تغص شوارع بغداد بالآلاف من سيارات التاكسي الصفراء، التي تختلف مناشئها وجهات توريدها وموديلاتها، مسببة زحاما خانقا.
وبات من الواضح ان عدد سيارات التاكسي في بغداد يفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للعاصمة، حتى أن بعض المواطنين ذكر ان عدد سيارات التاكسي، أكثر بكثير من المواطنين الذين يحتاجون اليها.
مدير عام الشركة العامة لتجارة السيارات والمكائن عدنان رضا كريم، يكشف في مقابلة مع "العالم" أمس الأحد عن "تم توزيع 60 الف سيارة اجرة خلال العامين 2009 و2010". ويقول كريم "لم نكمل إحصاءنا للأعداد التي بيعت خلال النصف الاول من هذا العام في عموم العراق"، ما يعني ان هناك عددا اضافيا من سيارات التاكسي نزلت الى الشوارع، المزحومة اساسا بكميات هائلة من السيارات الخاصة، ومركبات النقل العام والحمل.
ويوضح كريم "حاولنا وضع آلية استيرادية للسيارات في العراق، ولكن وزارات اخرى دخلت على خط الاستيراد مثل الشركة العامة لصناعة السيارات"، مؤكدا ان "هناك عدة جهات مستوردة، وليس الامر كما في السابق عندما كان المورد الوحيد هو شركتنا".
وينتقد كريم طريقة استيراد "الجهات الاخرى" لسيارات التاكسي، التي لا تستند الى معايير فنية، ويضيف "نحن نستورد وفق مواصفات، وتحت اشراف لجان فنية للتأكد من ملاءمة المركبة للاجواء العراقية وللبنزين العراقي المليء بالرصاص، في حين ان باقي الوزارات او الجهات المستورة ليس لديها مثل هذه اللجان، وهي في الاساس غير مختصة باستيراد السيارات".
ويتابع "دخلت الى البلاد سيارات غير ملائمة لاجوائنا، وتشهد عطبا في محركاتها بعد قطعها اقل من 25 الف كيلو متر، وهذا استنزاف لاقتصاد البلاد". ويؤكد كريم ان "هناك فوضى في عملية التوريد والتسويق للمركبات داخل العراق"، مبينا "رفعنا مقترحا الى الجهات المعنية طالبنا فيه تشكيل لجنة من 11 عضوا يمثلون كل الجهات الرسمية المعنية بالشارع والسيارات، من الكمارك والمرور والبيئة والصحة وامانة بغداد.. الخ، ولكن لم يتم الاخذ بهذا المقترح ونجهل الاسباب".
لكن كريم لا يجد أي مشكلة في عدد السيارات الذي يدخل العراق، بل المشكلة في الشوارع، مشيرا إلى أن "عدد السيارات في العراق مقارنة بمساحته ونفوسه ليس بمشكلة، فاليابان مساحتها ثلثا مساحة العراق وتضاريسها عبارة عن جزر وصخور، ونفوسها نحو 125 مليون نسمة ولكنها تمتلك نحو 65 مليون سيارة".
ويذهب كريم إلى أن "هذا هو المهم، بل زادت اعداد السيارات وبلغ عدد سيارات المنفيست لوحده نحو 950 الف سيارة، في حين كان عدد السيارات في بغداد نحو 350 الف سيارة قبل احداث 2003، أي بزيادة 3 اضعاف ومع هذا الشوارع ضاقت ولم تتوسع وملئت بالحواجز الكونكريتية واغلقت العشرات منها".
ويرى أن هناك "تلهفا لشراء السيارات من قبل المواطن العراق، ففي قرعتنا الاخيرة التي طرحنا فيها نحو 103 نوع من السيارات، شهدت سيارة الاجرة (سايبا) تسجيل اكثر من 18 الف مواطن للدخول على قرعة اقتناء احداها، ولكننا عاجزون لوجستيا عن توفير طرقات ملائمة تستخدمها هذه السيارات".
من جانبه، يقول مدير الدائرة الفنية في مديرية المرور العامة اللواء عصام الراوي، إن "عملية دخول السيارات الى البلاد بمختلف انواعها، تحتاج الى اعادة دراسة ويجب ان تتم بموجب دراسات جدوى وحاجة، ويجب ان تكون هناك شروط للسيارات الداخلة"، مضيفا "على سبيل المثال يجب ان تكون هناك دراسة لحاجة البلاد من أنواع السيارات، مثلا من سيارات الحمل واي الحمولات نحتاج اكثر، والباصات كذلك ما هي الحاجة لفئاتها المتعددة، وباقي السيارات الخصوصي".
ويضيف الراوي "سيارات المكرو باص (الكية)، والتي هي الان بمثابة عصب النقل العام في البلاد، لا تتوفر فيها مواصفات السلامة المطلوبة لنقل الركاب، ومع كل الاسف لا يملك العراق الى الان نظاما للنقل الجماعي، وحتى اسطول الباصات الكبيرة التي كانت تستخدم لاغراض النقل العام اختفت، وان وجد عدد منها فهو اقل من الحاجة".
ويشير إلى أن "السيارات تدخل الآن بكثرة، وهي ليست بالمستوى المطلوب ولم تتحقق فيها المواصفة العراقية والكفاءة وعناصر السلامة للراكب، وهذا الطرح ينسحب حتى على السيارات التي وردتها الشركة العامة لتجارة السيارات والمكائن، فهي لا تملك مواصفات عالمية لأغلب ما استوردته من السيارات، واتحدى مدير الشركة العامة ان يقول لنا ما هي المواصفات العراقية المعتمدة؟". ويخلص الراوي إلى أن هناك "توسعا مبالغا به في استيراد السيارات، وفي بغداد وحدها تسجل نحو 500 سيارة يوميا، وهذا عدد كبير مقارنة بالطرق المتوفرة والمرائب التي يمكن ان تستوعب الاعداد المتزايدة من المركبات، وشركات الصيانة وخدمات ما بعد البيع، لذلك يجب اخذ هذا الموضوع بنظر الاعتبار".
https://telegram.me/buratha

