دعا سماحة السيد الحكيم (مد ظله) أبناءه الشباب المؤمنين إلى استثمار النعم الإلهية المتمثلة بالحيوية والنشاط للتوجه الجدي للتفقه بالدين ومعرفة الأحكام الشرعية لارتباطها الوثيق بحركة الإنسان الحياتية وتعاملاته اليومية، مشيراً سماحته إلى العديد من النصوص الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام التي تؤكد على أهمية الجانب الثقافي والديني.
وبيّن سماحته خلال استقباله لمجموعة من المؤمنين من أهالي قضاء الزبير بمكتبه في النجف الأشرف يوم الأربعاء 22 شوال 1427هـ، بأن حالة الانقطاع بين الحوزة العلمية وعموم الناس التي فرضتها السياسات الظالمة للنظام البائد قد أوجدت حالة من الجهالة وعدم المعرفة في الأحكام الشرعية بين صفوف المؤمنين.
وحث سماحته المؤمنين على المزيد من التواصل والاهتمام بالجانب الثقافي بعد تيسر السبل وانفتاح الأجواء، منبهاً إلى أن هذه الأواصر والروابط هي ما ميزت أتباع أهل البيت عليهم السلام عن غيرهم مما انعكس إيجابياً على ديمومة وبقاء قضيتهم عبر كل تلك القرون والظروف الصعبة التي مروا بها.وأشار سماحته إلى تراثنا الذي تتضمنه كتبنا ومصادرنا الموثوقة والموروثة عن أئمتنا الطاهرين عليهم السلام، هو محتوى للتهذيب والتعليم والكمال.
وفي جانب آخر، دعا سماحته إلى جمع الكلمة ووحدة الصف، وإصلاح ذات البين وتوحيد التوجهات، مشيراً في هذا الصدد إلى سعي أئمة الهدى عليهم السلام في ترتيب ما لدينا من تراث ضخم رصين، الذي يتضمن ويدعو إلى إشاعة روح المودة والتحابب بين المؤمنين.
كما أكد سماحته على ضرورة أن يكون انتظار المؤمنين للإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) دائماً ومستمراً وعلى بصيرة تامة من أمرهم، مشدداً في هذه الصدد إلى عدم تبني وأتباع الدعوات التي تظهر بين الآونة والأخرى مستغلة حالة التذمر السائدة من الأوضاع، ومحذراً سماحته المؤمنين من الانزلاق وراء الوقّاتين ومدعي المهدوية، بوجوب التثبت في الأمور وعدم الخروج عن المعقول في تقبل الدعوات الزائفة واستطرد سماحته قائلاً: "فهناك من يستغل شغف المؤمنين لظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لطرح مسائل وهمية غير مستندة إلى دليل غرضها إفساد عقائدنا في قضية الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)".
وفي مداخلة من أحد المؤمنين حول مفهوم الفيدرالية ومدى إفادته للبلاد خلال المرحلة الراهنة وما يمر به أتباع أهل البيت عليهم السلام من استهداف وحشي من قبل الأعداء في الداخل والخارج، أوضح سماحته:"ينبغي أن نعمل على المحافظة على مبادئ ديننا الحنيف وكياننا في حدود ما يمكننا عمله، مع ضرورة عدم نسيان ما جرى على المؤمنين طيلة الحقب الماضية، وتضحياتنا الكبيرة، وأهمية استثمار تقبل العالم واحترامه لتوجهاتنا العقلانية المستندة إلى مفاهيم راقية بعد أن كانت طي النسيان والتهميش والتشويه، وأن الواقع يقتضي اتخاذ خطوات عملية من شأنها الحفاظ على المكاسب والإنجازات المهمة من أجل تثبيت الكيان والمحافظة على هويته الإسلامية، وإكمال مسيرته، وعدم إعطاء الفرصة للأعداء لإعادة الأمور إلى سابق عهدها من الظلم والحرمان والتهميش. وأضاف سماحته بأن المفاهيم المطروحة يمكن أن توجد فارق نسبي بين ما هو متحصّل وبين ما كان عليه الوضع في العهود السابقة.
وحول المظالم التي تعرض لها أتباع أهل البيت عليهم السلام نبه سماحته إلى أن المظالم التي تقع على الشيعة غير ظاهرة للعلن أو مسكوت عنها، أما في الوقت الحاضر فقد تنبه العالم لمدى وحشية الآخرين وقساوتهم، وبيان مدى عقلانيتنا وبأننا نمثل الوجه الحقيقي للشريعة الإسلامية السمحاء. وأكد سماحته بأن أتباع أهل البيت عليهم السلام في صراع مستمر باعتبارهم حملة كلمة الحق والحقيقة، وأن التضحيات الجسام تصب في نهاية الأمر في مصلحة القضية وديمومتها.
واختتم سماحته حديثه بتأكيده بالقناعة التامة الراسخة بان العاقبة الحسنة لأتباع أهل البيت عليهم السلام، سائلاً المولى القدير أن يجعلهم أهلاً لرعايته ومحلاً لرحمته فإنه أرحم الراحمين وولي المؤمنين.
مكتب سماحة اية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
https://telegram.me/buratha