وكان السيد المالكي قد حمل رؤية عراقية الى قمة عمان تتمثل باربع نقاط هي تسليم الملف الامني للعراقيين، ونقل مهمة التدريب الى قوات عراقية، والسيطرة على غرفة العمليات، وتسليح الجيش بالاسلحة الثقيلة.
ويقول رئيس الوزراء: ان المباحثات اسفرت فضلا عن ذلك عن ثلاثة تحسينات على قرار الامم المتحدة 1546 بشأن بقاء القوات متعددة الجنسية في العراق حيث يفوض قرار مجلس الامن الجديد الذي يمدد فترة بقاء تلك القوات عاما اخر، يفوض الحكومة العراقية مسألة تولي الامن، وينيط بها مهام التدريب، ويعطيها الصلاحية التامة بالقيادة.
وتعد هذه النتائج كبيرة وحاسمة تساعد السيد المالكي على تنفيذ برامجه لتوسيع قاعدة الحكومة والسيطرة على الميليشيات وفي عمان قال المالكي: انه سيلجأ الى استخدام القوة ضدها اذا اقتضى الامر، ويلاحظ متابعون ان مباحثات القمة وفرت لرئيس الوزراء دعما سياسيا محليا واقليميا لمواجهة مشكلة الميليشيات التي يخضع موضوعها لسجال دائم بين فرقاء العملية السياسية في العراق. وتبدو نتائج قمة عمان مهمة على صعيد ترتيب الاوراق التي تسير عليها برامج الحكومة وتضييق الخناق على مجمل التحديات التي تواجهها، واثبتت ثقة البيت الابيض بالسيد المالكي الذي وصفه الرئيس بوش بالرجل القوي والمناسب ويرى محللون ان المالكي اجبر بوش على اعتماد الخطوات التي يؤمن بها، الامر الذي جعل نتائج القمة منسجمة مع الرؤية العراقية، ومتجاوبة مع مطالب المالكي.
ويقول النائب عباس البياتي ان المالكي حقق اربعة انجازات هي اولا: تهيئة المقدمات لتسلم الملف الامني، وثانيا التأكيد على ان حكومة الوحدة الوطنية هي الخيار السياسي في العراق، وثالثا رفض التدخلات الاقليمية، ورابعا اظهار اصرار السيد المالكي على التعامل الجدي مع الميليشيات. واضاف البياتي ان نتائج القمة ستظهر في غضون فترة قصيرة، وسيشهد المستقبل القريب انفراجا سياسيا واضحا كافراز ايجابي لنتائج القمة، واوضح ان القمة اتخذت مسارين هما: بوش - المالكي، ومسار الملك عبدالله - قادة الـكتل السياسية الحكيم ـ الهاشمي ـ علاوي. واكد ان هذا الحراك الذي هيأته القمة سيكون له بالغ الأثر على مستقبل العملية السياسية في العراق من جهة وعلى وضع حدود ملائمة لمشكلات سياسية تحتاج الى الجرأة والشجاعة وهما السمتان اللتان ظهر بهما المالكي في هذه القمة
ويتفق مع هذه الاستنتاجات ما قاله مستشار الامن القومي الاميركي ستيفن هادلي في تصريحات عقب انتهاء القمة نشرتها وكالات انباء امس ان تغييرات في السياسة الاميركية حيال العراق ستظهر خلال الاسابيع المقبلة، ولم يفصح هادلي عن طبيعة تلك التغييرات التي كانت سببا في خسارة الحزب الجمهوري للانتخابات كما قال الا انه اشار الى ان الرئيس بوش سيعلن تلك التغييرات في الوقت الملائم بعد اجراء النقاش مع القادة العراقيين للتأكد من وجود خطة متفق عليها بين الحكومتين العراقية والاميركية لتحقيق النجاح في العراق.
واضاف هادلي ان المسؤولين الاميركيين الذين شاركوا في لقاء بوش والمالكي في عمان خرجوا بانطباع ان لدى القادة العراقيين احساسا حقيقيا بضرورة العمل بسرعة. ويفهم من تصريحات هادلي ان التغييرات الاميركية المقبلة ازاء العراق ستصب جميعها في نقاط الرؤية التي حملها المالكي الى القمة والتي تصب بالدرجة الاولى في تسلم العراقيين للملف الامني واناطة مسؤوليات التدريب الى قوات عراقية فضلا عن تطوير الجيش افقيا وعموديا(تفاصيل موسعة ص2).ويأتي كل ذلك قبل ايام قليلة من موعد نشر تقرير مجموعة مساعدة العراق او ما يطلق عليها لجنة بيكر- هاملتون في السادس من الشهر الجاري والتي تسرب انه يقترح حصر دور القوات الاميركية بالاسناد والدعم اللوجستي اي ان يكون دورها ثانويا فيما تضطلع القوات العراقية بمكافحة اعمال التمرد والعنف الطائفي ومواجهة الميليشيات وتقول صحيفة الواشنطن بوست في عددها امس ان الصورة غير واضحة عما يقترحه التقرير في تحديد عدد القوات الاميركية ولكن ورد فيه ان عددها سيظل مرتبطا بتطور الظروف الميدانية وقدرة القوات العراقية.
وتشير الدلائل الى ان السيد المالكي اصر على تسلم الملف الامني وقال ان ذلك سيتم قبل شهر حزيران من العام المقبل، وفي حين تقترح لجنة بيكر على البيت الابيض سحب قواته من العراق - او السواد الاعظم منها حسب تعبير الواشنطن بوست قبل عام 2008 فان محللين اعتبروا ذلك نزولا عند مطالب المالكي.
جريدة الصباح
https://telegram.me/buratha