قال صاحب صهريج يبيع الوقود لاصحاب المولدات الاهلية بسعر السوق السوداء، انه يحصل على الكاز بشكل اساسي من "الكميات المسروقة" من محطات الوقود، وبشكل ثانوي عبر استيراد نوعية رديئة من مصانع صغيرة في كردستان، قائلا ان الموظفين الحكوميين "يتفننون" في كيفية تهريب كميات كبيرة الى السوق السوداء.
وتستورد الحكومة وقودا بمليارات الدولارات وتبيعه بسعر مدعوم، لكن كل اصحاب مولدات الكهرباء تقريبا، يشترون الوقود بسعر السوق السوداء (نحو ضعف سعر الحكومة)، دون وجود جهات واضحة اخرى للاستيراد.
ويقول عدنان حسن صاحب الصهريج وهو ملقب بابن الحجية في حديث لـ "العالم" امس الاحد، ان طرق تهريب الوقود من كميات الحكومة الى السوق السوداء كثيرة جدا مثل "سرقة صهريج كامل، او بيع فواتير ووصول استلام، الى جانب التلاعب بالعدادات وسرقة 20 لترا من كل برميل".
وعن مصادر تزويده بالوقود لبيعه في السوق السوداء، يقول ان "اهم ما يميز هذه المهنة واحد اهم شروطها هو العمل بصمت كامل، فليس من حق المتعاملين معي معرفة مصدر تزويدي بالوقود، وليس من حق الذي يجهزني معرفة الجهة التي ابيع لها".
ويتحدث ابن الحجية بشيء من التفصيل عن مصادره قائلا "هناك عدة منافذ للحصول على المشتقات، منها المستودعات النفطية والمحطات، فموظفوها لديهم طرق خاصة تمكنهم من اقتطاع جزء معين من الكاز مثلا لبيعه لنا باسعار تفوق السعر الرسمي بعدة اضعاف".
ويلفت الى ان "صاحب المحطة ملزم بالبيع بسعر موحد للتر سواء للكاز او البنزين او النفط الابيض وهنا تكون ارباحه قليلة جدا وقد لا تتجاوز الربع مليون دينار عن كل صهريج بسعة 36 الف لتر، لكن اذا تعامل بالسر فقد يحقق ارباحا تصل لاكثر من مليون دينار".
ويضيف "كما اننا نقوم بشراء الوقود من القطاع التجاري وتحديدا من مناطق اقليم كردستان التي يوجد فيها معامل تكرير صغيرة، يتم نقله الى بغداد باسعار تجارية ويتم توزيعها على الوسطاء التي تبيعها على الدوائر والشركات الخاصة واصحاب المولدات الكبيرة".
لكن يقول ان "هذا النوع من الوقود يكون قليل الجودة كونه لم يخضع للمواصفات، وايضا كلما صغرت معامل التكرير كلما قلت جودت منتجاته والعكس صحيح".
وعن حيل وطرق تلاعب المجهزين الكبار، يقول ابن الحجية ان "العملية قد تبدأ من استلام المنتوج، فيتمكن صاحب محطة من عقد اتفاقات مع المراقبين، وحينها يقوم ببيع كامل الصهريج عند استلامه من المستودعات الرئيسية، بل يصل الامر بان يبيع وصل الاستلام لشخص اخر".
ويردف "الطريقة الاخرى، في حال اخفق في عقد هكذا اتفاقية، هي اما التلاعب بالعدادات او الكميات المجهز، فمثلا يحتسب البرميل 200 لترا بينما كان يجب ان يملء بـ 220 لترا"، ويضيف "هنا تجمع الفروقات لتصبح كمية جيدة وهكذا يبيعونها لاصحاب التناكر الصغيرة".
وعن حصص المحطات، يوضح عدنان حسن ان "هذا الامر مرتبط بما متوفر من منتوج، فاذا توفر منتوج معين فمن حق صاحب المحطة التجهيز مرة كل يومين بكمية 36 الف لتر، لكن في اوقات الشحة قد يمر اسبوع او اكثر ليحصل على تجهيز واحد".
وحول اسعار المشتقات النفطية لا سيما الكاز والبنزين في السوق السوداء ، فيشير الى ان "سعر اللتر الواحد لمادة الكاز لا تتجاوز الـ 600 دينار في اوقات الوفرة، وقد يرتفع في الصيف الى 1000 دينار وربما اكثر في لانها اوقات ازمات حادة"، ويضيف "لكن التعامل يكون مختلفا مع مجهزي الشركات خوفا من فقدان المجهز لعقده الذي يكون عادة بآلالاف الدولارات شهريا، هنا علينا ان نكون مرنين معهم ولا نطلب منهم اسعارا عالية".
اما بالنسبة لمادة البنزين، فيقول ابن الحجية ان "العمل به مختلف ومحصور ضمن نطاق ضيق ويتعامل به صغار البحارة فتراهم يقومون بتحوير تانكيات سياراتهم الصغيرة التي تتسع مثلا لـ100 لتر فيوسعونها للضعف ويقفون في طوابير المحطات خلال الازمات، وقد يرتفع سعر البنزين الى 1000 دينار في ايام الصيف".
وقال عدنان ان الطلب المتزايد على الوقود "غير حياة" الكثيرين من زملائه ودفعهم لاستبدال عربات تجرها الحيوانات بصهاريج بسبب الارباح التي تدرها على اصحابها. وعن مهنته هذه يقول عدنان "فكرت عام 2003 بتحوير العربة التي يجرها حصان من عربة حمل للبضائع والمواد الانشائية الى صهريج صغير يتسع لـ1500 لتر"، لافتا "اني كنت احمل بعربتي كافة المشتقات من نفط ابيض ثم تحولت للبنزين ثم الكاز، لا اتحدد بنوع واحد بل اعمل مع الازمات التي كانت هي بوصلة تحرك البحارة كافة". ويوضح "ففي فصل الشتاء مثلا يرتفع سعر النفط الابيض لحاجة الناس اليه فاعمل في بيعه، اما في الصيف فيرتفع سعر البنزين والكاز بسبب المولدات الصغيرة والكبيرة".
ويتابع ابن الحجيه حديثه عن مهنة بيع المشتقات بالقول "تطور الاعمال وتراكم الارباح وحاجتي للسرعة في التنقل اجبرني على ترك عربة الحصان وشراء تانكر صغير بسعة 6 الاف لتر، وهكذا استمر عملي لكن مع بعض المتغيرات في مصادر التهجيز".
وعن مناطق نشاط يوضح "هناك مناطق نفوذ في العاصمة بغداد، وتقسم وفق محاصصة معينة، فمثلا لا يحق لمجهز غريب الدخول الى منطقة معينة والبدء بتجهيز من يحتاج الوقود، بل هناك اتفاقيات لا تتبع احزاب او جهات حكومية او ما شابه بل تتبع من هو المتنفذ في هذه المنطقة"، لكنه يستدرك بالقول "الاونة الاخيرة شهدت مؤخرا تسامحا بين اصحاب الصهاريج بسبب زيادة العمل والطلب".
https://telegram.me/buratha

