انتقد نائب عن التحالف الوطني، السبت، وبشدة وزارتي النقل والتخطيط في الحكومة السابقة وشركة الموانئ العراقية لرفضهم طلبات الاستثمار التي تقدمت بها شركات عالمية لبناء ميناء الفاو الكبير، وفي الوقت الذي دعا وزير النقل الحالي هادي العامري إلى مراجعة جميع مذكرات التفاهم والعقود الموقعة بين الموانئ العراقية والكويت، حذر من أن العراق سينتهي تماما بتخطيطه الحالي لأنه سيكون بدون رئة وساحل وميناء. وقال النائب عن التحالف الوطني منصور التميمي في مؤتمر صحافي عقده، اليوم، في مبنى البرلمان، إن "بناء ميناء مبارك الكويتي الكبير بمواصفاته وتصميه الحالييين سيسبب ضررا كبيرا للموانئ العراقية من خلال غلق ميناء أم قصر ووصول المياه الضحلة اليه".وأضاف التميمي أن الميناء الكويتي "سيزيد من صعوبة دخول بواخر كبيرة الأعماق لمينائي أم قصر وخور الزبير وهو ما يعني أن شللا شبه تام سيصيب الميناءين، فضلا عن الضرر الكبير لميناء الفاو الكبير المفترض إقامته". وأعرب التميمي عن أسفه "لعدم قيام الحكومة العراقية بخطوة استباقية من خلال بناء ميناء الفاو الكبير بعد سقوط النظام في العام 2003 "، محملا وزارتي النقل والتخطيط في الحكومة السابقة المسؤولية عن ذلك "لرفضهما طالبات قدمت من شركة جوزيف حنا الشيخ وشركة هايلكرو لاستثمار لبناء هذا الميناء الكبير بقيمة 12 مليار دولار". وأضاف التميمي وهو نائب عن محافظة البصرة وضابط بحري سابق أن "شركة ناظم حنا الشيخ قدمت بعدها مع مجموعة شركات كورية طلبا للإستثمار بـ60 مليار دولار، وتم رفض الطلب أيضا"، لافتا إلى أن "الحكومة تبحث اليوم عن فرصا استثمارية جديدة بعد أن كانت الفرص مهيأة أمامها ورفضتها". وأشار النائب عن التحالف الوطني إلى أن "الفنيين والمختصين في وزارة التخطيط السابقة رفضوا أيضا دراسات كبيرة ووافية للاستباق ببناء الميناء بجهود عراقية وكلف بسيطة قدمت من قبل كابتن عراقي"، متسائلا عن "مبررات رفض الوزارتين السابقتين والبحث من جديد عن فرص استثمار أخرى لبناء الميناء بعد أن كانت جميع الأمور مهيأة". وأوضح التميمي أن "الموقع البديل المختار الآن للشركة الايطالية لبناء الميناء يخدم ميناء مبارك الكبير ولا يخدم الميناء العراقي، كونه يبعد 24 ميلا عن مدينة الفاو باتجاه ميناء مبارك بما يقدم خدمة كبيرة للميناء الكويتي بحسب رأي المختصين البحريين العراقيين"، مؤكدا أنه "من المفترض اختيار موقع في منطقة راس البيشة أسفل نهاية الساحل العراقي كونه موقعا مهيأ وممتازا". ولفت النائب عن التحالف الوطني أن "الموانئ العراقية حفرت قناة ملاحية تخدم ميناء مبارك الكويتي باستخدام المنحة اليابانية، وهذا فيه من الأسف والمرارة، كون المختصين البحريين العراقيين ومدير الموانئ يتكلمون اليوم بشكل فني"، متسائلا "أين كان هذا الكلام في العام 2005 حين استخدمتم المنحة اليابانية لبناء هذا الميناء وعندما أبرمتم مذكرات تفاهم في العام 2006 تمنح الشركات بناء خطوط سكك حديد وللنقل البري والمائي". ودعا التميمي وزير النقل الجديد هادي العامري "المتحمس" لبناء هذا الميناء إلى "محاسبة السيئين والفاسدين ومراجعة جميع مذكرات التفاهم والعقود الموقعة بين الموانئ العراقية والكويت، ومساءلة المختصين الفنيين في الموانئ العراقية عن أسباب عدم تقديم مبرراتهم لبناء هذا الميناء العراقي في العام 2005"، واصفا الأمر بـ"جريمة كبرى بحق الوطن والاقتصاد العراقي". وناشد التميمي "الحكومة والبرلمان العراقي لمساءلة وزراء النقل والتخطيط السابقين أسباب رفضهم المشاريع الاستثمارية بناء ميناء الفاو الكبير"، داعيا "وسائل الإعلام العراقية إلى طرح هذه المشكلة الكبيرة أمام الرأي العام العراقي كونها مشكلة ستدمر الاقتصاد العراقي". ولفت النائب عن التحالف الوطني إلى أن "الحكومة العراقية سترسل وفدا ثانيا إلى الكويت ليقدم تقريره إلى البرلمان العراقي لمناقشته".وحذر التميمي من أن "العراق بوضعه وتخطيطه الحاليين سينتهي تماما لأنه سيكون بدون رئة وساحل وميناء وهي جريمة كبرى بحق الاقتصاد العراقي"، مطالبا "البرلمانيين العراقيين إلى تحكيم ضمائرهم والتفاعل مع هذا الموضوع بشكل حقيقي". وأعتبر التميمي أن "عمل وزارة الخارجية بطيء وبحاجة إلى تفعيل لأهمية الموضوع لاقتصاد وأجيال العراق"، مشددا على ضرورة "مراجعة المذكرات التي أبرمتها الموانئ العراقية في الكويت في عامي 2005 و2006 إن كانت تتضمن السماح للكويت ببناء خطوط للسكك الحديد داخل العراق، كون الميناء الكويتي يصبح دون جدوى إلا في حال ربطه بسكك حديد داخل العراق".وكان وزير النقل العراقي هادي العامري قال خلال مؤتمر صحافي عقده، في الـ25 من أيار الماضي، في محافظة البصرة، إن قرار الكويت بناء ميناء مبارك الكبير قرب السواحل العراقية يعتبر مخالفا للقرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن المرقم 833، وأوضح أن الممر المائي العراقي سيكون ضمن الميناء الكويتي، مبيناً أن بناء الميناء يصل إلى الحدود المائية التي رسمها القرار 833 وفي الأمر ظلم كبير على العراق.وأبدت الكويت، في الـ28 من أيار الماضي، استعدادها للتنسيق مع العراق بشان بناء مينائي الفاو ومبارك دون الحاجة إلى معاهدات، فيما أكدت أنها أبلغت الوفد العراقي بجميع خلفيات مشروع مبارك الكبير والمعلومات الغائبة عنه. وأكدت السفارة الكويتية في بغداد في رسالة وجهتها إلى وزارة الدولة للشؤون الخارجية العراقية، في الـ26 أيار الماضي، أن بناء ميناء مبارك سيتم ضمن المياه الضحلة وداخل المياه الإقليمية الكويتية، وأشارت إلى أنه سيتم حفر قناة تؤهل المرور السلس بدون إعاقة باتجاه أم قصر، فيما اعتبرت أن إجراءاتها التي ستتخذها لبناء الميناء وفقا للقرار الأممي رقم 833 . وشرعت الكويت بإنشاء ميناء مبارك الكبير، في السادس من نيسان الماضي، بعد سنة تماماً من إعلان وضع وزارة النقل العراقية حجر الأساس لمشروع إنشاء ميناء الفاو الكبير العراق، ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التنمية الكويتي أحمد الفهد الى أن المشروع الذي تعاقدت على إنشائه شركة هيونداي الكورية، ينطوي على أهداف كبيرة، ويحقق آمال وتطلعات الشعب الكويتي، ومن شأنه أن يحول الكويت الى مركز مالي وتجاري على المستويين الإقليمي والعالمي ، فيما يرى مسؤولون وخبراء عراقيون ان الميناء الكويتي سوف يقلل من أهمية الموانئ العراقية، ويقيد الملاحة البحرية في قناة خور عبد الله المؤدية الى ميناءي أم قصر وخور الزبير، ويجعل مشروع ميناء الفاو الكبير بلا قيمة.ووضعت وزارة النقل العراقية في نيسان من العام الماضي 2010، حجر الأساس لمشروع ميناء الفاو الكبير الذي يحتوي بحسب تصاميمه الأساسية على رصيف للحاويات بطول 39000 متر، ورصيف آخر بطول 2000 متر، فضلاً عن ساحة للحاويات تبلغ مساحتها أكثر من مليون م2، وساحة أخرى متعددة الأغراض بمساحة 600 ألف م2، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للميناء 99 مليون طن سنوياً، فيما تبلغ الكلفة الإجمالية لإنشائه أربعة مليارات و400 مليون يورو، ومن المؤمل أن يتصل الميناء بخط للسكة الحديدية يربط الخليج العربي عبر الموانئ العراقية بشمال أوروبا من خلال تركيا، وهو المشروع الذي يعرف باسم "القناة الجافة".يذكر أن ملف الخلافات الحدودية والنفطية بين العراق والكويت، بدأ بعد أن قررت بريطانيا في العام 1961 منح الاستقلال للكويت، ورفض رئيس الوزراء الراحل عبد الكريم قاسم الاعتراف بها، ودعا حينذاك إلى ضم الكويت لقضاء البصرة، وعلى الرغم من اعتراف الحكومة العراقية التي سيطر عليها حزب البعث عام 1963 بعد إسقاطه نظام عبد الكريم قاسم، باستقلال الكويت بصفقة ذكر بعض المؤرخين أنها تمت في مقابل إعطاء الحكومة العراقية مبالغ مالية بسبب العجز الذي كانت تعانيه، إلا أن الرئيس السابق صدام حسين الذي ينتمي إلى الحزب نفسه، قرر في الثاني من آب عام 1990 غزو الكويت على خلفية مشاكل بشأن الحدود وترسميها والصراع على بعض الآبار النفطية.وأصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 833 في العام 1993 ينص على ترسيم الحدود بين العراق والكويت التي يبلغ طولها 216 كم عبر تشكيل لجنة دولية لترسيم الحدود بين الطرفين، الأمر الذي رفضه نظام الرئيس السابق صدام حسين أولاً، إلا أنه وافق عليه في نهاية عام 1994عقب ضغوط دولية، ويؤكد المسؤولون العراقيون أن ترسيم الحدود بين البلدين تم بالقوة، وأدى إلى استقطاع أراض عراقية من ناحية صفوان ومنطقة أم قصر، فضلاً عن تقليص مساحة المياه الإقليمية العراقية، فيما حث السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون العراق في 16 تشرين الثاني من العام الماضي،على الوفاء بالتزاماته تجاه الكويت، وبخاصة فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم (833) بشأن ترسيم الحدود بينهما للخروج من طائلة أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
https://telegram.me/buratha

