذلك من النشاطات الأخرى".
وبين الحسون أن "للمصارف رؤوس أموال كبيرة، وتريد أن تعمل، والتأمين أقرب مهنة للصيرفة، وهذا ديدن كل المصارف في معظم دول العالم، اذ تعد المجال الأول بالنسبة لها"، مشيرا الى أن "الذي أربك عملنا قرار صدر عن البنك المركزي قبل عامين يقضي بالتخلص من جميع تلك الأنشطة، وذلك يعني الإضرار بالسوق المحلية".
ولفت الحسون الى أن "هذا الأمر دعانا الى تشكيل لجنة مكونة من هيئة الأوراق المالية والبنك المركزي العراقي والمصارف الأهلية، والتي قدمت مقترحا بتعديل تفسير تلك المادة، وهو ما استجاب له البنك المركزي، الامر الذي أطلق للمصارف الان حرية مزاولة أعمالها بشكل أفضل".
وتنص المادة 28 من قانون المصارف أنه لا يجوز لأي مصرف من القطاع الخاص أن يمارس أو يشارك كوكيل أو شريك أو مالك، تجارة بالجملة أو المفرد أو عمليات تصنيع أو نقل أو زراعة أو مصايد اسماك أو تعدين أو بناء أو إعادة تامين أو أي نشاط أو عمل آخر غير المرخص بها. وأضاف مدير رابطة المصارف الاهلية، إن "القانون المذكور لم يتطرق الى المصارف الاسلامية، فلا وجود لنص ينظم عملها، باعتبار أن أنشطتها تختلف عن المصارف التقليدية فهي ليست تجارية بل استثمارية تختلف عن المصارف الخاصة، الامر الذي يقضي بضرورة ايجاد تشريع خاص بها"، لافتا الى أن "عددها الان في العراق بلغ 10 مصارف، وتوجد نية لدى الحكومة العراقية بفتح فروع أو أقسام داخل مصارفها تختص بمزاولة الصيرفة الاسلامية، ولكن ذلك بحاجة الى تشريع".
وأشار الحسون الى أن "المصارف الخاصة اليوم قد تعززت كياناتها المالية وهي الان تعمل وفق المعايير الدولية الحديثة، وترتبط مع بعضها بشبكات أعمال في مختلف المحافظات، بحيث لو أودعت اموالا في محافظة ما، فإنه يمكنك سحبها من محافظة أخرى بكل سلاسة، وعملها يتطور يوما بعد آخر"، منوها بأنها تمكنت من إصدار صكوك ألكترونية خلال 24 ساعة بعد أن كانت تصدر في 7 أيام، عن طريق ما يعرف بالمقاصة الالكترونية، بحيث يتصل مصرف بآخر ويحول له المبلغ المراد تسليمه".
وقال الحسون إن "المصارف تسعى الى تطوير اليات العمل المصرفي، من بينها وضع مكائن للصرف الآلي في عدد محدود جدا من الأماكن العامة كبعض المطارات والفنادق والمطاعم، وبامكانها الانتشار أكثر لكن الظرف الحالي لا يسمح لأسباب أمنية وثقافية تتعلق بسلوك بعض الأفراد".بدوره، أكد الخبير المالي ماجد الصوري، في حديث مع "العالم"، أمس، أن "قانون المصارف يفتقر الى تضمين فقرات تخص عمل المصارف الاستثمارية والتنموية فضلا عن الاسلامية، وهو لم يتطرق الا الى عمل المصارف التجارية".
وطالب الصوري "الحكومة بالنظر الى المصارف الخاصة والحكومية بمستوى واحد، باعتبار ان اي اجراء يفرق في التعامل بينها مرفوض حتما"، مبينا أن "المصارف الخاصة تتأثر بمستوى النشاط الاقتصادي الخاص، بحيث لو كان عمل القطاع الخاص متناميا، لكان عمل هذه المصارف متناميا أيضا، وبما أن نشاط الأول ضعيف فإن ذلك سينعكس سلبا على أداء المصارف الاهلية، ومن هنا جاءت المطالبة بضرورة معاملتها من قبل الحكومة بالتساوي مع المصارف الحكومية".
https://telegram.me/buratha

