عادت إلى العراق مؤخرا ظاهرة التفاخر بحمل المسدس، حسب ما يؤشر عدد لا بأس به من العراقيين الذين يصفون "ثقافة المسدس" بأنها "من أتعس ما مر على العراق من ترويع وخوف"، ويؤكدون أنها "وسيلة قمع كبرى وإن لم يطلق المسدس النار".
ويقول علي جواد (25 عاما) وهو طالب "لا يمكنني نسيان تلك النظرة التي القاها علينا ذلك الشاب بزيه العسكري، وهو يوقف سير المركبات في عز الظهر دون سبب وبلا امر".
ويتابع جواد "لم يكن ذلك الشاب العسكري جنديا في نقطة تفتيش، وانما ترجل من سيارة عسكرية مركونة عند الرصيف، واوقف السير وابتسم منتشيا بتعذيبنا مدة 5 دقائق".
محمود عبد السادة، وهو سائق تاكسي، يضع "اللوم على الاستخدام المفرط لقانون الطوارىء الذي جعل الجيش ينتشر بكثافة في الشوارع، الامر الذي ادى الى اندثار الكثير من القوانين الخاصة بالمرور، وتحول الضبط الى فوضى".
ويرى محمود، وهو خريج قانون وسياسة، ان "الخطورة تكمن في نسيان القانون وبالتالي تعطيله".
وعن تقييمه للسلوك العسكري في الشارع، يذهب إلى أنه "يبدو عشوائيا وبلا انضباط، وهناك استخدام لهيبة سلاح الدولة بشكل سيء"، مرجعا الى ان "الجنود في الغالب هم من الريف، ولا يملكون تحصيلا تعليميا كافيا فضلا عن شعورهم بالخوف".
أما الحاج داود، وهو صاحب مطعم أكلات سريعة في الباب الشرقي، فيتحدث عن "كثير من الشباب يسيرون في الشارع ومسدساتهم ظاهرة تحت قمصانهم المدنية، وهم في الغالب في العشرينيات من اعمارهم".
ويضيف الحاج داود "لا احد يسأل هؤلاء عن شرعية حملهم للسلاح، وهم يتعمدون اظهار ذلك لكسب احترام الناس، وشراء ما يحتاجونه باسعار زهيدة".
ويواصل الحديث بالقول "رأيت احد هؤلاء في مطعم، وهو يضع مسدسه بجوار الطبق الخاص بالخبز. ورأيت ايضا جنديا ينظف سلاحه اثناء الواجب، وهو يغلق نصف الشارع، ويعطي اشارات برأسه سامحا للسيارات بالمرور من نقطته الواحدة تلو الاخرى".
وفيما إذا كان الجندي يخضع وهو في الشارع إلى الضوابط العسكرية، يلجأ ضابط برتبة ملازم أول إلى الحديث عن موضوعات يعرفها كل من خدم في الجيش أثناء ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بشكل يفقده كثيرا من المصداقية.
لكن المحامي سعدون العبيدي يجيب على السؤال بالقول "لقد عاش الخوف طويلا في العراق، كبديل عن القانون والاشخاص الذين يمارسون (التخويف) اليومي، هم في العادة من المطبقين للقانون".
وبشأن العقوبات الممكنة التي يمكن أن يتعرض لها أولئك الذين يشهرون أسلحتهم في الشارع، وإن كانوا بزي الشرطة، يؤكد العبيدي أن "أي سلوك يخرج عن الضوابط هو عرضة للمساءلة القانونية. فإذا مارس الجندي التخويف العمد بلا مبرر، فإنه بحكم المدان على عمله هذا".
ويذهب الدكتور اثير عبد الرضا، إلى ان "الامر يرتبط بالشعور بالنقص؛ فالانسان ينزع الى الارتقاء والانتقال من حالة الضعف الى القوة، ومن حالة الخنوع الى حالة السيطرة، ومن حالة الاستسلام الى حالة التسلط، ومن حالة النقص الى حالة الاكتمال؛ فالغريزة الإنسانية لدى الإنسان هي غريزة السيطرة، وغايتها التخلص من الشعور بالنقص".
ويضيف الدكتور اثير ان "السلاح يلعب دورا مهما في مركب النقص، كونه قوة كبرى واحيانا سلطة مطلقة، وهنا ادعو الى الكشف النفسي على كل من يمكنه حمل السلاح، سواء في واجب امني او لسبب احترازي يبيحه القانون"، كي يتم تحديد "عدد المؤهلين لحمل السلاح
https://telegram.me/buratha

