مع دخول قضية الترشيق الوزاري في أجندة الحكومة، التي لم تكتمل بعد كابينتها الوزارية بغياب وزراء الأمن والدفاع، في حين لم يبق سوى 180 يوما على استحقاق الانسحاب الأميركي، بدأت الكتل السياسية المتصارعة تفكر بأسماء وزراء ووزارات مرشحة للحذف أو الدمج، وسط خشية الشارع العراقي من أن تدخل العملية السياسية القائمة على التوافق، في نفق اخر من محادثات المحاصصة، تحت مسمى جديد هو الترشيق الوزاري.
محمد سعدون الصيهود النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، يوضح لوكالة (أصوات العراق) أن "ترشيق الحكومة وحسب ما هو مخطط له من قبل رئيس الوزراء العراقي، يمر بـ 3 مراحل للوصول الى 25 وزارة كحد اعلى"، مبينا أن هذه المراحل تتضمن "تقليص وزارات الدولة، ودمج الوزارات المتشابهة بالاختصاص، وتوزيع الوزارات حسب الاستحقاق الانتخابي".
ويضيف الصيهود أن "نجاح العملية يتطلب أن يكون هناك اجماع بين الكتل على الترشيق الوزاري، فضلا عن وضع فترة زمنية لتحقيق ذلك وباتفاق الكتل"، لافتا إلى أن مسألة ترشيق الحكومة "ضرورة يفرضها الواقع العراقي، الذي لا يتحمل حكومة مترهلة بهذا العدد الكبير من الوزارات".
وتتشكل الحكومة الحالية من 42 وزارة، موزعة على الكتل السياسية حسب استحقاقها الانتخابي. ويعتقد مراقبون سياسيون ان معارضي المالكي، سيعتبرون خطوة الترشيق محاولة لتعزيز مركزه في الحكومة التي يرأسها، وذلك بالتخلص من الوزراء المنتمين للكتل السياسية الاخرى، وعلى رأسها القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، لكن ائتلاف دولة القانون يرى أن تلك الخطوة تستهدف إبعاد نحو 15 وزيرا بلا وزارة في الحكومة، دون التأثير على التوازن السياسي أو الأداء.
وقال علي العلاق؛ الأمين العام لمجلس الوزراء إن "رغبة رئيس الوزراء تنصرف إلى تقليل عدد الوزراء مع الاحتفاظ بالتوازن السياسي، وسيقتصر الأمر على استبعاد الوزراء غير الضروريين لا أكثر"، فيما أعرب المالكي في اكثر من مناسبة، عن عدم رضاه عن التشكيلة الحكومية، مبينا أنه اضطر للقبول بها بسبب التوافقات السياسية، وارضاء الشركاء.ويقول محمد سعيد، وهو صاحب محل لبيع الأثاث في بغداد الجديدة "ربما لا أنقل لك وجهة نظري فقط، لكني ومن خلال بعض النقاشات التي تجري مع زبائني، فإن الرأي العام السائد هو أن قضية الترشيق قضية صحيحة، لكنها ستأخذ وقتا أطول"، مبررا ذلك بأن "الجميع سيتقاتلون من اجل بقاء وزاراتهم خارج الترشيق، وستستخدم في ذلك الضغوط والتهديدات، وتدخل العملية بورصة المساومات السياسية؛ اقول لك حقيقة لقد ورطنا انفسنا بالمحاصصة، ومن الصعوبة التخلص منها بسرعة".
من جانبه، يذكر الاستاذ عصاد المحمداوي، وهو مدير مدرسة في منطقة الامين ببغداد "الآن يعترف السياسيون بأخطائهم التي جلبت الويل والمشاكل للشعب، تقاسموا السلطة في البداية على اساس طائفي وعرقي، ووزعوا الكراسي على هذا الاساس، والآن يريدون أن يرشقوا الحكومة.. اي منطق هذا؟"، مضيفا "أود أن يجيبني اصحاب القرار في البلاد، هل يستطيعون ان يخرجوا قضية الترشيق، التي هي مطلب شعبي على ما أظن، من معضلة المحاصصة التي دمرت العملية السياسية في البلاد؟ الواقع يقول اننا سنشهد فصلا جديدا من فصول الصراع بين المتخاصمين، وسؤالي الأخير: هل ستتخلى اي كتلة عن كرسي وزارتها بدون ثمن؟".
أما الطالبة في كلية الآداب رنا العبيدي، فتقول إن "السياسيين يريدون ان يحلوا مشكلة التخمة الوزارية التي جاءت نتيجة المحاصصة والتقسيم الطائفي الذي استمر اكثر من 9 اشهر، لينتقلوا الى مشكلة جديدة اسمها الترشيق".
وتعرب رنا عن اعتقادها بأن "عدم مغادرة مربع التقسيم المحاصصاتي والطائفي، سيبقينا في حالة انتقال من ازمة الى ازمة جديدة، وكل هذا يؤثر على ما يمكن ان تقدمه اي حكومة للمواطنين. ماذا استفدنا نحن كطلبة، من كل الحكومات التي توالت على الحكم بعد التغيير في 2003؟ تستطيع ان تسأل اي طالب ليجيبك: لا شيء".
وتتابع الطالبة "انا شخصيا مع ترشيق الحكومة وتخليصها من الترهل الذي تعانيه، لكن شرط ان تجري الامور بسرعة وتلتفت الحكومة الى مطالب الجمهور في توفير الخدمات وحل الازمات التي نعانيها مثل البطالة والفساد المالي والوضع الاقتصادي التردي".
بنيامين سمير، وهو عامل في صالون حلاقة وسط بغداد، يقول "ليفعلوا ما يشاؤون شرط ان يخلصونا مما نعانيه من ازمات. هل من المنطقي ان اعمل حلاقا أجيرا، وانا خريج كلية الادارة والاقتصاد منذ 4 سنوات؟".
ويضيف سمير "كان الحل امامي ان اتعلم المهنة من خلال دورة مهنية واعيل عائلتي، ولكني لم اقض 16 عاما في الدراسة لكي اعمل حلاقا. اذا كانت الحكومة مترهلة، فهم الذين صنعوها، واذا كانت رشيقة فهم من سيرشقها".
ويختم سمير بالقول "أعتقد ان الترشيق لن يجلب لنا جديدا، لأن الوزير سينتقل الى منصب آخر ربما يحصل فيه على مزيد من الامتيازات، لأن الاحزاب القابضة على مقاليد السلطة لدينا، تعتبر المناصب حقا مكتسبا لها، وبالتالي لن تفرط به بسهولة"
https://telegram.me/buratha

