الأخبار

زوار مقبرة بديالى يروون في عيد الأضحى حكاياتهم مع الحب والحرب والموت


تعود نسبة كبيرة من القبور المجهولة الهوية لضحايا الارهاب الذي ضرب اغلب مدن محافظة ديالى بين عامي 2006-2007، ولهذا لا تخلو زيارة مقبرة الشريف في كل مناسبة من الأحداث والمفاجآت التي تسجل حضورا مميزا في ذاكرة الوافدين إليها فتبقى راسخة في الأذهان فبعضها مأساوي والبعض الآخر منها غريب ومثير أو يشع بالحياة والأمل وتنطلق منها آهات الحب والعشق.

وتقع مقبرة الشريف على الضفة الغربية، لنهر ديالى، ولا يفصلها عن المنطقة السكنية والتي تسمى ببعقوبة الجديد، سوى 100 متر تقريبا، وبالمقابل وفي مشهد لاستمرار الحياة، يطل على المقبرة مستشفى خاص بالولادة يسمى مستشفى البتول.

وهكذا، هرعت "السومرية نيوز"، وعلى مسافة ليست بعيدة في المقبرة التي تخضع لإجراءات أمنية مشددة لمنع حدوث أي خروق أمنية، للإطلاع على أحداث معركة حامية نشبت فجأة بين عدد من النسوة المتشحات بالسواد استخدمن فيها الحجارة والأحذية، قبل أن يتدخل بعض المحايدين لفك النزاع، لكي لا يتسع ويشمل الرجال أيضا.

ويكشف أحد شهود الحادث وهو سعدي جاسم، 40 سنة، تفاصيل وأسباب هذه المعركة، قائلا إن "فريقا من أولاء النسوة ينتمي إلى أسر أشخاص قتلوا على يد الجماعات الارهابية المرتبطة بالقاعدة فيما ينتمي الفريق الآخر إلى أسرة قيادي في تنظيم القاعدة الارهابي وتم قتله على يد القوات الأمنية المشتركة عام 2008 وهو متهم بقتل العديد من الأشخاص".

ويواصل جاسم في حديث لـ"السومرية نيوز" "وأدى تواجد هذين الفريقين اللذين يسكنان في إحدى القرى الجنوبية لمدينة بعقوبة بالصدفة في المقبرة إلى إحياء ضغائن الماضي القريب، ما أسهم في اندلاع معركة حامية بينهما".

وعلى مقربة من تلك المعركة، تناهى لـ"السومرية نيوز"، صوت النواح المؤثر لامرأة طاعنة بالسن تدعى أم إسماعيل وعمرها نحو 65 سنة أمام ثلاثة قبور، اكتشفنا أنها تعود لأبنائها الذين قتلوا على يد الجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة عام 2007 في بعقوبة"، كانت تردد كثيرا عبارة "اللهم انتقم من قاتلي أولادي وفلذات كبدي".

وبعد أن توقفت أم إسماعيل عن نواحها قليلا، قالت "لقد غير العنف المجنون الذي ضرب بعقوبة مستقبل مئات الأسر، ومن بينهم أولادي الثلاثة الذين تركوا خلفهم أكثر من 14 يتيما أغلبهم ما زالوا أطفالا صغارا ضاع مستقبلهم بمقتل آبائهم الذين كانوا يعملون ليلا ونهارا لتوفير المأوى والطعام لهم".

وفي لحظة غضب، قطعت الأم الثكلى نواحها المتواصل مرة أخرى لتؤكد "لقد قطعت وعدا على نفسي بأن ألبس السواد إلى آخر لحظة من حياتي ولن يدخل الفرح قلبي حتى أرى القصاص العادل وهو ينال من قتلة أولادي الثلاثة".

وللمتسولين هنا حكاياتهم أيضا..

وفي جانب آخر من المقبرة، تقف الطفلة حلا وهي في السادسة من عمرها بملابسها الرثة، على مقربة من أسرة جاءت تزور قبور موتاها في المقبرة وكانت تستجدي منهم علها تحصل على مبلغ مادي أو بعض الطعام مثل "الكعك" الذي تبادر إلى وضعه في كيس بلاستيكي لتقوم بنقله في نهاية اليوم إلى بيت أسرتها الكائن في أطراف مدينة بعقوبة.

وحلا التي جاءت منذ ساعات الفجر الأولى إلى المقبرة، ترى أن "ذوي الموتى عادة ما يكونون أكثر كرما مع الفقراء"، وتضيف أن "إكرامياتهم المادية تصل إلى مبالغ جيدة، حتى إن إحدى الأسر أعطتني ورقة فئة 20 دولارا دفعة واحدة".

ولم تكن حلا لوحدها، كانت تقف على مسافة منها أمها وتدعى نسيبة مصطفى، وعمرها 36 سنة، وهي تستجدي أيضا قرب قبر وضعت فوقه أعواد البخور، وتقول لـ"السومرية نيوز"، "هذا هو قبر زوجي العزيز على قلبي، والذي قتل بأحداث العنف عام 2006 وترك لي ستة يتامى صغار أغلبهم الآن يتسولون لتأمين لقمة الخبز".

وتتابع "كنت أعيش حياة كريمة قبل موت زوجي والذي قلب حياتي رأسا على عقب"، وبعد أن انسكبت دمعة على خدها تأثرا "لذا أنا أجلس الآن جوار قبر زوجي لكي أشعر بالأمان قربه وأتحدث إليه طويلا عما جرى لي بعد فراقه".

مقبرة الشريف.. من أكبر مقابر ديالىبدوره، يلفت أحد مسؤولي مقبرة الشريف ويدعى غانم جواد القيسي في حديث لـ"السومرية نيوز" إلى أن "المقبرة تشهد توافد آلاف الأسر من جميع مناطق محافظة ديالى ففيها أكثر من 30 ألف قبر واعتادت أغلب الأسر على دفن موتاها هنا منذ أجيال طويلة جدا".

ويعتقد القيسي أن المقبرة المحاذية لنهر ديالى من الجهة الغربية "تعد أكبر مقابر محافظة ديالى، وقد اتسعت بشكل لافت بعد أحداث العنف الدموية خلال الأعوام الماضية نتيجة الحجم الكبير لعدد القتلى في صفوف المدنيين".

وتنتشر في محافظة ديالى أكثر من 18 مقبرة مختلفة الأحجام من منطقة إلى أخرى، إلا أن التوتر الطائفي أسهم في جعل بعض هذه المقابر مقتصرة على دفن موتى طائفة دون أخرى، إلا أن الأمر بات ينخفض بشكل تدريجي بعد نجاح المصالحة الوطنية في تقويض الفجوة التي خلقتها أعمال العنف وعودة الأمان إلى اغلب مناطق المحافظة في الفترة القريبة الماضية.

يقع معظم تلك المقابر على مقربة من الأحياء السكنية، وتشهد خلال فترات الأعياد توافد الكثير من الناس، إ1ذ تتوجه النساء إلى بكاء أحباءهم عند قبورهم، فيما يتوجه الأطفال والشباب إلى ما يسمى بـ(الفرجة) هو الجانب الآخر من المقبرة حيث ينتشر باعة لعب الأطفال والأكلات الشعبية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك